|
عين المجتمع سمعت , وسمع الحي بأكمله صرخة الأخت الصبية , تبكي بصوت دمعة خانتها ولم تسقط كما جسدها الذي تهاوى بين احضان صديقاتها .. كنانة , التي استشهد أخوها , قمة وجعها لم تكن في تلقي الخبر , فقد كانت تتوقع كل صباح يستيقظ فيه « كرم » ويرتدي بدلته العسكرية ويحمل بندقيته , بأنه يتمنى الشهادة وينتظرها .. كنانة , كان وجعها أنها لم تودعه في المستشفى , لم تره شبه حي في آخر لحظاته .. لم تره وآلة الأكسجين تضخه - رغم رصاصات رأسه - بالحياة !! لم تلمس لآخر مرة حرارة يده التي لن تصافحها مرة ثانية . التاسعة صباحا , توقيت لن تنساه يوما أجندة ذاكرتها , وأنا التي كنت شبه حاضرة في تاسعة وجعها , كسرني أنينها , وبلاغة حزنها , مفردات هنهنتها لأخيها الشهيد وعتابها الأنثوي في حضرة رجولة والدها , الرجل الذي قسم ظهر قامته سؤال ابنته كيف لم يصحبها لغرفة انعاش شقيقها .. لأننا , لا نشبه بعضنا في ساعة توثيق ألمنا , أردت من ذكرى استشهاد (كرم) ايصال التحية لكل والدة وأب وأخت شهيد .. لكل يتيم صادف أن زاره يوم السادس من أيار وصار هذا العيد يعنيه .. لأن الأربع والعشرين من روزنامة يومنا , كل ساعة فيها تخص عائلة شهيد بطقوس فقد وحنين !! ففي الواحدة ظهرا كان خبر استشهاد أيهم وفي الثامنة نبأ ارتقاء مؤيد , وفي الثامنة والنصف صباحا جاء خبر جواد وعطا وعيسى وسلطان , وفي التاسعة كما كان نبأ وفاة كرم , كان في الحي المجاور والقرية المجاورة وشمال شرق حلب وادلب , وفي طرطوس وحمص والسويداء في كل المحافظات السورية صار أن جمع العلم السوري جثمان أكثر من شاب , وليتني أستطيع استحضار كل الأسماء.. لأن الشهادة قمة قمم التضحيات لأن الوطن يستحق في أزمته قمة العطاء لأن الروح ترخص أمام خارطة البلاد لأن أم الشهيد أجمل الأمهات.. يليق بهم روزنامة عيد , ويليق بالوطن النصر والأمن والسلام لطالما روته دماء ملونة من أبنائه الشباب . كل «عيد شهداء» ووطننا بألف خير وسلام ولذاكرتنا طول العمر ولسورية البقاء .. |
|