تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


على إيقاع الجاز

فضاءات ثقافية
الثلاثاء 23-7-2013
كانت أفعال الطاغية سوموسا من قتل وتعذيب ووضع بلد بأكمله في القيود كفيلة بأن تثير غضباً شعبياً عارماً وتجعل الشاعر ريغوبيرتو رودريغس لوبيس يفكر جدياً في وضع حدّ لكل هذا الطغيان.

ففي الرابع من نيسان 1954، اغتال الحرس القومي اثنين من أصدقائه مع غيرهما من العسكريين والمدنيين المتمردين الذين كانوا يعدّون كميناً للديكتاتور، كما أن قرار سوموسا بتمديد ولاية ثانية للحكم رغم أنف الشعب الذي بدأ يضيق ذرعا بحكمه الاستبدادي، شكّل دافعاً مباشراً للشاعر كي يتحرّك، من منظوره الشخصي، لتخليص بلاده من ذلك البلاء.‏

في الحادي والعشرين من أيلول عام 1956، تمكّن الشاعر من التسلّل إلى الحفل الّذي كان مُقرّراً أن يجري فيه إعلان ترشيح الديكتاتور لولايةٍ جديدة في كاسا دل أوبريرو في مدينة ليون التّاريخيّة، وبينما كانت الأروكسترا تعزف الجاز، أطلق بيريس خمس طلقات من مسدس، كانت كفيلة بأن تضع حداً لطغيان الديكتاتور الذي تُوُفِّيَ بعد عدّة أيّام متأثراً بجراحه في أحد مستشفيات بنما، حيث أرسل له الرّئيس الأميركي آيزنهاور طائرةً خاصّة كي تؤمّن نقله. أمّا بيريس الّذي وصفه آيزنهاور ب «قاتل صديقِ الولايات المتحدة»، فقد أصبح رمزاً قومياً للشّعب النّيكاراغوي الّذي حكمه سوموسا بالدّم والنّار.‏

ويعرف كثير من النيكاراغويين الشّاعر بوصفه بطلاً استثنائيّاً. فالشّاب الذي لم يكن استثنائيّاً في حياته كان كذلك في موته، إذ لم يُعرف عنه انتماؤه إلى أي حزب سياسي بل وصفه كثير من المقرّبين بأنه «شخصٌ رومانسي لطيف ومثقّف، يلعب كرة القدم في الإجازات ثم يعتزل في غرفته كي ينكبّ على قراءة الكتب والشعر وخصوصاً أشعار داريّو أو سماع موسيقا بيتهوفن»، وإضافةٍ إلى كونه شاعراً فقد كان موسيقيّاً وصحفيّاً وعازف كمانٍ ومُلحناً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية