|
دراسا ت والقرى الفلسطينية مشابها لهجوم واشنطن على أفغانستان, كما اعتقلت أعدادا كبيرة من الفلسطينيين بدعوى أنهم ارهابيون مقلدة بذلك اعتقال القوات الأميركية لأعداد كبيرة من طالبان وتنظيم القاعدة وكما نعلم جميعا أن اسرائيل هي أكثر من استغل أحداث 11 أيلول لتحقيق مآربها وتصفية خصومها تحت الشعار الذي رفعته الولايات المتحدة بمحاربة الارهاب الدولي, لذا فكلما أقنعت إسرائيل العالم بالتشابه بين الحالتين كان هذا في صالحها..رغم سذاجة الفكرة طبعا وكانت اسرائيل قد نقلت المئات من المعتقلين الفلسطينيين أثناء حملتها العسكرية الوحشية في الأراضي الفلسطينية من معسكر (عوفر) للجيش الاسرائيلي بالقرب من رام الله الى سجن (كيتزيوت) في صحراء النقب والمعروف بقسوته البالغة, وكانت الحكومة الاسرائيلية قد أغلقت هذا السجن في أعقاب توقيع اتفاق أوسلو للسلام مع حكومة رابين. لكن شارون أعاد فتحه لاستيعاب آلاف المعتقلين الجدد, وكان سجن كيتزيوت قد خصص في السابق للمعتقلين من أبطال الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام ,1987 وقد احتج عدد من منظمات حقوق الانسان على الأوضاع البالغة القسوة في هذا السجن المكون من خيام مكتظة بالسجناء الذين يعانون من الحرارة المرتفعة في النهار والبرودة القارسة في الليل. وهذا السجن نال شهرة كبيرة في أوساط الفلسطينيين الذي باتوا يقارنونه بسجن الخيام في جنوب لبنان الذي يعتبر من أسوأ السجون الاسرائيلية بشاعة والذي انتشرت سمعته عالميا أيام الاحتلال الاسرائيلي للجنوب اللبناني, وتقول بعض منظمات حقوق الانسان إن سجن (كيتزيوت) لا يلبي أبسط المستويات التي حددتها الأمم المتحدة للسجون, لأن المعتقلين يعيشون في خيام وينام أكثر من نصفهم على الأرض حيث تنتشر الأفاعي والعقارب السامة بذريعة أن هؤلاء ليسوا سجناء حرب بل ارهابيون..تماما مثلما قالت واشنطن عن السجناء في معسكر غوانتانامو لكي يعفي الطرفان الأميركي والاسرائيلي نفسيهما من الالتزام بأي معايير دولية لمعاملة سجناء الحرب. يقبع أكثر من 7500 أسير فلسطيني في السجون الاسرائيلية, وقد أمضى بعضهم سنوات طويلة في تلك السجون, ويعاني هؤلاء أوضاعا مأساوية, وتمارس معهم شرطة السجون أبشع حالات لتنكيل والحرمان من النوم, وتزرع في صفوفهم جنودا من وحدة مخابرات خاصة تسمى وحدة (الماسادا) حيث يحاول أفرادها الحصول على معلومات عن أسرار المقاومة ورجالها بطرق غير مباشرة من هؤلاء السجناء, واسرائىل هي الوحيدة في العالم التي شرعت التعذيب وجعلته في إطار القانون, وأعطته غطاء قانونيا من السلطات القضائية فيها, فالمعسكرات تفتقد الى الحد الأدنى من الشروط الانسانية والمعيشية, حيث يعاني الأسرى من الاهمال الطبي والنقص في المواد الغذائىة والملابس ومن انعدام النظافة ومن اعتداءات الجنود اضافة الى حرمانهم من المواد الثقافية الترفيهية وغيرها..اضافة الى العقبات أمام زيارة المحامين والمؤسسات الحقوقية لهم. المجتمع الدولي بدوره تجاهل لفترة طويلة هؤلاء السجناء ولم تطبق بحقهم المعاهدات الدولية الخاصة بمعاملة السجناء وكالعادة فقد عوملت إسرائيل في هذا الجانب معاملة من يتمتع بحقوق وامتيازات تخوله خرق جميع القوانين والأعراف الدولية الملزمة, والعجيب أن الصحافة الأميركية تنشر مقالات مطولة تنتقد فيها سياسات الولايات المتحدة ووزارة دفاعها في معاملتها للسجناء العراقيين في سجن أبو غريب, أو حتى في السجون الأميركية في أفغانستان ولا تجرؤ على النطق بهمسة نقد واحدة تجاه ما يفعله شارون وحكومته بحق الفلسطينيين. وبينما يتبجح وزير الأمن الاسرائىلي بعدم اكتراث حكومته بمصير الأسرى, تحاول سلطات السجون ممارسة أشكال من الحرب النفسية والهمجية ضدهم, حيث نقلت الصحف العربية عن أن بعض السجانين يقومون بشواء اللحوم بالقرب من زنزانات الأسرى للضغط النفسي عليهم كي ينهي هؤلاء صيامهم الاحتجاجي, كما تقوم سلطات الاحتلال بابتزاز هؤلاء الأسرى وفرض أتاوات مالية عليهم. والحقيقة أن الفلسطينيين بأكملهم يعيشون حالة من الأسر الجماعي, فالمدن مغلقة والقوات الاسرائىلية تحيط بها وبالقرى من كل جانب, كما تقتل من تشاء وتأسر من تشاء وتضرب المنازل من الجو وتقتل الأبرياء في سياراتهم وفي الشوارع متى أرادت. وربما تساءل العديدون عما يمكن عمله في الوقت الحاضر لكبح جماح الطغمة العنصرية الحاكمة في اسرائىل وأول هذه الأمور هو تحريك المنظمات الدولية الخاصة بشؤون الأسرى مثل الصليب الأحمر الدولي وغيره, للضغط على اسرائىل لمعاملة هؤلاء الأسرى كأسرى حرب حيث أن محكمة العدل الدولية قد أعلنت مطلع الصيف الماضي أن المناطق العربية المحتلة, هي مناطق محتلة في نظر القانون الدولي, وبالتالي فإن على سلطة الاحتلال أن تلتزم قانونيا بالمعاهدات والقوانين التي وقعتها في هذا الشأن وإلا وقعت تحت مساءلة دولية. أما النقطة الثانية أن تقوم الجامعة العربية بمكاتبها ومندوبيها في أربع عشرة دولة مؤثرة بحملة عالمية للمطالبة بحماية حقوق هؤلاء السجناء وتطبيق القوانين الانسانية الدولية بحقهم وقد طالب الأمين العام للجامعة العربية بتشكيل لجنة دولية للوقوف على أحوال السجناء الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية.ولعلنا نذكر في السبعينيات من القرن الماضي كيف أن الآلة الدعائىة الاسرائىلية كانت تستغل منع الاتحاد السوفييتي السابق لهجرة العلماء والمهندسين الروس من اليهود الى اسرائىل وهنا يمكن بالمثل تبني شعارات بسيطة كرمز لهذه الحملة ويمكن اطلاق شعار (أطلقوا سراح أبنائنا) كأحد الرموز لهذه الحملة. الأمر الثالث استغلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة للتركيز على موضوعات السجناء والمستوطنات الاسرائىلية والجدار العازل, لاستصدار قرارات جديدة من الجمعية بحق اسرائىل, أول هذه القرارات وربما أبسطها هو منع بيع الأسلحة لاسرائيل أو شراء الأسلحة منها, وهناك مطالبات أخرى أكثر تطورا ومنها اعتبار اسرائىل (مارقة) في عرف القانون الدولي, ومع أن مثل هذا القرار سيكون متطورا إلا أن ضغط الدول العظمى المتعاطفة مع اسرائىل سيحول دون استصداره في الوقت الراهن,نقول هذا رغم أن هناك الكثيرين ممن فقدوا الايمان بقدرة القانون الدولي على التجاوب مع قضايانا القومية العادلة. وحيث أننا لا نملك بدائل كثيرة في مجالات التأثير المختلفة فإن استخدام الوسائل القانونية ربما كان أضعف الايمان, لقد نجحت الضغوط الفلسطينية في الماضي في اطلاق سراح بعض السجناء الفلسطينيين, ولعلنا نذكر كيف أن الضغوط الفلسطينية والدولية قد أجبرت حكومة شارون نفسها على اطلاق سراح 339 سجينا فلسطينيا في العام الماضي, علما بأنها أوقفت حوالى 32 ألف أسير في معتقلاتها منذ بدأ الانتفاضة وحتى الوقت الحاضر. إن الشعوب تريد الحرية وتطالب بها والشعب الفلسطيني مثله مثل كل الشعوب الأخرى سيحصل إن عاجلا أم آجلا على حقوقه, وإن طال الزمن وهو يحتاج الى دعم كل محب للسلام والعدل في أرجاء العالم المختلفة وكل ما يحتاجه هو وقفة تحية واجلال وتعاطف مع الأسرى الفلسطينيين في محنتهم الحالية. . |
|