تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مشكلات العربيات...وحوار حول تداعيات المرأة في الإعلام

مجتمع
الأربعاء 15/6/2005م
أجرت اللقاء: ميساء الجردي

المرأة التي عجزت الإنسانية أن تجد لها بديلاً يملأ الفراغ الذي تتركه,هل استطاع الإعلام العربي أن يخاطب عقلها وإنسانيتها ضمن مؤشرات طبيعية تعكس صورتها ودورها الإعلامي في الحياة العامة وفي المهنة السامية.

هذا الأمر أثار نقاشاً عميقاً بين عدد مميز من الصحفيات والإعلاميات والصحفيين والإعلاميين والخبراء والمختصين من كل الدول العربية في ندوة (المرأة والإعلام) التي عقدت بالقاهرة بتنظيم مشترك من كل من منظمة المرأة العربية والاتحاد العام للصحفيين العرب.‏

ريش¯¯ة: لم نعانِ من العمل في الصحافة!‏

الزميلة الصحفية تغريد ريشة التي عرفناها كاتبة للقصة ومعدة لبرنامجي المرأة والمجتمع وأخبار المرأة في إذاعة دمشق ومن خلال مقالاتها المتنوعة في مجلة المرأة العربية والصحف الرسمية شاركت في هذه الورشة وكان لها حضورها كممثلة للمرأة الصحفية السورية, ولتسليط الضوء على أهم المواضيع التي تم تناولها في الندوة (الثورة) تلتقي السيدة تغريد وتجري معها الحوار التالي:‏

> كيف شخص الحضور محتوى صورة المرأة في الإعلام العربي, وما المطلوب من المرأة الصحفية اليوم حسب اعتقادك?‏

>> هذا الأمر يتعلق بدور الإعلام في دعم قضية المرأة, وقد انقسم الحضور حول هذه القضية إلى أكثر من فريق فالبعض أشار إلى أن الاعلام ينقل صورة مشوهة وغير حقيقية عن المرأة العربية, فضلاً عن كونه نخبوياً يهتم كثيراًبصورة المرأة النموذج ولا يناقش القضايا الخاصة بكل شرائح النساء في المجتمع, هناك من أشار إلى أن نكون انتقائيين في أحكامنا وأن نعترف بأن الفترة الأخيرة تضمنت ايجابيات كثيرة في محتوى الرسالة الاعلامية خاصة فيما يتعلق بقضايا (التعليم والصحة, والعنف ضد المرأة, والمشاركة السياسية..الخ) في حين أكد فريق آخر أن هذه الإيجابيات مظهرية واحتفالية تأتي بمناسبة اهتمام مرحلي بموضوع معين تمليه أجندة خارجية بطريقة لا تساهم في تحقيق الغرض من الرسالة الاعلامية, إضافة إلى وجود حالات تكون فيها الايجابيات مجتزأة , مبعثرة, لا رابط بها بما لا يسمح بمتابعة تطويرها.‏

وأعتقد أن أهم ما يجب أن ينجز اليوم هو البحث عن الخبر الساخن وتعزيز الخدمات وإيجاد رابطة بين الصحفيات بما يشبه اللقاء ¯¯ معلن أو غير معلن ¯ لتقديم تجارب وخبرة ممن مضى على عملهم عقود, للصحفية المبتدئة أو التي تخرجت من الكلية دون خبرة ميدانية بحيث توفر عليها مشقة نصف الطريق حول معرفة مفتاح قضايا المرأة في الاعلام وغير الاعلام كما أنه يتوجب على لجنة المرأة الصحفية أن تقدم الرعاية والمشورة من خلال ندوات ودورات تخصصية وإيجاد مقر يمكن الصحفية من الاستنجاد به في قضايا المهنة.‏

> ما الذي تسبب في تشكيل هذا المحتوى وكيف ناقشت الندوة موضوع السياسة الاعلامية من حيث تناولها لموضوع المرأة في الإعلام?‏

>> من أهم الأفكار التي طرحت في هذا المجال هو عدم وجود سياسة اعلامية واضحة فهي لا تنبع من أولويات الواقع المحلي, كما أنه لا توجد رؤية عامة تتعلق بشكل المجتمع المستهدف تحقيقه وبالتالي لا توجد رؤية بموقع المرأة داخل هذا المجتمع, إضافة إلى أن السياسة الاعلامية العربية فشلت في التصدي لتحديات العولمة التي أحد مظاهرها ¯¯ استغلال المرأة كأداة للجذب وللترويج للسلع الاستهلاكية, ويرتبط بذلك الاعلام الجاهل بالمتلقي ويفترض مسبقاً أن الجمهور يرغب في أن يرى المرأة في هذه الصورة السلبية.‏

وأشار المجتمعون إلى أسباب أخرى تتعلق بالموروث الثقافي والاجتماعي وبحقوق المواطنة (رجلاً أو امرأة) وعدم قناعة الكثير من الاعلاميات في القضية.‏

> من المعروف أن البيئة الاعلامية متموجة وتنبت فيها المشكلات, فما الذي يزيدها تعقيداً بالنسبة للاعلامية العربية? أي ما مشكلات الصحفيات العربيات?‏

>> هناك الكثير من القضايا التي أثيرت بخصوص هذا الموضوع واستطيع إيجاد البعض منها:‏

أولاً: تعدد الأدوار المطلوب من الاعلامية القيام بها ما لا يتيح لها فرصة حقيقية للتمييز, فالعمل الاعلامي له معالم وصفات ومتطلبات خاصة تختلف عن المهن الأخرى ما يجعل مشكلة تعدد الأدوار متفاقمة للاعلامية, وهذه الخصوصية تنبع من واقع أنه عمل ليس له مواعيد ثابتة أو مكان ثابت وفيه قدر كبير من الاختلاط غير المحكوم ما يضاعف في عبءدورها الاجتماعي.‏

ثانياً: انعدام العدالة حيث تعاني الاعلامية منذ خطواتها الأولى من تمييز ضدها مثل توجيهها إلى أقسام وقطاعات معينة لا تتيح لها فرصة الترقي وأيضاً التمييز ضدها في السفر إلى المؤتمرات أو تغطية الاحداث الهامة داخل قسمها, إضافة إلى عدم التوازن في توزيع المراكز القيادية وسيادة الثقافة الذكورية مضافاً إليه تقاعس جماهير من الاعلاميات عن المطالبة بحقوقهن.‏

> هل تتشابه هذه الظروف والمشكلات في جميع الدول العربية وهل هناك خصوصية للاعلامية السورية?‏

>> هناك خصوصية فقط للاعلامية الفلسطينية والعراقية كونها تحت ظروف الاحتلال, وما عدا ذلك فالجميع يبحث في قضايا الموروث الاجتماعي والثقافي ومهام المرأة الأم والأسرة, وأيضاً مسألة المظهر فالمجتمع لا يقبل الصحفية العربية إلا في أبهى زينة وفي مظهر لائق كسيدة أعمال, وكنت حريصة أثناء هذه المناقشات على ذكر أن اتحاد الصحفيين ورؤساء المؤسسات الاعلامية لم يشيروا بأي قرار يميز المرأة الصحفية السورية عن الرجل, ولكن تعدد مهام المرأة يجعلها تقبل بماله علاقة بالأسرة والمجتمع, فالصحفية السورية أبدعت في قضايا الصحة الانجابية, الطفولة, المساواة, والنوع الاجتماعي وبمجمل القضايا الاجتماعية.‏

> ما ورقة العمل التي قدمتها الصحفية تغريد كمندوبة سورية في هذه الندوة?‏

>> تناولت في مداخلتي موضوع المساواة (ذكور وإناث) فنحن في سورية لا نعاني من القوانين, جميعنا متساوون في الأجور وفي قرارات العمل, ولكن يبقى أن نجد المرأة التي تخرج من باب الصحافة المجتمعية ( الأمية ¯¯ الطلاق ¯¯ تغذية الأطفال ¯ .الخ) الأمر الذي لا يعطيها الأولوية لكي تكلف بموقع صحفي قيادي, ومع ذلك فهناك الكثير من الأمثلة الايجابية .‏

ففي اتحاد الصحفيين تتفوق النساء في رئاسة اللجان المهنية فهناك خمس صحفيات من أصل سبع وتترأسهن نساء ولدينا مديرة تلفزيون ومديرتا إذاعة وعدد لابأس به من مديري أقسام من العنصر النسائي, ونحن لا نعاني من العمل في الصحافة فالفرص متاحة للجميع ولكن تعدد مهام الصحفية الزوجة والأم هو الذي يؤثر على دورها إذ لا يقبل المجتمع إمرأة ناجحة في العمل ولا تتفانى في خدمة اسرتها.‏

وعلينا أن نعزز من الخدمات التي تقدم للأمهات وتقديم العون للصحفيات الجديدات كي يختصرن مراحل من التعب.‏

> ما الآليات التي ينبغي تقديمها لوسائل إعلامنا المختلفة لدعم قضايا المرأة? أي وباختصار ما أهم التوصيات التي نتجت من واقع المناقشات?‏

>> يوجد عدد كبير من التوصيات وسوف أذكر بعضها:‏

أولاً: إنشاء مرصد إعلامي عربي لخدمة المرأة العربية وقضاياها ومهمته دراسة مضامين الأدوات الاعلامية ورصد ما تنقله من صور عن المرأة العربية ¯ وأن يكون القائمون عليه معايشين الواقع الإعلامي ويرصدونه بسلبياته وإيجابياته .‏

ثانياً: إجراء بحوث متخصصة عن الرسالة الاعلامية ومضمونها وعن القائمين عليها وعن المتلقي لها ورغباته واحتياجاته وإيجاد وسائل لتفعيل نتائج هذه البحوث ووضعها موضع التطبيق.‏

ثالثاً: أن يكون لهذه البحوث بعد عربي يوفر قاعدة للمقارنة وأن تحقق من خلالها نوعاً من الترابط والتواصل بين الإعلاميين الأكاديميين والإعلاميين المهنيين.‏

ومن التوصيات أيضاً تبني دورات تدريبية في مجال استخدام التكنولوجيا والاتصالات والمعلومات ودورات توعية للإعلاميين لزيادة وعيهم بقضايا المرأة العربية وبأهمية أن تكون شريكاً في عملية التنمية وانخراط الإعلاميين بجدية وكثافة في عملية الإصلاح السياسي والدستوري التي بدأتها المجتمعات العربية لأنها ستؤدي بالضرورة إلى إصلاح أوضاع المرأة.‏

> في نهاية هذا اللقاء هل من ملاحظات شخصية حول القضايا التي تمت مناقشتها بشكل عام?‏

>> أحب أن أقول: إن الورشة كانت على درجة عالية من الرقي وحسن الإدارة والصحفيات كن متفاهمات على معظم النقاط إلا أن هناك عدداً كبيراً من الأكاديميات أكثر من عدد الصحفيات المهنيات ما خلق توصية غير مكتوبة كي يتم تلافي هذا الأمر لاحقاً وإقامة ورشات قطرية لرصد مشكلات المرأة الإعلامية ميدانياً.‏

وأحب أن أنقل الصورة الإيجابية والاحترام لسورية قيادة وشعباً كما وجدته في أوساط الإعلاميين المصريين والشعب المصري حيث تم التعبير عن ذلك أكثر من مرة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية