تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في الأمسية البيئية لنقابة المهندسين...واقع مقلق في ريف دمشق .. و مليارا ليرة قيمة الورق المعاد تصنيعه سنوياً..

بيئة
الأربعاء 15/6/2005م
قاسم البريدي

ثلاثة محاور هامة تطرقت إليها الأمسية البيئية التي أقامتها يوم الأحد الماضي نقابة المهندسين بريف دمشق هي : واقع البيئة في محافظة ريف دمشق وإعادة تدوير الورق في سورية وتجارب عالمية في العمارة الخضراء .

وأثارت هذه المواضيع نقاشا هادئا بين الحضور من مهندسين وإعلاميين وممثلي الجمعيات البيئية والمهتمين وذلك بحضور نقيب المهندسين في سورية وريف دمشق وممثلين عن المحافظة والبلديات والقطاعين العام والخاصة .. وفيما يلي نتوقف عند أبرز ما جاء في تلك الأمسية ..‏

ريف دمشق‏

حدد المهندس ثائر ضيف مدير البيئة في محافظة ريف دمشق أهم القضايا البيئية التي تعاني منها مناطق المحافظة مستعينا بالصور الفوتوغرافية , مشيرا إلى أن القضية الأهم هي الصرف الصحي غير المعالج الناجم عن التجمعات السكنية , إضافة إلى الصرف الصناعي الناجم عن آلاف المنشآت الصناعية والسياحية وغيرها وكل هذه المياه تذهب إلى الوديان أو الأنهار أو الصرف الصحي دون معالجة وتشكل أحيانا مستنقعات في فصل الشتاء كما حدث في البويضة .‏

وكذلك تبرز في المحافظة مشكلة النفايات الصلبة بجميع أنواعها البلدية والصناعية والطبية والخطرة وجميعها لا تفرز من المصدر ويتم التخلص منها بطرق بدائية إذ تلقى عشوائيا في مكبات مفتوحة وبعض البلديات تحرقها وأخرى تردمها بطرق غير صحيحة .‏

ولفت ضيف إلى انتشار التجمعات الصناعية في المناطق السكنية والتي فرضت نفسها كواقع والأمثلة كثيرة يضاف إليها الورش الصغيرة كبخ الموبيليا والحدادة في جرمانا وداريا وغيرهما حيث لا تقل مشاكلها عن المعامل الكبرى , وهناك أيضا السكن العشوائي كمنطقتي دف الشوك والدخانية والذي يحتاج إلى شبكة صرف صحي نظامية وإلى تخديمه للتخلص من نفاياته الصلبة وساهم هذا الواقع في القضاء على أكثر من 40 % من أراضي الغوطة الخصبة وتحويلها إلى غابة إسمنتية في وقت تفتقر فيه المحافظة إلى المحميات الطبيعية.‏

وبالنتيجة تفاقمت مشكلات التلوث بمختلف أنواعه مثل تلوث الهواء وتلوث مياه الشرب حيث تم إغلاق نحو 200 بئر مياهه ملوث لاسيما بمادة النترات وعلاج التدهور مكلف جدا فتكلفة معالجة البئر الملوث الواحد لا تقل عن 25 مليون فكيف الحال لو أردنا معالجة هذه الآبار ..‏

وإجراءات‏

وتساءل مدير بيئة ريف دمشق : ما العمل وما هي الإجراءات التي تقوم بها محافظة ريف دمشق لدرء هذه المشاكل مؤكدا أن الحل لا يتم بين ليلة وضحاها ولا يمكن إيجاده دون نقاش بشفافية كاملة .‏

وأوضح أن هناك محطات معالجة للصرف الصحي منفذة سابقا ونحو 11 محطة قامت بدراستها المحافظة وهي قيد التنفيذ ومحطات أخرى تم دراستها وجميعها متناثرة في عدة مناطق وهي تحتاج إلى مخطط توجيهي أولي وعلى أساسه سيتم تنفيذ محطات المعالجة وشكلت لجنة وضعت دفتر الشروط وسيتم تقديم عروض داخلية وخارجية بذلك .‏

أما بالنسبة للمنشآت الصناعية فقد أعطيت إنذارا وفقا لقانون البيئة رقم 50 لعام 2002 لتسوية أوضاعها بما ينسجم مع المعايير البيئية الوطنية وأعطيت مهلة عام تنتهي في شهر أيلول القادم , كما تم تحديد أربع مناطق لمعالجة النفايات الصلبة وفق الخطة الوطنية التي تقوم بها الوزارة حاليا بالتعاون مع شركة فرنسية .‏

تدوير النفايات‏

ومن جهته تحدث د . م . عبد الرحمن الشياح الأستاذ بجامعة دمشق عن تقنية تدوير النفايات اعتبارا من المصدر التي ظهرت بشكل متأخر في سورية , مشيرا إلى إطلاق مشروع فرز النفايات الورقية والكترونية من قبل جمعية التنمية المستدامة والبيئة بالتعاون مع محافظة دمشق وشركة ايفر كلين حيث تقوم المحافظة بتأمين خمسة مراكز لجمع هذه النفايات بالتعاون مع جمعيات البيئة يرافق ذلك حملة إعلامية بين المواطنين ويقوم بعد ذلك مندوب الجمعية أو الشركة بشراء هذه النفايات مقابل مبلغ رمزي ومشجع وفي أوقات محددة وبعد ذلك تنقل هذه المواد بشكل منظم إلى المنشآت الصناعية لإعادة تدويرها .‏

وقال د. الشياح : لابد من تعاون كل ربة منزل وأب وابن وابنة بشكل يومي لتحقيق هذا الغرض لأن البيئة النظيفة مسؤولية الجميع , علما أن إعادة تدوير طن ورق واحد يحافظ على 17 شجرة من القطع وكل شجرة تؤمن الأوكسجين يوميا ما يعادل حاجة ثلاثة أشخاص للتنفس .‏

الجدوى الاقتصادية‏

أما د. جمال قنبرية عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق فتحدث عن الجدوى الاقتصادية لإعادة تدوير النفايات الورقية بسورية موضحا النتائج الإيجابية الكثيرة لها عبر تخفيف الهدر من استهلاك الغابات والمياه وتقليل حجم النفايات الصلبة وكذلك تكاليف جمعها بالطرق الخاطئة إذ لا يستفاد منها إذا اختلطت بالنفايات العضوية أو عند التخلص منها بالحرق‏

ووفقا لإحصائيات عام 2003 فإن الاحتياج السنوي لسورية من الورق هو 312 ألف طن ورق من مختلف الأنواع قيمتها نحو 182 مليون دولار ويتم استرداد 101 ألف طن بعد الاستعمال أي بنسبة 32,5 % من الاحتياجات السنوية قيمتها كنفايات بحدود 469 مليون ليرة و بعد التصنيع نحو 2 مليار ليرة , مع الإشارة إلى أن نسبة الاسترداد في الدول المتقدمة تصل لأكثر من 68 % وهناك معامل إنتاج ورق متطورة في كل من دير الزور وحلب ودمشق ومعامل نصف متطورة في اللاذقية ودمشق إضافة للمعامل القديمة التقليدية في كل من حلب ودمشق , وتستعمل النفايات الورقية في عدة مجالات منها صحون البيض وكرتون تغليف الكتب وصحون كرتون لتعبئة المواد الغذائية إضافة إلى ورق الكتابة والتغليف والإسمنت‏

وأكد د. قنبرية أهمية توعية الناس والتعاون بين الجهات العامة والخاصة والجمعيات البيئية لجمع النفايات الورقية وغيرها كالزجاج والبلاستيك وعدم خلطها مع النفايات العضوية وتخصيص مراكز لجمعها في المدينة والريف وتحفيز الناس من خلال إعطائهم ثمنها سلفا لهم‏

غير أنه حذر من أساليب التدوير البدائية الخاطئة لاسيما في إنتاج الكرتون المعد لتعبئة المواد الغذائية ( الفروج , الفطائر الساخنة , الحلويات .. ) حيث تصبح هذه المواد في تماس مباشر مع المنتج الغذائي مما يخشى معه من تلوثها عبر انتقال البكتريا والمعادن الثقيلة وغيرها , ولهذا لابد من مراقبة طرق التصنيع وفق الاشتراطات البيئية‏

وقال : إن تدوير النفايات الورقية يتطلب استثمارات مادية وفنية رفيعة المستوى لتصبح لدينا صناعة حقيقية عوضا عن الصناعة التقليدية التي تعتمد على توظيفات قليلة وفي مكان ضيق وإنتاجها قد يكون ملوثا .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية