تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الشركات الاستشارية ضرورة لدراسة مشاريع القرارات ... الإبطاء في الإجراءات التنفيذية نوع من تبديد الثروة الوطنية

اقتصاد
الأربعاء 15/6/2005م
د. المهندس نادر عكو

شكلت كلمة السيد الرئيس بشار الأسد في حفل اختتام المؤتمر الصناعي الأول في يوم الأربعاء الماضي أيار 2005 حافزاً للبدء في الكتابة بموضوعات تهم الوطن والمواطن خاصة فيما يتعلق بتأكيد سيادته على الحقائق التالية:

أولاً: ضرورة التركيز على الشراكة الحقيقية بين المواطنين السوريين رئيساً وحكومة وشعباً بغية الوصول إلى تحقيق المنهجية العلمية الخلاقة لتحديد مواصفات المسيرة التنموية ولحل المشكلات والصعوبات التي‏

تعترض طريقنا وهذه الشراكة تعتمد بشكل أساسي على الرقم الوطني الذي يحمله كل مواطن ومثبت على بطاقة هويته الشخصية حيث يتساوى الكبير والصغير الغني والفقير أي أن الشعور الحقيقي بالمواطنة هو الحافز الخلاق للمواطن في المشاركة الفعلية في القضايا المصيرية كل وفق تخصصه وخبرته للحفاظ على كينونة الوطن وعدم اختراقه من الطامعين والمتربصين به.‏

ثانياً: التأكيد على مفهوم الربح والخسارة من منطلق الحفاظ على الثروة الوطنية:‏

بماذا تقاس الثروة اليوم?‏

في العصر الماضي كانت تقاس الثروة بقيمة ما يمتلكه الفرد من الذهب أو آبار البترول أو بقيمة المعدات والأساطيل البحرية التي تمخر البحار ناقلة موارد الشعوب إلى شعوب أخرى بعيدة.‏

أما اليوم فقد تطورت تكنولوجيات المعلومات فأصبحت تقاس الثروة بقيمة المعلومات ونوعيتها وسرعة اكتسابها ومعالجتها واختيار المناسب منها للتطبيق المحلي.‏

فالربح يزداد بعدد المواطنين المشاركين في قضايا الوطن الاقتصادية والاجتماعية وفي تقديم المعلومات العلمية النافعة والدعم المادي المبني على البحث العلمي لمشاريع التنمية في شتى أرجاء الوطن وفي المقابل تقل الخسارة إذا ما حدثت بحيث تكون ضئيلة إذا ما توزعت على كامل الشعب المشارك في صنع القرار.‏

عملية الربح والخسارة في الدول المتقدمة ¯¯ التي تحترم الجهد العام بغية الاستفادة منه للصالح العام ولرفاهية الإنسان المواطن ¯¯ تعني الجزاء لمن أصاب ومحاسبة من أخطأ فهذا هو مقياس العمل وبه اتخذت موقعاً متقدماً بين الدول فالمواطن في الدول المتقدمة مع تفهمه لتطبيق واحترام القوانين النافذة فإنه في الوقت نفسه يخاف من اختراقها لأنه على يقين بأنه سيتعرض للعقاب ولذلك فإن المجالس الاستشارية للمدن أو للحكومات تشبع مشاريع القرارات أو الإجراءات التنفيذية دراسة وتمحيصاً قبل إخراجها إلى حيز التطبيق العملي وفي أغلب الأحيان توضع في وسائل الإعلام لاستقصاء رأ ي المواطنين من المختصين ومن الفعاليات الاقتصادية والنقابات المهنية حتى تجيء هذه القرارات متناغمة مع الواقع المحلي وتلبي رغبات أكبر شريحة من المواطنين الذين هم الهدف الأساسي للحكومات فوظيفة الحكومة الرئيسية هي خدمة المواطنين وتسهيل أمورهم الاقتصادية والمعيشية ومهما بلغت مرتبة الشخص فهو في النهاية موظف لدى الشعب وفق ما يقتضيه توصيف العمل الموكل إليه في المؤسسات التشريعية والتنفيذية يتقاضى راتباً من الناتج القومي للوطن.‏

إن التسرع في إصدار القرارات والتشريعات أو الإبطاء في عمل الإجراءات التنفيذية للمراسيم والقوانين هو نوع من تبديد الثروة الوطنية وبالتالي سوف يعود بالخسارة على الناتج الوطني كما يعود سلباً على رفاهية المواطن السوري الذي ينتظر من الحكومة الشيء الكثير فسورية بلد غني بكل ما للكلمة من معنى, ولذلك كان توجيه السيد رئيس الجمهورية للسيد رئيس مجلس الوزراء بالاستعانة بالاستشاريين, لأننا نحتاج إلى الإدارة العليا المتخصصة لإدارة اقتصادنا الوطني وهذه الإدارة المتميزة التي نحتاجها قد عرفتها الدول المتقدمة في بدايات تطورها وحتى الآن وإن استقدام بيوت الخبرة العلمية المتخصصة سوف تحسن من الأداء العام في إدارة نشاطاتنا الاقتصادية إذا ما أحسن الاستفادة منها وبالتالي يتحسن اقتصادنا وتتحسن منافستنا على المستوى الدولي في الاستيراد والتصدير ونأخذ موقعنا المناسب لحضارتنا بين الدول.‏

ثانياً: التأكيد على البحث العلمي واعتماد الاستشاريين اللازمين في شتى المجالات التخصصية كما هو معمول به في كافة الدول الحضارية والمتقدمة واستقدام التكنولوجيات المتقدمة التي تساعد على الإسراع في سد الفجوة بيننا وبين الدول التي سبقتنا وهؤلاء الاستشاريون موجودون بين ظهرانينا وقد اتخذ بعضهم مكاتباً لهم في سورية مثل خطة البحر المتوسط والمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة والأيكاردا, ومنظمة الأغذية والزراعة العربية وغيرها من المنظمات الإقليمية التي تقدم الاستشارات للدول الموقعة على ميثاق هيئةالأمم المتحدة والجامعة العربية والتي تربطها مع الجمهورية العربية السورية اتفاقيات تحدد التزامات وواجبات كل طرف موقع على الاتفاقية ولنقرأ هذه الاتفاقيات بتمعن لنتعرف إلى مكامن الاستفادة منها ومن ثم نستقدم الاستشاريين الآخرين لنشاطات اقتصادية وفق تجارب الدول العربية والأجنبية لنتعرف على نقاط الضعف والقوة للاستشاريين المتقدمين وفق شهادات سابقة أعمالهم وإنجازاتهم الفعلية ونذهب إلى أماكن الإنجاز لنرى بأم أعيننا هذه الإنجازات على الطبيعة وهذا بدوره يحتاج إلى المصاريف التي تعتبر بحد ذاتها استثمارات لكسب المعرفة لا تبديداً للأموال وما ينطبق على استقدام الاستشاريين ينطبق على تطبيق المواصفات في المشاريع الهندسية تحت سطح الأرض وفوقها لمنع تلوث الثروة الوطنية للمياه الجوفية التي تجمعت عبر ملايين السنين وبعد تلوثها لو وضعنا ميزانيات الدول العملاقة لما أزيل هذا التلوث.‏

وعلى هذا فإدارة الدولة بأداء خلاق تهون بعده حل المشاكل وإزالة العقبات ونصل إلى رفاهية الإنسان السوري.‏

من هذا المفهوم يمكن أن نستقرىء من خطاب السيد الرئيس أهمية تغيير الخطاب الحضاري للشعب العربي بشكل عام وكذلك في القطر العربي السوري بشكل خاص وإعادة صياغته وفق ثلاثية الحداثة المتجددة (العلم والإبداع التكنولوجي وحماية البيئة بشتى جوانبها) مع الإبقاء على الثوابت الحضارية للشعب السوري من أخلاق سامية والتزام بالعهود والمواثيق الدولية والابتعاد عن كل ما يسيء إلى الإنسان في حريته وكرامته ومعتقده في كل بقاع العالم بشكل عام وعلى الإنسان العربي السوري باني الحضارات على مر العصور بشكل خاص.‏

ونعني هنا بالخطاب الحضاري للجمهورية العربية السورية هو عملية تقديم مجموعة الخطط الاستراتيجية للجمهورية العربية السورية لمدة تطول وتقصر وتقديم الحلول للمشكلات التي تعترض مسيرتنا في الحاضر والمستقبل حلولاً إنسانية هدفها رفاهية الإنسان العربي السوري وتنمية إدراكه حول ما يحيط به محلياً ودولياً.‏

وتحدد في هذا الخطاب الأهداف المطلوب الوصول إليها وفق جدول زمني وميزانية مخصصة وفريق العمل المنوط به تنفيذ الاستراتيجية ولهذا الفريق مواصفات محددة منها العلم والخبرة والحزم ويعمل بروح الفريق الواحد.‏

وفي هذا الخطاب الحضاري يجب أن نحدد الحالات التالية:‏

1- الحالة الراهنة للدول المتقدمة.‏

2- الحالة الراهنة للعرب وموقعهم من التقدم ومن ضمنها سورية‏

3- تحديد الفجوة بيننا وبين الأمم المتحضرة.‏

وفي موضوع لاحق سنقوم بتحديد هذه الحالات وتحليلها بهدف الوصول إلى وجود علاقة وثيقة بين التقدم العلمي والتكنولوجي وبين التقدم الاقتصادي لكل بلد.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية