|
قضايا الثورة وعلى الرغم من ان العراق لم يكن يوماً مستنقعاً للارهاب وتفريخ الارهابيين المعادين لاميركا الا حين صار محتلاً, اما حالة الاستبداد واللاديمقراطية التي كان يعيشها فلم تكن لتمنع أميركياً واحداً من الذهاب الى صناديق الاقتراع وانتخاب الرئيس بوش او غيره, ومافعله الاميركيون هو انهم ذهبوا بالاستبداد واللاديمقراطية وجاؤوا بالعنف والدم المسال يوميا ً? في المقابل, فقد اكتشفت بالامس مئتا حالة كوليرا في العاصمة الافغانية كابل, ويستطيع المتابع ان يتكهن بمئات, بل آلاف الحالات المشابهة في المدن النائية والارياف البعيدة القاحلة في افغانستان, ولعلنا جميعاً ندرك اليوم ان الكوليرا, وفي هذا العصر بالذات, باتت علامة تخلف كامل اكثر منها ظاهرة مرضية, على الرغم من ان العنوان الكبير للغزو الاميركي لافغانستان قبل ثلاث سنوات تقريباً, كان تخليص هذه البلاد من حالة التخلف والرجعية, وتنظيفها من بؤر الارهاب ومداجنه, والتي كانت حكومة الطالبان في تلك البلاد تنشرها يمنة ويسرة, والنتيجة ان الاميركيين ذهبوا بالطالبان وجاؤوا بالكوليرا وأما التخلف فلم يتزحزح! صحيح ان الاستبداد في العراق كان مرفوضاً ومؤلماً, لكن الاحتلال والعنف والدم, ليسوا البديل الايجابي له, وصحيح ان التخلف والارهاب كانا جاثمين على صدر أفغانستان, لكن الكوليرا ليست البديل الذي يطبل له الاميركيون ويزمرون . ويكاد الأمر يكون شبيهاً بهذا او بذاك, حين يتحدث الاميركيون عن لبنان وعن الحرية والديمقراطية فيه, فبعد ان حاصروا الحكومة الشرعية فيه بالاتهامات والمؤامرات, وبعد ان شروا وباعوا بعضاً من زعاماته وقياداته التقليدية في كل اسواق النخاسة والمراهنة على الجياد والصهيل, هاهم يهيئون اليوم لما يلوح به البعض من هذه القيادات عن الحرب الاهلية مجددا, والا فكيف تكون الخيارات حرة في العرف السياسي الاميركي ? ليست المشكلة في الديمقراطية الاميركية او تطبيقاتها, وانما هي في الديمقراطيين الاميركيين واستطالاتهم من الديمقراطيين حول العالم, وخاصة في منطقتنا العربية, والذين بوعي منهم او بغير وعي, أي بالدولارات أو من دونها, ينخرطون في المظاهرات الاميركية التي تجوب العالم, والتي ان لم تؤد الى السقوط تحت الاحتلال, فستؤدي الى العنف او الكوليرا ... وكلاهما سيان !! |
|