تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


خبر صحفي في (الثورة) ينقذ مدرسة وتلاميذها من كارثة في الحسكة .إخلاء المدرسة وإلحاق طلابها بأخرى وإلزام المتعهد بناء جدرانها من جديد !.

مراسلون وتحقيقات
الأحد 25/9/2005
يونس خلف

ثلاث قضايا أساسية لابد من الإشارة إليها في بداية هذا التحقيق:

الأولى : إن إنقاذ الطلاب من مدرسة كانت مهددة بالانهيار جاء متزامنا مع اليوم الأول من العام الدراسي ونتيجة مثمرة لشكوى وصلت إلى مكتب الثورة بالحسكة من أهالي القرية بعد أن فقدوا الأمل واتسعت دائرة القلق لديهم مع افتتاح العام الدراسي .‏

الثانية: الاستجابة السريعة والإجراءات الفورية من قبل السيد محافظ الحسكة بدءا من إحالة الخبر الذي نشرناه في الثورة إلى مديرية التربية للقيام بالكشف والتأكد من توافر عوامل الأمان في المدرسة ,وصولا إلى الهاتف المسجل الذي طلب فيه السيد المحافظ من مدير التربية أسباب عدم إعلامه أو معالجة الموضوع قبل أن يتم نشره في الصحافة .‏

أما القضية الثالثة فهي تتعلق بغياب المتابعة والمراقبة لجودة الأعمال والمشاريع التي تنفذ واستلام هذه الأعمال على علاتها, الأمر الذي يثير الشك بنزاهة اللجان المشرفة وضرورة أن تكون هناك ضوابط تمنع التلاعب وإجراءات رادعة تحد من الاستهتار بجودة الأعمال المنفذة.‏

ولعل التفاصيل القادمة تقدم مؤشرات وحقائق كثيرة تؤكد ذلك بوضوح .‏

أصل الحكاية:‏

في اليوم الأول من العام الدراسي الجديد اتصل مع مكتب الثورة بالحسكة مواطن من قرية (جلق) بالقرب من مدينة عامودة لينقل شكوى ومعاناة أهالي القرية وأولادهم من وجود مدرسة نموذجية في قريتهم ورغم انه لم يمض ثلاث سنوات على تدشينها فإن الطلاب والأهالي يخافون من سقوط هذه المدرسة على رؤوس الطلاب مع بدء الدوام المدرسي .‏

مثل هذا الكلام الذي سمعناه لا يحتمل التأجيل ولذلك توجهنا مباشرة إلى المدرسة. وإذا كان الأمر يتطلب بالتأكيد خبرة فنية للتأكد من حقيقة ما قيل لنا إلا أن المشاهدات الأولية دفعتنا لتوجيه نداء عاجل إلى الجهات المعنية عبر الخبر الذي نشرناه في (الثورة) بتاريخ 13/9/2005 تحت عنوان (وقائع اليوم الأول للعام الدراسي الجديد.. مدرسة في الحسكة مهددة بالانهيار).‏

وزودنا مدير المدرسة بنسخة من كتاب كان قد بعث به إلى مديرية التربية بتاريخ 21/8/2005 يؤكد فيه أن القواطع الشرقية للمدرسة آيلة للسقوط ويطلب معالجة الأمر لما في ذلك من خطورة على الطلاب .‏

السيد محافظ الحسكة طلب من مديرتي التربية والخدمات الفنية الكشف الفوري على المدرسة وبيان الواقع والإجراءات المطلوبة بأقصى سرعة .‏

فماذا حصل بعد ذلك. وهل كانت الصدفة في متابعة الشكوى التي وردتنا والتي تزامنت مع بدء العام الدراسي خير من ألف ميعاد أو زيارة من قبل المسؤولين في القطاع التربوي للمدارس.‏

كشف ميداني على المدرسة :‏

تنفيذا لما طلبه السيد المحافظ من مديرية التربية تم تكليف دائرة الأبنية المدرسية في مديرية التربية بالكشف الفوري على المدرسة ( جلق) للتعليم الأساسي لبيان الواقع وتقديم تقرير مفصل عن الأمور المثارة في الخبر الذي نشرته (الثورة) .‏

وبعد أن قامت لجنة من دائرة الأبنية المدرسية بالكشف الحسي على المدرسة بحضور المشرف الإداري في المجمع التربوي والموجه التربوي المختص ,سجلت اللجنة مشاهداتها بأن المدرسة مؤلفة من 6 غرف صفية + 2 إداريات وملحقات ومرافق صحية وتصوينة , وأكدت اللجنة في تقريرها وجود تصدع في جدران المدرسة الشرقية تنذر بخطورة على حياة الطلاب وهي ناجمة عن انتفاخ في مادة (مونة ) بناء البلوك لاحتوائها على مادة الجبس.‏

كما لوحظ وجود تصدعات في دورات المياه والتصوينة وفي أماكن متفرقة في جدران البناء وستارة السطح. وتقدمت اللجنة ببعض المقترحات أهمها إخلاء المدرسة وإلحاقها بمدرسة مجاورة وإحالة الموضوع إلى لجنة السلامة العامة لتقرير وضع المدرسة النهائي. مع الإشارة هنا إلى ما ورد في تقرير رئيس دائرة الأبنية المدرسية بأن المدرسة دشنت عام 2001 وعدد طلابها 100 طالب وهناك خطورة على حياة الطلاب.‏

ويشير أيضا المهندس رئيس دائرة الأبنية المدرسية بأنه قام بإزالة بعض الأجزاء التي تشكل خطورة بمساعدة بعض الأشخاص الذين تواجدوا معه, بمعنى أن هذه الأجزاء كانت جاهزة للانهيار .‏

لجنة أخرى تؤكد الخلل:‏

أما مديرية الخدمات الفنية فقد تقدمت بتقريرها أيضا للسيد المحافظ أوضحت فيه أنه من خلال الكشف على واقع المدرسة تبين حصول انتفاخ واهتراء الزريقة والبلوك في الجدران الخارجية للمبنى وجدران التصوينة والجدار الشرقي لدورة المياه ما يدل على استخدام مواد حصوية غير محققة للشروط والمواصفات الفنية.‏

وعملاً بأحكام المادة 37 من المرسوم التشريعي رقم 2766 فقد تم توجيه كتاب للمتعهد لإزالة الجدران المتصدعة وإعادة تنفيذها مع أعمال الزريقة والدهان وفق الشروط والمواصفات الفنية وإنجازها بالسرعة الكلية تحت طائلة المسؤولية وحرمانه من التعهدات .‏

مع الإشارة إلى أن تنفيذ المدرسة تم بموجب العقد المبرم مع المتعهد بتاريخ 19/10/1998 وتم استلام المدرسة بتاريخ 19/4/2000 استلاما مؤقتا وبتاريخ 27/5/2001 استلاما نهائيا .‏

من يتحمل المسؤولية ?‏

وبعد أن أصبحت ملامح الصورة واضحة وتبين وجود خلل في التنفيذ وأيضا صحة المعلومات التي نشرتها (الثورة) فإن السؤال المطروح كان بعد ذلك كله هو: هل كانت الأمور تستمر على حالها لو أننا لم ننشر الخبر الصحفي الذي كان وراء ذلك كله?..‏

والسؤال الآخر : أين كانت مديرية التربية. ولماذا لم تعلم بالأمر. وهل يجوز أن تكون مثل هذه القضية على مسافة بعيدة عن دائرة الاهتمام والمراقبة والمعالجة . ثم ما فائدة الجولات والزيارات الميدانية للمعنيين في التربية بدءا من الموجهين التربويين وانتهاء بالرقابة الداخلية التي قلنا ذات مرة إنها بحاجة إلى رقابة.‏

والآن تكرر ذلك لأن الأمر لم يعد يقتصر على ظلم معلم وإنما يتعلق بحياة طلاب كانت مهددة بانهيار المدرسة على رؤوسهم. ولذلك كان من بين الإجراءات التي اتخذها السيد المحافظ أيضا ما تضمنه الهاتف المسجل رقم 487/ب الموجه الى مدير التربية وقد جاء فيه: (يطلب إليكم التحقيق في أسباب عدم إعلامنا بالموضوع حتى تم نشره بالصحافة وتحديد الجهة المقصرة في ذلك وإعلامنا الإجراءات المتخذة ).‏

لعل الأمر الذي أثار انتباهنا ودهشتنا بنفس الوقت في الكتاب الموجه من مديرية التربية إلى السيد المحافظ هو ما يتعلق بمسؤولية عدم الإعلام عن واقع المدرسة وعدم اتخاذ أي إجراء حتى تاريخ النشر في (الثورة) .‏

وهنا ثمة مفارقة في كتاب التربية بأن مدير المدرسة لم يعلم التربية إلا بكتاب واحد بتاريخ 21/8/2005 وبأن المديرية قامت بتوجيه دائرة الأبنية المدرسية بإجراء الكشف الفوري وبدوره رئيس الدائرة أحال الطلب إلى قسم الأبنية بالقامشلي لمتابعة الموضوع بسبب تبعية منطقة عامودا التوجيهية لقسم الأبنية المدرسية بالقامشلي .‏

والسؤال هنا: ماذا حصل بعد ذلك... وهل قام قسم القامشلي بإحالة الموضوع إلى قسم عامودا. وإلى أين يمكن أن يذهب الطلب بعد ذلك لكي يتم تبسيط الإجراءات على أكمل وجه ...!!‏

ثم هل يحتمل مثل هذا الأمر الذي يتعلق بمدرسة مهددة بالانهيار كل هذه الإجراءات ..ألا يتطلب ذهاب لجنة عاجلة من مديرية التربية عندما وصل الطلب إليها . ثم حتى إذا كان مدير المدرسة لم يبعث سوى بكتاب واحد. فهل هذا يعني أن الاستجابة تتطلب أكثر من كتاب أو ربما هناك حد أدنى أو أقصى لعدد المراسلات التي تحظى بالاستجابة .‏

ورغم ذلك نسأل : ماذا فعلت مديرية التربية منذ تاريخ 21/8/2005 عندما وصل كتاب مدير المدرسة الذي يحذر فيه من خطورة الوضع الفني لبناء المدرسة. ولماذا نسيت مديرية التربية ذلك حتى عندما بدأ الدوام في العام الدراسي الجديد.‏

وكيف يقول أصحاب الشأن في المديرية أن كل شيء اصبح جاهزا لافتتاح العام الدراسي الجديد. وكيف يمكن أن تؤكد المديرية مصداقية الاستعداد التام للعام الدراسي إذا كانت هناك مدرسة مهددة بالانهيار. وهل يجوز أن تنتظر المديرية جهات أخرى مثل الصحافة لتعلمها بوجود خلل هنا أو هناك . وماذا يفعل جيش التوجيه التربوي وأيضا الرقابة الداخلية المدللة ضمن المديرية . الأمر بالتأكيد يجب ألا يقتصر على المتعهد الذي نفذ المدرسة فهناك خلل واضح في آلية العمل والمطلوب أن يتحمل المتعهد وغيره من الأطراف التي شاركت في هذا الخلل المسؤولية وأن يحاسب كل طرف من هذه الأطراف وفقا لحجم تقصيره younes@hasaka.net‏

">..‏

younes@hasaka.net‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية