تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


محاضرة..دور الصحة النفسية في بناء الشخصية

مجتمع
الأحد 25/9/2005
ميسون فهمي نيال

ألقى مؤخراً الباحث الاجتماعي السيد/ زهير خليل/ محاضرة في المركز الثقافي بدير عطية بعنوان (دور الصحة النفسية في بناء الشخصية)

تناول فيها الحديث عن اهتمام علماء النفس بالصحة النفسية لدى الأفراد والجماعات ولقد عرف أولاً حضارة أي مجتمع بأنها محصلة لطاقات أبنائه وأنه يمكننا تحديد المظاهر الأساسية للصحة النفسية بالنظر الى تفاعل الشخص مع محيطه الداخلي والخارجي ولقد حدد العوامل الفاعلة في الصحة النفسية من خلال النظرة الى الذات - الرضى عن الذات - وعي الذات - تأكيد الذات -رؤية الآخرين وفق معايير الانتماء الاجتماعي- تقييم الذات, ثم تحدث عن الشخصية فذكر أن لكل فرد شخصيته المميزة ولكنه في الوقت نفسه مشترك مع الآخرين في الكثير من مظاهر تلك الشخصية ,ففي الشخصية مثلاً نوع من الثبات كالصدق والإخلاص والنفاق وكذلك فيها نوع من التغيير وإلا ماكان من الممكن فهم النمو وأثر التربية, ويجب أن ننتبه الى وحدة الشخصية وكثرة عناصرها وحالة أجهزة الجسد والشروط الاجتماعية المحيطة وقدرات الشخص العامة.‏

وتلجأ الذات الى وسائل دفاعية مختلفة أمام موقف يواجهها بالخطر أو يتهددها به وهي متعددة ومرتبطة بالسلوك اليومي وتختلف من حيث الشدة والنوع ودرجة التعقيد, ونذكر منها الكف وهو إيقاف مفاجىء لفاعلية نفسية أوحركية بناء على ظهور خطر مفاجىء كأن يفاجأ بحريق أو يتعرض لموقف يعرضه للإيذاء.‏

الكظم وهو ضبط للدافع يستهدف إظهار سلوك خارجي فاتر والداخل حار ويستحسن المجتمع هذا السلوك.والنكران وهو إنكار لوقوع حادثة يؤدي الاعتراف بها الى الشعور بالألم مثل السرعة وخرق القواعد الاجتماعية .‏

والكبت وهو إخفاء في زاوية نفسية عميقة (اللاشعور) لحادثة لا ترغب الذات في أن تواجه بها, وهي أخطر الحالات النفسية مثل ديكتاتورية الآباء وقمع الزوجة أو الأبناء أوديكتاتورية الكادر التربوي على الطلاب أو المديرين على موظفيهم.‏

والإضفاء وهو لوم الآخرين على صفة بالذات غير مقبولة ويحمل صاحب الإضفاء هذه الصفة كالكذب على الآخرين.‏

والتبرير ويتجلى بتقديم أدلة مقبولة ظاهراً لتغطية إجراء أو عمل دعت إليه عوامل انفعالية مثل تبرير الفشل بعوامل خارجية كالكسل.والتقمص وهي صفات تحبها لدى الآخرين فتلجأ الى التعويض حين التقصير بانتسابك إليه كأن ينسب نفسه الى أحد أقر بائه أو أصدقائه الناجحين ,والأوهام هي تعويض عن قصور أداء في الواقع, والإبدال هو تحويل موضوع العاطفة من مكان الى آخر تكون أخطاره أقل كضرب الابن بدل الزوجة.‏

والتسامي يتجلى في جعل مركز العاطفة أمراً رفيع المكانة مثل التصوف -الموسيقا- الرسم ولا بد من الإشارة الى أن التطرف في هذه النقاط يصبح انحرافاً أو عرضاً لاضطراب نفسي.‏

ثم تحدث السيد /خليل/ في محاضرته عن الحالات التي يمكن أن تصيب الشخصية مثل الإحباط الذي قد يصيب المرء فيشعر بوجود عائق يمنعه من إشباع حاجة له أو قد يتوقع مثل هذا العائق.‏

وتكون درجة تأثر الفرد بالإحباط مرتبطة بعدة عوامل منها ثقة المرء بنفسه(تكون ضعيفة) وكذلك يشعر باصطدام الدوافع لديه بحواجز لا يستطيع تجاوزها بالإضافة الى شعوره بالصراع والذي يتجسد أحياناً في الانسحاب من الموقف كله, أو قد يشبع دافعاً دون آخر وإذا طال الصراع تصبح الشخصية تربة خصبة لظهور سلوك الانحراف وكذلك تظهر على الشخصية مظاهر القلق الذي يتجلى على شكل توتر واضطراب أمام حادث ينتظر أن يقع وأن يواجه بالخطر وهو يستنفر القدرات الذاتية وهو طبيعي في حده الأدنى والشديد منه مشحون بإمكان الانحراف وهناك تفاوت بين الناس وهذا يعود الى مدى الخبرات السابقة أو العنصر الذاتي في إدراك الإشارة أو عوامل فيزيولوجية أو تربوية فهو يوجد بين الأفراد والجماعات ويبدو على شكل هجومي يصبح معه ضبط الفرد لنوازعه الداخلية ضعيفاً ,وينطوي على الإكراه أو إيقاع الأذى بشخص أو بشيء وفي حده الأدنى تكيفي وبتصعيد ذلك يصبح ضاراً له وللآخرين.‏

وقد يكون إفرازاً إنتاجياً أي يعكس ما يقع عليه من عدوان الى اعتداء على الآخرين وهو تعويض أو تفريغ شحنات متراكمة في داخله لإعادة توازنه النفسي مثل العنف المستخدم من بعض الآباء أو المربين على الأبناء أو الطلبة ربما ينعكس على الأخوة والأخوات أو زملائهم أو كتعويض عن عقدة نقص في مكونات الشخصية لتأكيد الذات.‏

وأخيراً فإن المناخات في كافة المؤسسات المجتمعية التي يسودها القمع أو العنف أو التهميش أو الإقصاء تكون تربة صالحة لإنبات هذه البذور وتسويقها الى كافة الدوائر المحيطة.فبالإحساس تمتلك القلوب وبالمحبة والإيثار والاحترام والعدل والتسامح تولد الثقة وتعمق, وبالمحصلة فإن جهلنا بالعلم عامة وبموضوعنا ( الصحة النفسية) يساهم في زيادة أمراضنا الاجتماعية والعضوية والنفسية ,فما أحوجنا الى الوقوف أمام أنفسنا لإعادة النظر في تقييم وتقويم أفكارنا وأدائنا وتحديث وتطوير كافة أنشطتنا بمصداقية وشفافية لنكون قادرين على استنهاض الهمم وتحقيق معادلتي البناء والتحرير.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية