تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أسئلة حول موقع الرواية العربية

كتب
الاربعاء 17/1/2007
عمر محمد جمعة

شكلت الرواية العربية في موقعها وبعدها التأثيري علامة فارقة في الجدل النقدي الذي انصب على البحث في ريادتها

وترجمتها وقبول الآخر لمنجزها السردي وهل حققت مكانة تليق بلغتها وجمالياتها وشواغلها الإنسانية.‏

في كتابه ( أسرار التخييل الروائي) يخصص الكاتب نبيل سليمان فصلا نقديا كاملا يؤسس لسؤال كونية الرواية العربية أمام مثيلاتها العالميات والتي تمضي لتكريس مقولات تنبني عليها الكونية من مثل التقدم, العقل , التضامن.‏

يناقش سليمان بحذر باد أطروحة الناقد محمد برادة ( الرواية العربية: الكونية أفقا) والتي قدمها في ندوة الرواية العربية - ممكنات السرد المعقودة في الكويت ضمن مهرجان القرين الثقافي الحادي عشر.‏

فمحمد برادة يرى أن الرواية الكونية شكل يمتص جميع الأجناس التعبيرية ويستوعب كل الاشكال والأساليب السردية ويطوعه لمختلف الرؤيات والافكار لتكون الرواية قريبة من الحياة ومتفاعلة مع تبدلاتها وتعقيداتها والأفق الكوني يقوم على احترام الاختلاف والابتعاد عن المركزية الأحادية اذ ارتبطت الكونية بالتطلع الطوباوي إلى نسق من القيم الإنسانية التي تقرب بين شعوب وثقافات العالم.‏

فيما يفرق نبيل سليمان في تعقيبه على بحث برادة بين الرواية العالمية والرواية الكونية انطلاقا من قول برادة بأن المحلية هي المنطلق الأساسي إلى العالمية بل ويوضح الترادف والاختلاف والابتداع فيما بين الرواية الكونية والرواية العالمية وما بعد الكولونيالية مستشهدا ببعض التجارب العربية في منجزها الفني الرفيع.‏

في كونية الرواية العربية يقدر برادة أن الرواية العربية قد استطاعت مد جسور وطيدة مع الرواية في ابعادها الكونية ويعزز الباحث تقديره بارتياد الرواية العربية لمناطق الكلام الممنوع وتوغلها في انتاج خطاب مركب يمتح من المعيش والمحلوم به من الذاكرة والتاريخ من الاسطوري والواقعي من النفسي والجسدي وفي خطوة تالية تؤكد على جوهرية اللغة في اشكالية النهضة على المستوى الكوني يعزز برادة قوله بكونية الرواية العربية بمساهمتها في تجديد اللغة ما يرتهن به تجديد الخطاب الفكري والابداع الادبي فقد ذهبت الرواية العربية عكس التقديس الاستسلافي للغة ودفع الوعي الجزئي بعض روائيي جيل الستينيات إلى انتهاكات ايجابية ( صياغة الحوار بالكلام اليومي - استعمال الكلمات الاجنبية).‏

كما تتعزز كونية الرواية العربية بما استوحى من نصوصها أزمنة الرماد والرصاص والاحتراب التي ليست فقط مناخا محليا يؤشر على سيرورة التاريخ العربي والمتعثر بل مناخاً يلامس ظاهرة كونية طبعت تاريخ الأمم ولاتزال.‏

ومرة رابعة تتعزز كونية الرواية العربية - برأي برادة- بالنصوص التي يمتزج فيها السيري بالروائي مستوحية أسئلة الوجود والكينونة في غياب فكر فلسفي عربي يواجه مثل هذه المعضلات.‏

وأمام إعلان برادة بأنه قدم قراءة ايجابية للرواية العربية من منظور العالمية تعويلا على القيمة الرمزية الكبيرة للمحصلة الروائية ورؤيته بأن التجربة الروائية العربية المحدودة في الزمن والتراكم بحاجة إلى النماء النوعي ولذلك لا تضاهي بما هي عليه ما يمكن أن يعتبره النقد العالمي رواية كونية يلمس نبيل سليمان نقضا عند برادة عما تقراه من كونية الرواية العربية مسائلا إياه: ماذا تفعل الرواية العربية اذا كان النقد العالمي- إن وجد - جاهلا بها? وهل ستظل كونية الرواية العربية معلقة في الأفق إلى أن تبرأ من علة الترجمة إلى اللغات الاجنبية للنقد العالمي?‏

على أن سليمان يوافق برادة في بحثه القيم والمحفز مؤكدا أن الرواية العربية تنجز كونيتها والكونية تتأكد أفقا لها بالمعنى الجوهري أولا وأخيرا وبالمعنى الغربي ايضا أي بالحضور المتواتر في المحفل الغربي مهما يكن البطء ومهما تكن التفاصيل.‏

إن انتقاءنا لهذا الفصل لا يعني الانحياز إلى موضوع دون غيره بل أردنا أن نعيد إلى الاذهان أهمية الاختلافات النقدية التي ميزت عصورا غابرة كان لها الفضل في التأسيس لمنهج وخطاب ولغة نقدية قوامها الاختلاف البناء.‏

كما لا نسقط أهمية الفصول الباقية لكتاب نبيل سليمان ( أسرار التخييل الروائي) التي يحتاج كل فصل منها إلى معاينة طويلة متأنية ذلك أنها تناولت قضايا مفصلية في تطور الرواية العربية من مثل : كنائية المدينة الروائية- تقاسيم على التجريب- السرية روائيا - الأنوثة وشحا روائيا - الزمن المستعاد روائيا - اشتباك الأزمنة روائيا - وغيره من الابحاث النقدية الهامة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية