|
ترجمة السيد - برمينت سكوكروفت - في مقال نشرته صحيفة نيوريوك تايمز الأميركية عن ضرورة حل الصراع العربي - الإسرائيلي وأن على الولايات المتحدة الأميركية بذل المساعي الجادة لتحقيق هذا الهدف وفيما يلي ما جاء في ذلك المقال: صدر تقرير بيكر - هاملتون قبل شهر وسط أمواج بحر متلاطم من الطموحات غير الواقعية. ومع هذا لم يكن هناك مفر أن تحبط جميع الآمال التي علقت عليه بخصوص إيجاد مخرج واضح من الأزمة التي نعانيها. وما خلص إليه التقرير في نهاية المطاف, أنه لم يأت بعصا سحرية لحل جميع المشكلات التي غرقنا فيها في العراق. لكن مع هذا فقد أنجز التقرير الكثير من المهام المتوقعة منه, وفي مقدمتها جمعه لخيرة العقول الأميركية بمختلف انتماءاتها وتوجهاتها الحزبية بمنتهى الوضوح الفكري, لأهم العوامل المساعدة في استفحال الوضع في العراق. وبعمله هذا استطاع التقرير أن يقدم عوناً نظرياً كبيراً للحوار القومي الدائر حول سياساتنا في العراق, إضافة إلى تقديمه الكثير من الخيارات الواضحة والمتاحة هناك. لكن وعلى الرغم من وصف التقرير للوضع في العراق بأنه خطير وسيىء للغاية, فإن التحليل للنتائج المحتملة لم يكن كافياً بالقدر المطلوب. وما جاء بالتقرير في هذا الإطار, قوله صراحة, في حال عجز العراقيين أو عدم رغبتهم في الاضطلاع بالدور المطلوب منهم, فإنه لا خيار أمامنا سوى الانسحاب من العراق, قبل أن يتمكن هذا الأخير من حكم نفسه بنفسه والحفاظ على وحدته وكيانه. وفي هذا الإطار, قال الرئيس بوش, إذا فعلنا ذلك سيكون بمثابة هزيمة استراتيجية ماحقة للمصالح الأميركية من المتوقع أن تترك تداعياتها الكارثية على المنطقة بمجملها, بل وربما على ما وراءها أيضاً. وحتى يتم تجنب هذه العواقب والتداعيات الكارثية مجتمعة, يتعين علينا كسب تأييد دول المنطقة ذاتها لنا. وبالتأكيد فإن من مصلحة هذه الدول أن تمنحنا هذا التأييد مثلما فعلت من قبل في حرب الخليج الأولى في عام .1991 ولكن من المؤسف حقاً, أن هذه البلدان ذاتها, شعرت خلال السنوات الماضية الأخيرة بخطورة تساوق مواقفها مع مواقف الولايات المتحدة, ونتيجة لذلك فقد آثرت الابتعاد عنها نوعاً ما. لكن بمقدورنا بذل جهود ومساع جديدة ومكثفة لحل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي من جانبنا, وهذا يحدث تغييرات كبيرة في الآلية السياسية لمنطقة (الشرق الأوسط), وأن يبدل المواقف الإستراتيجية لقادتها الرئيسيين بالنتيجة. وإذا استطعنا إحراز تقدم في هذا الطريق, فإن ذلك سيدفع إيران إلى موقع الدفاع. وبالمقابل سيتم إطلاق أيدي البلدان الصديقة والحليفة لنا مثل السعودية ومصر وبلدان الخليج العربي. ويتاح لها كامل الحرية في المساهمة في تحقيق الاستقرار والأمن في العراق. ونتيجة لذلك, سينظر إلى العراق في وقته على أنه دولة كبيرة موحدة, يجب وضعها على طريق صياغة الأمن الإقليمي للمنطقة ككل. وإذا كان لأطراف النزاع أن يعودوا مجدداً إلى طاولة المفاوضات والحوار السلمي المشترك فما من دولة في العالم تستطيع ذلك سوى الولايات المتحدة الأميركية. على أن استئناف عملية السلام الإسرائيلية - الفلسطينية, لا يعني بأي حال من الأحوال كسر أنف (اسرائيل) وإجبارها على تقديم - تنازلات - لا تريدها, أو لي ذراع الفلسطينيين وتمريغ أنوفهم في تراب الاستسلام والهزيمة المذلة, أقول ذلك وفي ذهني أن معظم جوانب وعناصر التسوية السلمية بين الجانبين, قد أقرت سابقاً في مفاوضات عام .2000 والذي تبقى من هذه العملية حالياً, هو استنفار واستقطاب الإرادة السياسية لكل من العرب والإسرائيليين, تحت مظلة أميركية عازمة ومصممة على بلورة جميع تلك العناصر وحشدها معاً في وجهة إبرام اتفاق, أظهرت جميع أطراف النزاع موافقتها عليه مسبقاً من حيث المبدأ. أما فيما يتعلق بتعاملنا مع سورية وإيران, فمن الأهمية بمكان أن لا نخاف من فتح أقنية حوار واتصال معهما, شريطة ألا نتسرع من جانبنا في التعامل معهما باعتبارهما طرفين من أطراف الحوار والتفاوض, أو كونهما شريكين إقليميين, حيث إن لكل من دمشق وطهران مصالحهما الخاصة وكذلك طموحاتهما ومصادر نفوذهما, ما يجعل من الصعب التعامل معهما وكأنهما لا تختلفان عن بقية البلدان الإقليمية المجاورة. وفي الوقت الذي تبدأ فيه مفاوضات السلام العربية - الإسرائيلية, فإنه لا بد من تحديد معايير سياسية عامة في العراق, تهدف إلى تشجيع الاتجاهات والمساعي الهادفة لعقد المصالحة الوطنية بين مختلف القوى والطوائف الدينية المتصارعة هناك وإلى توحيد البلاد ونظام الحكم السياسي فيها. الجدير بالذكر هنا أن البعض منا اقترح حلولاً أخرى بديلة للنزاع الحالي. وهناك من دعا إلى تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق: ولكن الخطر في مثل هذه الحلول والبدائل, ليس فقط مناقضاً لمنحى المصالحة وتحقيق الوحدة الوطنية المنشودة فحسب, وإنما لكونه يمهد الطريق لاندلاع المزيد من النزاعات الإقليمية في المنطقة. لهذا السبب لابد من استبعاد هذه الخيارات والبدائل المغامرة. وفي الوقت الذي نبذل فيه كافة جهودنا ومساعينا للخروج من ورطتنا في العراق, فإنه يتعين علينا أن نضع نصب أعيننا دائماً, أن هذه الورطة ليست من ذلك النوع الذي يمكن الهروب منه ووضعه وراءنا, رغم التكلفة والخسائر الباهظة التي لحقت بنا بسببها بشرياً ومادياً ومعنوياً. |
|