|
قراءة في الصحافة الإسرائيلية على قاعدة ما يعيشه هذا الحزب من أزمة سياسية وإيديولوجية وقيادية منذ أكثر من عقدين من الزمن , وبعد أن شهد هذا الحزب صعود وسقوط العديد من الزعماء الذين وصلوا إلى سدة الحكم فيه , فمن رابين الذي انتهى مقتولا إلى بيرس الذي ذهب خاسرا, إلى بارك الذي سقط مهزوما إلى مستنا ع الذي هبط بالمظلة إلى زعامة الحزب وانسحب محبطا إلى بيرتز الذي جلبته تناقضات الحزب وصراعاته الداخلية إلى زعامته مؤخرا,أما عن بقية زعماء هذا الحزب الذين يرون في أنفسهم أنهم الأحق في زعامته فحدث ولا حرج. فقد انتهى هذا الحزب في السنوات الأخيرة إلى مجموعة من التيارات والشظايا المتناحرة التي لا يجمعها سوى الصراع على المال والسلطة والنفوذ .إلى جانب تراجع مكانته وتأثيره ونفوذه إلى مصاف الأحزاب الصغيرة وأفول نجمه بعد أن كان ذلك الحزب الذي لعب دورا أساسيا في إخراج المشروع الصهيوني إلى حيز الوجود ومن ثم حكم الكيان الإسرائيلي لأكثر من ثلاثة عقود .ولم ينته به الأمر إلى هذا الحد وإنما بدأت بعض الرموز المؤثرة فيه والتي تمثل تيارات أساسية بمغادرته والبحث عن بدائل حزبية جديدة أخرى. فقد انسحب منه يوسي بيلين وشكل حزبا جديدا ,وبعد ذلك غادره شمعون بيرس مع مجموعة كبيرة من قيادته وانضوت في حزب كاديما . أما الآن فان الصراع على زعامة هذا الحزب فينحصر بين ثلاثة مجموعات وتيارات تمثل ما تبقى منه , تيار بيرتس الزعيم الحالي الذي يعيش حالة من العزلة السياسية, وخلاف حاد مع رئيس الحكومة وشريكه في الائتلاف الحكومي , والتيار الثاني يتزعمه باراك وعامي ايلون الذي يطمح بالعودة إلى زعامة الحزب والى الحكم بالرغم من فشله في الحكم في فترة سابقة , ويبقى التيار الثالث والأخير الذي يمثله بنيامين بن العيزر وزير الدفاع السابق , وتظل صناديق الاقتراع هي التي ستفصل بين هؤلاء المتصارعين الثلاثة على حزب يعاني سكرات الموت . نداف ايال الكاتب في صحيفة معاريف يصف الصراع بين المتصارعين الثلاثة على زعامة حزب العمل على انه صراع بين فاشلين بحكم تجاربهم السابقة واللاحقة سواء في زعامة حزب العمل او في الحكم بشكل عام : اليوم, بعد ثلاثة أيام من إعلانه عن عودته, يبين استطلاع معاريف/تلسيكر أن المرحلة الأولى من رجوع باراك قد اُستكملت: لقد أصبح المرشح المتقدم لرياسة العمل. هذا هو المخطط: الخلط بين صمت طويل وكأس ملأى من حرب كارثية, مع إضافة ثُلة من الكارهين أصبحوا مؤيدين في الأساس بخصم سياسي على الألواح الخشبية يوجد اجماع على استبداله به. هكذا نضجت عودة أيهود براك, وهكذا تحول من إحدى الشخصيات المكروهة في إسرائيل إلى مرشح وقوي برياسة حزب العمل.الأيام الأخيرة تجرى في الأعلام استطلاعات تمت استعادتها من الأسبوع الماضي, حتى قبل إعلان باراك في المهرجان الإعلامي الذي صاحبه. الاستطلاع الذي أمامكم هو الأول الذي تم عندما كانت المستطلعة آراؤهم قد علموا بلا أي شك أن باراك سينافس, واجري بين أعضاء الجهة الناخبة: منتسبي حزب العمل: فما يقرب من 48 في المائة يقولون أنه باراك تغير إلى الأحسن. والباقون يعتقدون أنه لم يتغير, ونحو 4 في المائة فقط يقولون أن تغير إلى الأسوأ. ويعتقد هذا الكاتب بأنه :يوجد لعمير بيرتس نواه صلبة تقدر ب 12 في المائة من أعضاء الحزب, سيمضون وراءه في نار النقد العام الحارقة. في حالة بيرتس, المعنى هو ترك مكتبه والاستمرار في المنافسة من منصب وزير اجتماعي, او حتى الانضمام إلى عامي ايالون (مرشح باراك لوزارة الحرب) . إن 35 في المائة من أعضاء العمل, أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف مؤيديه الآن قد يقولون انه إذا ما تخلى بيرتس عن وزارة الحرب فان هذا الشيء سيقوي إمكان أن يصوتوا له. يحسن أن نفهم مع ذلك أنه يوجد أناس سيقولون كل شيء - بشرط أن يترك بيرتس.... وحول الأسباب التي حدت ببارك لترشيح نفسه لزعامة حزب العمل يقول أريه شابيط في هارتس : في الثاني عشر من حزيران 2006 حددت حكومة أولمرت - بيرتس مصيرها. القرار المتسرع والمستعجل الذي أخذه أولمرت ووزير الدفاع في حينه حول حكومة الانطواء التي شكلاها إلى حكومة حرب فاشلة. قرار أولمرت وعمير بيرتس التجاوب مع توصية رئيس هيئة الأركان, دان حلوتس, بشن هجمة جوية حوّل حكومة الأمل المدنية التي يترأسانها إلى حكومة تدهور استراتيجي. أولمرت وبيرتس يمران في حالة توهان. رغم محاولاتهما التشبث مرة أخرى بمقاليد الأمور واستعادة الاستقرار - طائرتهما السياسية في حالة دوران تغوص في طريقها نحو السقوط الحتمي. ...ويضيف أريه شابيط قائلا :الفاكس الذي أرسله ايهود باراك في هذا الأسبوع إلى ايتان كابل أنهى موسم القطيعة هذا. قرار باراك التجرؤ ومحاولة خوض المنافسة, غيّرت المشهد السياسي وجلبت إلى الساحة المتعطشة للتغيير عنصرا وداعية للتغيير, ومنحت للحاجة الملحة المطلوبة - وجهاً واسماً وعنواناً.في الشهرين القادمين سيحتدم الجدل حول باراك وشخصيته وماضيه.....لذلك, تعتبر الطاقة الكامنة في إعلان باراك عن خوض المنافسة هائلة. دخوله سيتمخض عن ديناميكية سياسية جديدة, وقد يُقرب نهاية حكم أولمرت وبيرتس ويشير إلى إمكانية إحداث الفرقعة . إذا لم يفشل براك نفسه ولم يمارس الخداع فان فرصته كبيرة في تحويل حزب العمل على المدى البعيد إلى حزب وسط كبير يجتذب نصف كديما ويكون حزب الحكم المستقبلي .كل شيء مفتوح, وليس هناك أي شيء مضمون, ولكننا شهدنا في هذا الأسبوع أسبوعا سياسيا واعدا لأول مرة منذ انتهاء الحرب. ابراك وميني مزوز قد يتسببان في خروج إسرائيل من دوامة أولمرت وبيرتس نحو الدرب الحقيقي الواضح. عوزي بنزيمان في هارتس يرى بان باراك شأنه شأن نتنياهو ليس له أي حظ للفوز في زعامة حزب العمل لأنه زعيم فاشل : ايهود باراك يشبه من أعلن عن حمية شديدة ويحمل في يديه قائمة طعام دسمة كان قد طلبها قبل لحظات من النادل. هو يصرح أنه قد تعلم العِبرة, وغيّر سلوكه السياسي كليا, إلا أن الطريقة التي اختار الإعلان من خلالها عن الطفرة العميقة التي اجتازها تدلل على أنه ما زال نفس الشخص الذي عهدناه في ديوان رئاسة الوزراء قبل ست سنوات من الآن.أما رأي الكاتب نفسه بعمير بيرتس لا يختلف عن رأيه بباراك فكليهما فشلا في منصبيهما كوزراء للحرب :كان عمير بيرتس يستطيع أن يكون وزير دفاع في حكومة شارون. علم الجمهور, والحكومة والجيش أيضا ان الأمن عند شارون موضوع في يد رئيس الحكومة. ورئيس الحكومة جنرال, من أفضل من عرف الجيش الإسرائيلي.....ولا يوجد لا يهود أولمرت مكانة أمنية كهذه. ولا يمكن أن تكون أيضا. لهذا يجب أن يجلس في مقعد وزير الدفاع سياسي يستطيع رئيس الحكومة أن يعتمد عليه في الموضوعات الأمنية, ويستطيع الجمهور أن يثق به, ويقبل الجيش صلاحيته. لا لأنه الوزير المعين فقط بل لأنهم يجلون رأيه....لا يملك بيرتس هذا. ولا يمكن ان يكون. لا خلفية أمنية مناسبة له. الجيش لا يحترم رأيه. والجمهور لا يعتمد على وزنه للأشياء. انه إنسان أكثر حرارة ودفئا من باراك; ولديه عطف أكبر على الفقراء ومشايعة اكبر للطبقات المسحوقة في إسرائيل. لكن كل هذا لا يساعده في أن يكون وزيرا للدفاع.ويضيف الكاتب :أولمرت وبيرتس سقطا ضحية لنفس المرض المزمن الذي عانى منه رئيس الوزراء ووزير الدفاع باراك مثل أغلبية من سبقوه, وأولئك الذين جاءوا بعده. التجربة العسكرية لم تُحصن حتى شارون ووزير الدفاع في حكومته العميد المتقاعد بنيامين بن اليعيزر...موفاز لم يبتدع هذا النهج. هو واصل تقاليد من سبقوه بمن فيهم رئيس هيئة الأركان باراك وجنرالاته. حتى رئيس الحكومة اسحق رابين, صاحب الماضي العسكري التليد, لم ينجح في كي وعيهم واقناعهم بأن المناطق لم تعد ارض المستوطنين. إعتاق بيرتس من (عدم) السيطرة على الجيش وتعيينه في منصب مدني هو خطوة ضرورية بالتأكيد. نقل السيطرة مرة والى الأبد عن السياسة الأمنية (والسلام) من يد المستوى العسكري إلى يد المستوى السياسي أكثر حيوية وضرورة بأضعاف المرات. |
|