تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من الذي يأكل الحصرم .. ومن الذي يضرس ثقافة صراع المقارنة بين جيلين

أمراض المجتمع
الاربعاء 17/1/2007
لانا حاج حسن

آراؤه لاتزال حجر عثرة أمام أحلامه الراغبة في أن ترى النور فهو بنظر والديه لايزال ذلك الصغير الذي يحبو ويتعثر بخطواته الأولى

أو خوفا عليه من الدخول في أمور هو بغنى عنها .‏

لتبقى آراؤهم حبيسة أذهانهم أو البوح بها لأصدقاء مقربين وقد لا يفعلون أحيانا نتيجة الخوف الموروث .موروثات لا تجد طريقها للزوال فتفسر ضمن نطاق العيب أوالخروج عن الطاعة لسلطة الآباء.‏

تقول هناء سويدان (24 عاما ) : أبي مقتنع مئة بالمئة بصحة كلامه ومايراه هو المناسب بل الأنسب ولا جدال و رأي أنا يؤخذ على محمل المزح .أعرف أن أبي يريد الأفضل لي ولكن ما نعيشه اليوم يختلف عما عاشوه هم وتجنبا للمشكلات أقبل بما يقوله.ربما أبي كان يفكر مثلي عندما كان بعمري بأن من حقه إبداء رأيه ولكن احتراما لأبيه كان أيضا لا يجادل بالرأي.‏

بشرى الدخيل 25عاما محاسبة تقول :( في مجتمعنا دائما يشعر الأهل بدور الوصي على الولد فحالة الكبت التي نعيشها انعكست على آباءنا فهم يعتقدون أنهم كلما منعوا ابنهم من إبداء رأيه في أمور معينة يظنون أنهم يبعدونه عن المشاكل)‏

ولكن في حال غياب الأب هل تأخذ الأم هذه المكانة? وقد لا تكون أقل تسلطا منه في هذه المسائل فعلى ما يبدو موروث التربية يفرض نمطا معينا لسيطرتهما ومن هنا يرى فراس 27 عاما مهندس : (أمي لا تتدخل بعملي ربما لعدم درايتها بطبيعته ولكن تدخلها يكون في شؤون أخرى فهي صاحبة القرار قي اختيار زوجة لي, والأمر يحسم باختيارها لأنها مقتنعة باختيارها الأنسب . فأنا مهدد دائما بتهمة عدم الطاعة )‏

أما خالد حافظ 26 عاما(طبيب) الذي في بداية كلامه لعن الموروث وكل التقاليد والعادات التي برأيه هي سبب المشكلات فيقول ) دراستي للطب جاءت تحقيقا لأوامر أبي الذي لم يسمح لي بدخول فرع آخر طالما أن مجموعي كان يؤهلني دخول كلية الطب.أنا من أسرة ريفية محافظة والدخول في نقاش مع والدك يعني انك تتمرد على النظام الأبوي الذي تعودت عليه الأسرة والذي تكون الكلمة الأولى والأخيرة فيه للأب .‏

أما نور 23 عاما معلمة تقول : (مايراه والداي هو المناسب لحياتي لأنني معتادة أن أحصل على قراراتي جاهزة سواء ما يتعلق بالدراسة أو بالعمل وحتى بقرار الزواج وإبداء رأي بالخاطب , حالة من الارتباك شعرت بها عندما سألتها عن تعامل والدها مع آرائها فيما يتعلق بشؤونها الخاصة أو فيما يقع ضمن دائرة اهتماماتها لأنها قالت أنها لم تسأل نفسها هذا السؤال من قبل بل هي كانت تعتبره شيئا طبيعيا لعلاقة الأب بأولاده مع أني فصلت لها بالبداية بين النصح الذي يقدمه الوالدان وبين توليهم مهمة إدارة شؤون حياة أبنائهم .‏

أما شادي منلا 24 عاما مهندس ديكور الذي رأى أن الفارق العمري بين الآباء وأبنائهم هو من يسبب مثل هذه النماذج المرضية بينهما .فقد تكون بيئتنا التي يتأخر الزواج فيها عموما بيئة خصبة لظهور أمراض مجتمعية كبت الرأي أحدها و الذي يعزى دائما للخوف فالأب يخشى على ولده والولد المنفتح الذي تكتنفه وقدة الشباب يريد إخراج مالديه من آراء .‏

لا تعبير عن الرأي... بالوراثة‏

لكل عائلة في النهاية طريقة تعاملها الخاصة والتعميم غير جائز وهذا ما يؤكده محمد شبيب 20 عاما فيرى إن الموضوع في النهاية يعود لنموذج التربية في العائلة . في مجتمعنا السوري يعتبر الدخول في نقاش مع الأب وطرح آراء وبدائل أمامه هو نوع من التصغير لسلطة الأب وهذا معناه أنك لا تحترم أباك الذي يرى طاعتك في تقبل جميع آرائه بسيئاتها وحسناتها ودور الأم يكون بتكريس مفهوم العيب على تصرفاتنا .ولكن هذا لا يعني انتفاء الآباء ذوي الآذان الصاغية .‏

ويبقى للتحليل النفسي رأيه فترى المعالجة النفسية دانا حسن 27 عاما: (أن ما تربينا عليه يقوم على عدم الخروج عن سلطة الأبوين وذلك بقبول آرائهما بصوابها وخطئها . فالشباب عندما يدخل مرحلة المراهقة ويبدأ بتكوين شخصيته يكون أول مظاهر نمو الشخصية لديه تبادل الآراء والنقاش الذي يكون مع الأهل كبداية و بين الأصدقاء لكن الأهل لايتقبلون هذا التغير الذي طرأ على ولدهم ويعتبرونه نوعا من التجاوز ويبدؤون سلسلة المقارنات بين نموذج الحياة التي عاشوها وحياة الأجيال الحالية ويدخل الولد في صراع المقارنة بين جيل أبيه والجيل الذي ينتمي إليه ما يدفع بالشاب تجنب النقاش مع والديه لأن النتيجة تكون محسومة مسبقا, فنحن مجتمع لا يقبل الرأي الآخر بالوراثة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية