|
رؤية تكون الصورة قد اكتملت, ووصلت الكلمة الى ما تريده, وهو دونما شك, الرسالة التي أراد الكاتب توصيلها الى الآخرين. فالكاتب الدرامي, ومع ما قد يمتلكه من خبرة ورؤية, يشكو قلمه في كثير من الأحيان, من وطأة المشهد الأول, الى أن يصل النقطة التي يبدأ منها عمله, والتي يعتقد أنها قادرة على جذب المشاهد والاستحواذ على بصره وبصيرته. والروائي يشكو من وطأة الصفحة البيضاء الأولى, فيتسلل إليه العجز أمام المهمة الأكثر صعوبة وتعقيداً. ليجعل من هذه الصفحة فاتحة أحداث روايته التي يأمل أن تجعل القارىء يقع في شباك لغتها وأحداثها. أما الشاعر, فغالباً ما يكون المقطع الأول من قصيدته هو مبتغاه, لأنه مفتاح الأمل الذي يفتح بوابات مشاعره, ومنها تتدفق الكلمات على الورق, سلسلة مطواعة. والفنان التشكيلي, بما يمتلكه من إرادة اللون, ينتصب أمام القماش الأبيض, وكأنما تلك المساحة البيضاء, تحاول إغراقه في بحر التردد والخوف من أول ضربة ريشة قد تكون في غير أوانها ومكانها. المشهد الأول, هو ولادة الشيء ونقيضه, وعليه تتوقف حركة الحياة والنجاح والموت, وكأنما هو أيضاً بداية التكوين الذي يجعل من أعمالنا مكتملة المعاني والشروط والأهداف. ومع هذا, فغالباً ما نبتعد عن مواجهة هذا المشهد لصعوبة فيه أو عجز فينا, فنهجر المحاولة مرة بعد أخرى, الى أن نجد أنفسنا في مواجهة التساؤل التالي: لماذا لم نفعل شيئاً حتى الآن رغم الرغبات والدوافع الكامنة فينا?!! أما الجواب, فيظل معلقاً مثل السؤال, ذلك أن لا شيء مطلقاً يمكن أن يأتي أو يولد من اللاشيء. |
|