|
دراسات فيما حاول البعض الاخر منهم تجاهلها وإدارة الظهر عنها، لأهداف وغايات باتت جُلها معروفة ومفضوحة ولعل أهمها الحفاظ على حالة الحرب ومواصلة سياسة الابتزاز واللعب في مساحات وهوامش التحالفات والتجاذبات والانزياحات المتوقعة في المواقف والسياسات. الجيش العربي السوري عبر انتشاره السريع في الشمال رسم إحداثيات جديدة للاشتباك، وأعاد تشكيل الخارطة الميدانية هناك، حيث بات كل طرف من أطراف الإرهاب، ولاسيما الأميركي والتركي محاصراً بالحدود التي فرضها عليه الجيش العربي السوري الذي أضحى ينتشر اليوم على مساحة تبلغ أكثر من 700 كيلو متر مربع، منها ما يزيد عن 300 كيلو متر مربع على الشريط الحدودي مع تركيا. وبالتالي فإن انتشار الجيش العربي السوري في مناطق ومدن شمال وشرق سورية قد حطم رمزية التموضعات التي كانت حتى مرحلة ما قبل انتشار الجيش العربي السوري ميداناً واسعاً للتجاذبات والتحالفات وسياسات الابتزاز والضغط ليس على الدولة السورية وحلفائها فحسب، بل كانت تلك التموضعات خاضعة لسياسات الابتزاز بين أطراف التحالف أنفسهم -بين الأميركي من جهة وبين التركي من جهة أخرى، أو بين الأميركي من جهة وبين مرتزقته وأدواته، وبين التركي من جهة أخرى - . كما يتصدر إجهاض المشروع العثماني أبرز الأهداف التي حققتها الدولة السورية من فرض حضورها على الشريط الحدودي مع تركيا، وهي المنطقة التي لطالما كانت محط أطماع وأنظار السلطان العثماني الذي يجهد لفرض سيطرته على تلك المدن والبلدات بذرائع وحجج واهية أبرزها بحسب ما يدعي درء الخطر عن بلاده من تلك الطموحات الانفصالية التي ما تزال تعشش في عقول بعض الحالمين هناك. وهذا يعني أن (حلم السلطان العثماني ) قد سقط بالضربة القاضية بعد أن سحبت دمشق وبتنسيق مع حليفتها موسكو البساط من تحت أقدام أردوغان وقامت بتطويق تقدمه وحالت دون تمدده متراً واحدا داخل الجغرافيا السورية، لجهة حرق ما تبقى من أوراق الابتزاز التي كان يخبئها أردوغان في جعبته، وهذا ما وضعه مجدداً في خانة تطبيق الاتفاقات والتعهدات التي أبرمها مع الروسي والإيراني خلال اجتماعات آستنة الماضية، خاصة ونحن على مسافة أيام قليلة من جولة جديدة من محادثات آستنة، جولة قد تكون حاسمة في دفع الأخير لتنفيذ التزاماته ووعوده التي حاول خلال الفترة الماضية التهرب من تنفيذها عبر تطبيق سياسة الهروب الى الامام من خلال التصعيد الممنهج على الأرض وبالتعاون مع الأميركي. الامر الأهم الاخر الذي حققه انتشار الجيش العربي السوري في الشمال السوري هو دفع الأميركي الى الانسحاب تدريجيا من تلك المناطق وحسر مناطق نفوذه واحتلاله في جغرافية ضيقة جداً وهي الجغرافيا التي تثير نزواته ورغباته وهي تلك التي تحوي آبار النفط في شرقي الفرات، حيث قامت قوات الاحتلال الأميركي فور انتشار قوات الجيش العربي السوري هناك بإخلاء كامل قواعدها ومقرّاتها في ريفَي منبج وعين العرب التي دخلتها وحدات الجيش العربي السوري، كما أحرقت قوات الاحتلال الأميركية مقراتها وقواعدها العسكرية، وانسحبوا من معظم نقاطهم في ريف حلب. المؤكد أن انتشار الجيش العربي السوري في تلك الجغرافيا الواسعة جداً من شانه أن يعزز ويظهر جملة من الحقائق لعل أهمها وأبرزها، حقيقة انتصار الدولة السورية على كل المشاريع الاحتلالية والاستعمارية والانفصالية، و حقيقة إرادة وقرار دمشق الحاسم والواضح في إكمال طريق محاربة الإرهاب حتى آخره وتحرير كل شبر من أرضها من الإرهاب ومن الغزاة والمحتلين، وكذلك حقيقة أن الدولة السورية هي الملجأ الوحيد لكل أبنائها مهما بغى بعضهم ومهما ضل بعضهم الاخر، وحقيقة أن الرهان على الأجنبي والمحتل هو دائماً رهان مهزوم وملعون ومحكوم بالفشل والسقوط والتداعيات والنتائج الكارثية على من راهنوا عليه، وهذا بحكم دروس وتجارب الماضي. هذا ويواصل الجيش العربي السوري انتشاره في كل المدن والمناطق الحدودية وقد أنجز خلال الأيام الماضية مرحلة مهمة في عملية انتشاره هناك حيث انتشرت وحدات الجيش على امتداد عشرات الكيلو مترات، بدءاً من ريف الجوداية وحتى عين ديوار على مثلث الحدود السورية - العراقية - التركية، ما يعطي لهذا الانتشار وفي هذا التوقيت تحديدا أهمية استراتيجية كبرى لجهة أنه يمتدّ على منطقة تشكل عقدة حدودية مهمة كانت حتى وقت قريب مرتعاً لدول الاحتلال وإرهابييها ومرتزقتها. ومع انتشار الجيش العربي السوري في ريفَي المالكية ورميلان في الشمال الشرقي، يكون قد أتمّ انتشاره بدءاً من ريف رأس العين الشمالي الشرقي، وحتى عين ديوار على المثلث الحدودي، بطول يتجاوز 200 كم، بالإضافة إلى الانتشار على امتداد 100 كم من أطراف بلدة مبروكة في ريف رأس العين الجنوبي الغربي وعلى امتداد الطريق الدولي (إم 4)، وصولاً إلى بلدتَي تل تمر وأبو رأسين في ريف الحسكة الشمالي الغربي، كما أتمّ الجيش العربي السوري منذ عدة أيام انتشاراً على الحدود من ريف تل أبيض الغربي، وصولاً إلى منبج على الشريط الحدودي مع تركيا، بطول يتجاوز الـ100 كم. كذلك انتشرت وحدات الجيش من ريف منبج الغربي، مروراً بعين العرب وصرين، وصولاً إلى بلدة عين عيسى واللواء 93، بطول 100 كم، لتتجاوز بهذا المساحةُ الحدودية مع تركيا التي يسيطر عليها الجيش نحو 300 كم. |
|