تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الفصل الرابع من العولمة

بقلم: نيكولا بافيريه
لوموند
ترجمـــــــــــة
الأربعاء 18-7-2012
ترجمة: سراب الأسمر

العولمة التي ظهرت عام 1979 لتذلل حصار عصر المذهب الاقتصادي القائل بالتدخل الرسمي في سبيل إنماء الإنتاج والوظيفة , استطاعت أن تتطور مع الإصلاحات الليبرالية لأعوام 1980 ثمَ سادت مع سقوط الاتحاد السوفييتي السابق عام 1989

ما أتاح سيطرة عولمة الرأسمالية قبل أن تدخل عام 2001 في مرحلة اضطرابات بلغت أوجها مع تشظِي اقتصاد الفقاعات والركود بسبب ديون عام 2008. واليوم دخلت العولمة فصلها الرابع الذي تميّز ببطء النمو الاقتصادي في الدول المنبثقة (8,1% في الصين, 5%في الهند و 2,5%في البرازيل ) و الاستقطاب ونمو الحمائية التجارية وتأميم أنظمة المال مجددا و زيادة المخاطر في العالم المتطور.‏

يسيطر على ديناميكية الاقتصاد العالمي الجمود المحتوى منذ عام 2008 في لبّ السياسة الاقتصادية التي عوّمت المصارف ودعمت النشاط الاقتصادي وأعاقت الحمائية. هناك مجموعة من القوى تدعم النمو الاقتصادي وهي الزيادة على الطلب عند الطبقة الوسطى الجديدة في دول الجنوب والتي تزيد عن مليار نسمة, زيادة المعارف و التغيّر البيئي. لكن تصطدم هذه الأمور مع انكماش النقد وحدوث تزعزع اقتصادي قوي. وفي إطار الاقتصاد المترابط نلاحظ أن النشاط محدود بسبب الديون الزائدة وبنيوية البطالة الأمر الذي يؤدي الى تدمير العالم المتطور وحاجته الى عقود من الإصلاح, هذا وينحو عدم التوازن بين القوى العظمى إلى التقزم. بنفس الوقت الأزمة ـ ولا سيما البطالة التي طالت 220 مليون نسمة ـ فاقمت المساواة كماً وإنها تغذي الصراعات الاجتماعية, ففي دول الشمال تزعزعت الطبقة الوسطى, مغذية روح الشعوبية مُضعفة قدرة القرار لدى المؤسسات الديمقراطية.كذلك تأميم السياسات الاقتصادية والتسليف في المجال التنظيمي أبطل انجازات مجموعة الدول العشرين، وذلك في الوقت الذي بلغت فيه السياسية الاقتصادية أقصى مداها في الدول المتطورة، ولم تعد مستعدة لمواجهة صدامات جديدة، فقد بلغ دين دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية 105% من صافي الإنتاج الوطني. فيما أغلّت البنوك المركزية 18000 مليار دولار. والسلاح الوحيد الذي بقي بأيدي الدول هو تخفيض قيمة العملة وهذا ما لجأت إليه الولايات المتحدة وكبرى الدول المنبثقة خشية تصاعد الحمائية التي قد تؤدي إلى تحطيم المبادلات التجارية وتؤثر على التسديدات الدولية.‏

أما الأزمة في أوروبا فهي كسائر أزمات دول العالم، فكانت بتحطيم العولمة تحت تأثير الحمائية وانخفاض التنافس ما لم نقل تشظي منطقة اليورو وسوقها الواسع وبدء انكماش النقد عام 2008. مذ ذاك وجدت السياسة الاقتصادية نفسها مضطرة في تعاملها مع الأهداف البعيدة المدى على أربع أولويات..‏

الأولوية الأولى هي زيادة الإنتاجية من خلال التأهيل والإبداع على جميع المستويات: إنتاجية، مواد أولية، طاقة، وإنتاج... الأولوية الثانية تكون بإعادة تشكيل النماذج القادرة على حماية الأفراد والشركات والدول من الصدمات وتتم الحماية من العولمة بما حملته لدول الجنوب عبر الضبط الفعال للأمور... أما عدم استدانة الدول المتطورة واستمرار الدول المنبثقة فتنطوي عن تغييرات جذرية باستثمار أفضل وإعادة بناء الدولة المثالية في الشمال وفتح أسواق جديدة. الأولوية الثالثة تكون بالإدارة الدولية للمخاطر التي تهدد العالم إذ إن جميع اللقاءات –مثل النقاشات حول التمويل والعملات في وسط الدول العشرين، ودورة المنظمة العالمية للتجارة في الدوحة- كلها أخفقت... الأولوية الرابعة والأخيرة تكون بتحقيق الثقة بين القادة السياسيين والمؤسسات العامة بما في ذلك البنوك، في حين نواجه تزايد المخاطر وانتشار عوامل القوة في عالم متعدد الأقطاب..‏

هذا وقد زاد الضعف في مؤسسات منطقة اليورو بسبب اختلاف وجهات النظر بين ألمانيا وفرنسا ولا ننسى أن استمرار العولمة يحتاج لـ «عولمة السياسة»...‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية