تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


على الخشبة..(بانتظار المطر)..عرضٌ جمع شروطاً أكاديمية وإبداعية

مســــــرح
الأربعاء 18-7-2012
آنا عزيز الخصر

بطولة جماعية تقاسمها طلبة المعهد العالي للفنون المسرحية السنة الأخيرة، على صالة المسرح الدائري، عبر عرض متميز هو (بانتظار المطر) إذ امتلك العرض وجها مشرقا كعرض فني، وإن تمت الاستفادة من هذه الحالة أكاديميا، وقد تبلور الإبداع في أجوائه

، وفي عناصره، كما ترجمت جماليات مختلفة، لأسباب عديدة توزعت بين إمكانية العمل لإظهار مقدرات فنية، رشحت من مختبر فني مكتنز بالخبرة والحيوية، وبين نضج عملياته وآلياته الفنية، للخروج بعرض مسرحي متألق، له القول الجميل، في ظروفنا المزدحمة بالسواد، حيث حمل العرض عبر إنسانية عميقة، ترتقي بالإنسان، فتبعده عن لوثات راهنة تستهلكه، لأنها هي ذاتها تأخذه إلى مهاو، يعتقدها الهدف، ناسيا، مهملا الحقيقة الإنسانية، ويلفت العرض النظر إلى أسئلة عميقة، صحيح أنها تقترب من المثالية، إلا أنها محقة، عندما تدور دائرتها في رحلة الحياة والموت، لتخرج من الحياة بأفضل مافيها وهو الحب، الذي دارت حوله لوحات العرض كافة، ليعالج بأشكاله الواسعة ومعانيه الكثيرة، ويسخر له مقومات وعناصر وحلولاً فنية، كي يجسد دعوة مدوية، تلفت نظر الجميع، أما لوحات العرض مثلت في فضاء مسرحي، قسم إلى أكثر من مستوى، وساعد في إيصال الكثير من العبر والأفكار، مسرحت عبر أشكال عديدة، فبدا العرض، كأنه عرضٍ احترافي، قدم مشاهد بصرية وجمالية متنوعة، ومقولات وعبرا، أبرزها ضرورة حضور الحب، فهو يغلب الموت، وكان (تيمه) العرض الأساسية، التي برزت وتلونت بأشكال حياتية مختلفة، فصورت الكثير من التفاصيل الحياتية، واستوعب فضاء العرض بدوره أمكنة وأزمنة كثيرة، واختلفت أجواء العرض، كأنها عدة عروض في عرض واحد، التقت جميعها عند جوهر الحب على سعته، وان اختلفت في الأفكار، التي نقلت الكثير من دقائق حياتنا اليومية، بأشكال مختلفة فيها أمال وأحلام ومصاعب، لكنها كلها أكدت على فكرة الحب، التي تمحورت حولها اللوحات المتصلة المنفصلة، فكان إصرار لافت تجاه الحب، لأنه هو الوحيد الذي يميز الإنسان، وكان التأكيد في كل لوحة، وكل فكرة إلى حد أصبح الدعوة الأهم في العرض، (بانتظار المطر) عرض جريء قدم رؤيته وأبعاد آفاقه المثالية، وسط سواد نعيشه كسوريين، ليلفت نظر الجميع إلى بقعة أمل، قد تكون الأكثر صوابا، إذ اتجه العرض إليها، ببنيته الدرامية ونقاط اختلافه وتقاطعاته مقدما إياها بصيغة فنية لها خصوصيتها، في اتجاهات عدة، بعد أن قدمت مهارات الطلبة، وخبراتهم، وقد عودنا الدكتور(سامر عمران) على التجديد في الأفكار، ومسرحتها دوماً في مساحات متألقة من الإبداع، يذكر أن الطلاب المؤهلين للتخرج هم ثمانية عشر طالبا وقد أتيح لكل منهم تجسيد دوره بأبعاده المطلوبة فنيا ودراميا وأدائيا..‏

حول العمل كعرض مسرحي وكمشروع تخرج، وأشياء أخرى تحدث الدكتور (الفنان سامر عمران) المشرف على المشروع فقال: لمشاريع التخرج شروط أخلاقية، علاوة على الشروط الفنية، ومهمتي كمخرج وكمشرف، أن أحقق كل تلك الشروط وخصوصاً أن عدد الطلبة يعتبر عالياً جداً، وصعب إيجاد نص يمكنه، أن يجسد أدواره ثمانية عشر بطل، لأنه من الضرورة بمكان أن يكون هناك عدالة بين جميع الطلبة، ليتاح لهم تقديم الأدوار المختلفة، بما يكفل ترجمة قدراتهم الأدائية بالشكل الأمثل، ودون مبالغة إنها حالة صعبة التحقق، لذلك لم أختر نصاً واحداً، بل مجموعة من النصوص للكاتب وليد إخلاصي، من أجل أن أعدل بين الطلبة بشكل دقيق، فعملنا على النصوص وطوعناها لمصلحة العرض، والتوازن مابين الطلبة، ليقدم كل منهم قدراته، واعتمدنا على (تيمه) الحب، لأنه لا يمكننا أن نتكلم بشيء غيره في هذه الفترة، لم أتكلم في الايديولوجيا، لكني حاولت أن أظهر أن كل شيء يذهب ويبقى الحب، كما أكدت عليه من منظور مفهومه الواسع، ليكون هنا اكبر من الحب الذي يجمع اثنين رجل وامرأة، والمقصود هنا المفهوم المطلق له وبأنواعه، فكان هناك صيغة فنية وسينوغرافيا، تترجم كل ذالك لخلق معطيات تظهر أن ما بين الموت والموت، لا يوجد إلا الحب، فكان لباس الممثلين، قبل اللوحة لباس مومياء، خلعوها، جسدوا أدوارهم التمثيلية والحياتية ثم عادوا للبسها، ولم يقصد بذلك موضوع التشاؤم إلا أن الحياة هي هكذا، وخصوصاً أن ما يجري في واقعنا هو على درجة كبيرة من العبث، فحاول العرض معالجة حالات إنسانية عالية المستوى، لم تحمل التشاؤم بقدر ما حملت نوعاً من القراءة ورؤية لمفهوم الإنسان المعاصر، الذي يعيش هذه المرحلة، من هنا تظهر أهمية الفعل الأجدى والدعوة إلى الحب، والذي يمكننا السعي إلى فهم الآخر، كما هو لا كما نراه، فأنا فنان ولا يمكنني أن أهرب من الواقع، ومهمتي هي التوصيف، وليس إعطاء وصفات، مهمتي أن أقدم رؤية ووجهة نظر وقراءات، لذالك علينا جميعا أن ندعو إلى الحب، لكن هذا لا يعني إن نتسامح مع الخطأ، بل نعتمد على أفضل حالة جمعت بين البشر، لأنه لكل هذه الظروف جواب واحد هو الحب، وهو المبدأ والمنتهى والمغزى، وبما يحمله من معانٍ الاحترام للآخر، والتعاطي والاعتراف بكينونته ووجوده، وهذا أهم ما يطرح في الفن.‏

ولا بد من القول وان كان العرض هو تخرج للطلبة، إلا انه يبقى عرضا فنيا، ويفترض به من جهة أخرى، الإيفاء بجميع الشروط الإبداعية المختلفة، إضافة إلى الشروط الخاصة، التي تتطلبها عروض التخرج بشكل عام، وعلي أن أحمله الجديد والتجدد في كل الاتجاهات.‏

الطلاب المرشحون:احمد كيكي.أسامة الحفيري.أويس مخلالاتي.إناس زريق.جفرة يونس.جيانا عيد. حسين الشاذلي.روبين عيسى.ريما سلوم. سامر خليلي. شادي عفوف. عبير حريري.عزت ابو جبل. ماسة زاهر.محمد رفاعي. محمد جمادي.نجاح مختار.ينال منصور.إشراف وإعداد الدكتور سامر عمران، التعاون الفني زهير العمر, إضاءة ماهر هربش.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية