تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بعد رخصة المحافظة المشروطة على نقل سوق المواشي بالنشابية... سحب الترخيص من المستثمرين وهدم البناء وهدر عشرات الملايين...جهل البلدية والمستثمرين واجتهاد المحافظة أضاع الحقوق .. فهل من تعويض؟!...المحافظة:وافقنا على نقل السوق ولم نوافق على البناء..!!...المستثمرون: نفذنا التعليمات.. فخسرنا رأس المال...البلدية:أوقفنا العمل.. ولم نلحظ مخالفات.. والترخيص نظامي

تحقيقات
الثلاثاء 27-10-2009م
عدنان سعد

محافظة ريف دمشق توافق على مشروع نقل سوق المواشي بالنشابية إلى خارج التنظيم العمراني وتضع شروطها.. والبلدية تمنح رخصة بناء للسوق الجديد.. والمستثمرون أنجزوا مراحل متقدمة من العمل.. لتتراجع المحافظة وتسحب الترخيص وتهدم ما تم اشادته من السوق.. تحت ستار أنه مخالفة عمرانية يجب ازالتها بموجب المرسوم /59/ وتعليماته.

بعد أن تبين وجود سوء فهم في المراسلات الادارية بين المحافظة والبلدية. كانت محصلتها خسارة عشرات الملايين من حساب المستثمرين وصفعة للاستثمار في ريف دمشق..‏

الحدث‏

حضرت محافظة ريف دمشق قوية بعناصرها وآلياتها لهدم الأعمال الانشائية المنفذة بمشروع سوق المواشي الجديد بالنشابية بعد ظهر الاثنين 19/10 الجاري أمام استغراب المستثمرين والأهالي والجهات المعنية بالمنطقة..‏

القصة من البداية‏

يقول المستثمر /ع.ح/ إنني أملك وشركائي /ت.ح/و/م.ز/ العقار /76/حزرما.. والبالغة مساحته /40/ دونماً وفي نهاية تموز الماضي حضر مندوب بلدية النشابية وأعلمنا أن عقارنا تنطبق عليه الشروط الناظمة لنقل سوق المواشي من داخل التجمع العمراني بالنشابية إلى خارج التنظيم ولوقوعه خارج حدود الغوطة.. وطلب منا مراجعة البلدية بهذا الخصوص.‏

وفي البلدية طلبوا منا التقدم بطلب رسمي نعرض فيه نقل السوق إلى عقارنا مع استعدادنا لتحمل مسؤولية ما ينجم عن ادارة السوق والعمل وفق متطلبات مجلس البلدة واستعدادنا لتسديد الرسوم القانونية كما ورد في الكتاب /1198/ تاريخ 4/8/2009..‏

البلدية توافق مبدئياً‏

ونظراً لشكاوى الأهالي من وجود السوق ضمن المخطط التنظيمي وما يسببه من ضغط وازدحام واختناق مروري ومع استعداد المستثمرين الجدد لنقل السوق إلى عقارهم وبناء سوق مثالي. أعلمت البلدية المحافظة بمضمون الكتاب المذكور بنفس تاريخ تقديمه واقترحت الموافقة المبدئية ليتم بعدها وضع الشروط المناسبة لكلا الطرفين كما جاء في كتابها/8198/.‏

المحافظة توافق بشروط‏

وفي نهاية آب الماضي وافقت المحافظة بكتابها /12393/ على كتاب البلدية المتضمن نقل السوق إلى الموقع المذكور شريطة التقيد بستة شروط.. تمثلت أن يبعد السوق عن المخطط التنظيمي على الأقل مسافة /500/ متر وأن يتم بناء المعازب بمساحة لا تتجاوز /20٪/ من مساحة السوق لتخديم المواشي وأن توجد فيه وحدة بيطرية للاشراف على المواشي الداخلة والخارجة حرصاً على عدم انتشار الأمراض المعدية وأن يكون بعيداً عن الأشجار والغطاء النباتي مسافة لا تقل عن /100/ متر وأن تكون الأرض خالية من الزراعة، وأن يلتزم المستثمرون بترحيل مخلفات السوق والتقيد بأحكام قانون النظافة باشراف البلدية والوحدة البيطرية ودائرة الزراعة مع تأمين مصدر مائي إما عن طريق الصهاريج أو حفر بئر خاصة بالسوق وبعيدة عن حرم مياه الشرب وضمن المسموح به.‏

التزام الشروط.. وتسديد الرسوم‏

وأشار المستثمرون أنه وبعد موافقة المحافظة المشروطة تم الاتفاق على صيغة عقدية مع البلدية بالاستناد إلى قرار المكتب التنفيذي رقم /55/ تاريخ 14/9 بالجلسة /16/ تتمثل باستيفاء رسم مالي سنوي مقداره نصف مليون ليرة للبلدية والتقيد بكامل شروط المحافظة..‏

إعداد رخصة للبناء‏

وتم اعداد دراسة هندسية متكاملة للمشروع بدءاً من دراسة التربة واعداد مخططات كروكي مساحية مصدقة من نقابة المهندسين وتسديد رسوم النقابة والتراخيص للبلدية والتأمينات الاجتماعية بما مجموعه مليوناً و/300/ ألف ليرة.‏

وبتاريخ 1/10 الجاري صدرت الرخصة تحت رقم /1/3/و متضمنة تشييد بناء مؤلف من حظائر وغرف خدمات من البيتون المسلح وعلى مسؤولية المهندس الدارس ودققت وشوهدت من عناصر ورئيس المكتب الفني وصدقت من رئيس البلدية.‏

المباشرة بالبناء‏

وأمام ضغط الحاجة لنقل السوق إلى الموقع المقترح طلب بعض المعنيين بالمحافظة السماح للمستثمرين بالأعمال الانشائية بالتزامن مع انجاز الرخصة كما أفاد رئيس البلدية السابق والذي تم اعفاؤه من مهامه يوم صدور الرخصة..‏

وأشار المستثمر/ع.ج/ إلى تنفيذ أعمال ردم بالحجارة لمساحة /15/ دونماً كما تم ردم /5/ دونمات بالبحص والرمل ثم تزفيتها، وتم تشييد بناء مؤلف من مساحة تزيد على /500/ متر مربع تمثل غرف المعازب والحظائر والخدمات وأماكن الاستراحة وخدمات عامة للسوق مع تصوينة للعقار /238/ متراً مربعاً وطول/952/ متراً طولياً.. وبتكلفة اجمالية تجاوزت /30/ مليون ليرة، وأن مجمل هذه الأعمال لا يمثل سوى نسبة /3٪/ من اجمالي المساحة فيما سمحت المحافظة بالبناء لمساحة /20٪/ من اجمالي مساحة السوق..‏

وأشار المستثمرون أنه بعد مضي أيام على منح الرخصة حضر إلى موقع المشروع عضو المكتب التنفيذي المختص وطالب بإيقاف العمل مبدئياً وترجمته البلدية بكتابها /133/ تاريخ 4/10/ الجاري.‏

ولأخذ العلم فإن كتاب البلدية ذاتها إلى المحافظة في اليوم التالي /5/10/ الجاري برقم /234/ أكد على تنفيذ المستثمرين لشروط الترخيص التي وضعتها المحافظة مع التأكيد على ايقاف العمل. لماذا؟ قالت البلدية هكذا أوامر المحافظة؟!‏

تناقض المحافظة‏

ومع ايقاف العمل ببناء السوق أبلغت المحافظة البلدية بالفاكس رقم /2571/ تاريخ /12/10/ الجاري ما مضمونه حرفياً: «بالاشارة إلى ما أثير في اجتماع مجلس المحافظة بدورته العادية الخامسة بخصوص: لماذا أسواق المواشي ما زالت قائمة ضمن المخططات التنظيمية مع الاطلاع وبيان الرأي وإعلام المحافظة خلال اسبوع من تاريخه» انتهى.‏

لكن ما يدعو للاستغراب أنه بنفس اليوم ورد من المحافظة ذاتها الكتاب رقم /14372/ يطالب بسحب الترخيص الممنوح للمستثمرين لمخالفته الأنظمة والقوانين وهدم البناء المخالف وتطبيق أحكام المرسوم /59/ وتعليماته واعلام المحافظة بالإجراءات المتخذة فوراً.‏

وبعد ظهر الاثنين 19/10 الجاري نفذت المحافظة وعيدها بالضربة القاضية ومن خلال ورشة الهدم المركزية وباشراف عضو المكتب التنفيذي المختص.‏

البلدية: لا توجد مخالفة‏

واللافت في القضية أن كلام المستثمرين جاء متوافقاً مع كلام البلدية ومكتبها الفني حيث تم التأكيد أن المستثمرين نفذوا شروط المحافظة بالكامل ولا توجد مخالفة أصلاً.. حتى إن عضو المكتب التنفيذي المعني طالب بمنح الترخيص وارسال الاضبارة للمحافظة لاستكمال دراستها؟!‏

وأجمع أعضاء المكتب الفني على عدم وجود مخالفة منظورة بحق المستثمرين مع ابداء الاستغراب حول اجراء المحافظة؟!‏

استياء واستهجان‏

في مقر الوحدة الادارية للبلدة أجمعت العينات التي استطلعنا آراءها والتي تمثل النشابية والبلدات التابعة على الاستياء العام من الاجراء القاسي الذي اعتمدته المحافظة بحق المستثمرين..‏

وأجمعت احدى العينات على أن نقل السوق إلى المشروع الجديد لا يمثل حلاً ادارياً للبلدية والمحافظة وحسب وانما حل شعبي..‏

أبواب المحافظة موصدة‏

لبيان رأي المحافظة حيال إجراءاتها أوصدت أمامنا الأبواب وفشلت محاولاتنا عن طريق الموبايل أو الهاتف الثابت في الحصول على لقاء مع السيد المحافظ ولم تفلح محاولات مدير مكتبه على مدى ثلاثة أيام..‏

وبعد تردد أجابنا عضو المكتب التنفيذي المختص محمد ديب حيدر باقتضاب شديد: إن اجراءنا معكم كصحافة يتمثل بالرد على ما تنشرونه دون تقديم اجابات على استفساراتنا مكتفياً بالقول: القصة وما فيها مخالفة وأزيلت بناء على أحكام المرسوم /59/ وتعليماته، كما أن موافقة المحافظة جاءت على نقل السوق وليس بناء السوق وتمت المباشرة بالبناء دون علمنا.. ونحن نفذنا القانون..‏

من وراء الكواليس‏

وخلال لقاءاتنا مع بعض المرجعيات بالمحافظة تبين أن هناك العديد من الموافقات الشفهية للمباشرة ببناء السوق قبل انجاز الترخيص.. وبالتأكيد فإن من أصدر هذه الموافقات سيتنصل منها الآن كونها شفهية وغير موثقة..‏

وأشار البعض إلى أن اجراء المحافظة كان غير مبرر وليس من الضرورة إصلاح الخطأ بالخطأ؟!..‏

جهل المستثمرين‏

حول واقع الحال بيّن المحامي محمد حبيب أنه لايوجد أدنى شك بأن الرخصة الممنوحة للمستثمرين نظامية وصدرت بشكل أصولي ووفق الأنظمة المرعية وبموافقة الجهة الادارية صاحبة الصلاحية بالمنح.. كما تم البناء وفق ما حددته الرخصة.‏

ولا توجد أي مخالفة تستوجب قرار سحب الترخيص واعتبار البناء مخالفاً يجب هدمه بتأكيد الوثائق الصادرة عن المحافظة كوحدة ادارية.‏

إلا أن جهل المستثمرين بالقانون أوصل الأمور إلى هذا الحد وكان يتوجب على صاحب الترخيص بعد صدور إنذار المحافظة اللجوء إلى مجلس الدولة صاحبة الصلاحية بإلغاء القرارات الادارية.‏

كما أن مجلس الدولة هو الملاذ الآمن لرفع المظلومية من جور الادارة وعموماً يمكن لصاحب الترخيص الذي سحب ترخيصه بقرار من الجهة الادارية أن يراجع القضاء المختص لتحديد الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به وفق ما جاء بقانون الادارة المحلية لعام 1971 والذي أعطى الحق لصاحب الترخيص المسحوب أو الملغى بالمطالبة بالتعويض عن كل ما لحق به من أضرار سواء كانت حقيقية كما في الحالة المذكورة أم احتمالية..‏

تبريرات غير مقنعة‏

بداية هناك قرار وزاري يمنع منح التراخيص خارج المخططات التنظيمية في دمشق وريفها ريثما تنتهي اللجنة الاقليمية من وضع تصوراتها لإقليم دمشق الكبرى..‏

ويبدو أن هناك جهلاً آخر غير الذي ذكره المعنيون بالمحافظة حيال المستثمرين والبلدية وإلا فكيف توافق المحافظة على نقل السوق أساساً إلى خارج المخطط التنظيمي.‏

وإذا قال المعنيون بالمحافظة إنهم منحوا موافقة مشروطة للبلدية بنقل السوق إلى خارج المخطط التنظيمي ولم يوافقوا على بناء السوق... فلماذا وضعوا شروطهم الستة على كتاب البلدية المتضمن الموافقة المبدئية على نقل السوق؟.. فيما تقول البلدية إنها منحت الرخصة بناء على موافقة المحافظة.. وبناء على اتصالات وأوامر شفهية تلقتها من بعض المعنيين فيها وزيادة على ذلك تطالب بالسماح للمستثمرين بأعمال البناء بالتوازي مع إجراءات الترخيص..‏

وإذا كانت البلدية قد أكدت للمحافظة عدم وجود مخالفات بالمشروع وأنه تم تحقيق كامل الشروط الموضوعة.. ورغم ذلك وجهت البلدية الانذار استجابة لطلب المحافظة.. فهل الخلل من المستثمرين؟ أم يجب البحث عن مواطنه في جهات أخرى؟!‏

المصداقية.. ثم المصداقية‏

لا ننكر تأكيدات المعنيين أن المستثمرين شبه أميين ويجهلون القانون.. لكن حسب المحافظة فإن البلدية جاهلة أيضاً ويجب أن تحاسب؟!‏

ونقول ما بين جهل المستثمرين والبلدية.. وعبقرية المحافظة تم هدر أكثر من /30/ مليون ليرة ذهبت هباء حسب المستثمرين.. اضافة إلى أعباء اضافية كحفر القواعد وتكسير الأعمدة وترحيل المخلفات.. فمن سيسدد الفاتورة هنا.. وهل مصداقية المحافظة كجهة ادارية راعية أن تقع في مطبات ذات تأثير سلبي على مصداقيتها وخصوصاً في الجانب الاستثماري بمشروع خدمي ذي نفع عام...؟‏

ما نأمله أن تحمل لنا الأيام القادمة مزيداً من التفسيرات لما حدث...‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية