|
ايمانيتيه على كل حال ، هي بشارة خير توحي بالأمل لبناء عالم أفضل قائم على المساواة والديمقراطية والحرية والعيش الكريم. لقد وجهت لجنة التحكيم إياها إلى أوباما تحديداً ومنحته جائزتها، علماً أن رؤساء دول عديدة يدعون في هذه الأيام إلى السلام والعمل من أجله. ربما لكونه رئيس أكبر دولة في العالم تتوفر السبل لديه أكثر من غيره، والحال هذه أن يعمق رؤيته في عالم يسوده العنف وتجرفه هزات مالية عنيفة ويتعمق فيه عدم المساواة ويتعرض لتغييرات بيئية ومناخية ويزداد التوتر في العلاقات الدولية وتشتعل الحروب الدامية هنا وهناك، هذه كلها قضايا ملحة تواجه الإنسانية جمعاء، التي تتوقع في هذه الأيام معالجتها من قبل من فاز بجائزة نوبل المشجعة والهادفة. ثمة الكثير من المشاهير على امتداد العالم قد نالوا جائزة نوبل تكريماً لجهودهم في زرع البسمة والسلام في جنبات هذا العالم المظلم منهم على سبيل المثال لا الحصر مارتن لوثر كينغ، الأم تريزا، ومانديلا. قد يستأهل أوباما الجائزة لكونه وضع جانباً نظرية بوش المخجلة والمشؤومة القائمة على افتعال الحروب في الحضارات التي لا تشبه حضارة بلاده، وتعنته المخزي حيال التوقيع على معاهدة كيوتو للمناخ، هذا التفكير المتزن من جانب أوباما لايكفي بل يترتب عليه أن يترجم كل أقواله وأمانيه على أرض الواقع لما في ذلك من ضرورة ملحة. ومع ذلك يبدو الأمر متناقضاً، فكيف يمكن للجنة تحكيم على هذا المستوى أن تمنح جائزتها لرئيس دولة تقوم باحتلال دول أخرى،خاصة أفغانستان والعراق، مايتطلب حشد الشعوب للتوصل إلى حلول دبلوماسية وسياسية لمنع استمرار الحروب والاقتتال فيها، لكي يستعيد العراقيون والأفغان سيادتهم السياسية والاقتصادية. إننا نشارك صحفاً عالمية بتوجيه التحية إلى جهود أوباما بخصوص إلغاء نصب الدروع المضادة للصواريخ على الحدود بين تشيكيا وبولونيا، وقرار التصويت الداعي لإيجاد حلول تقوم على عدم التسلح النووي والتوقف عن إنشاء ترسانات نووية جديدة واللجوء إلى الطرق الدبلوماسية مع إيران بدل المواجهة وتعيين مفوض مكلف بالبحث عن حلول مناسبة لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وبناء دولة فلسطينية قابلة للحياة تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل ويكون أمنها مضموناً، والعمل على إغلاق سجن غوانتانامو المشؤوم، لكن مايدعو للأسف أن هذه الحلول مازالت طي أدراج المكتب البيضاوي للرئيس أوباما. وعلى غرار أوباما ينبغي للرئيس الفرنسي ساركوزي أن يلتفت أكثر إلى القضايا الدولية الملحة، وأقول كيف له أن يسعى إلى إعادة دمج بلده في حلف الناتو، وفي الوقت نفسه يرفض انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي وبسط يده لها. لماذا يستمر في لعب سياسة الضغط على أفغانستان وإرسال المزيد من الفرق العسكرية لها. على أي حال، مازال الطريق طويلاً أمام أوباما للعمل بجدية والتزام تأمين بناء عالم أكثر أمناً وتناغماً وأقل فقراً وجوعاً ودماراً وتخريباً للبيئة والمناخ. إذاً جائزة نوبل ماهي إلا دعوة لباراك أوباما للتحلي بسياسة شجاعة حازمة وصلبة تمد يدها إلى كافة الدول وشعوبها دون النظر طويلاً إلى مصالح بلده الخاصة لمعالجة القضايا الشائكة والخطرة وأهمها على الإطلاق الفقر والديون الهائلة الكريهة المترتبة على بلدان العالم الثالث وإطفاء الحروب هنا وهناك، وفض الخلافات والنزاعات دون أن ننسى بناء الدولة الفلسطينية وتوفير الأمن المطلق لها. كما عليه، وفقاً لما ترمي إليه الجائزة أن يلازم شعوب أمريكا اللاتينية في حل قضاياهم واحترام التصويت بخصوص إعادة زيلايا، رئيس هندوراس لممارسة مهامه، ورفض زرع قواعد عسكرية في كولومبيا وفك الحصار عن كوبا وتحرير بعض المعتقلين من مواطنيها في سجون ميامي. وكما قلت آنفاً، هذه الجائزة الثمينة ليست إلا لتحفيز جهود أوباما لخلق خيارات جديدة وتكريس النيات والأقوال بأفعال ملموسة طالماانتظرها العالم على أحر من الجمر، تلك هي قوة الوعد الجميل والأمل الذي نتقاسمه جميعاً والذي يتطلب حشد شعوب العالم لنولد في هذه الحياة من جديد. بقلم رئيس التحرير : باتريك لوهياريك |
|