تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التكتم الأميركي على النووي الإسرائيلي.. مستمر

واشنطن تايمز
ترجمة
الأربعاء 21-10-2009م
ترجمة: ليندا سكوتي

بقي الرئيس باراك اوباما محافظا على سرية التفاهم الذي جرى منذ أربعين عاما بشأن السماح «لإسرائيل» بالتكتم على ترسانتها النووية، والإبقاء على أبوابها موصدة أمام لجان التفتيش الدولي.

ذلك ما أكده ثلاثة مسؤولين كانوا على اطلاع بهذا الاتفاق، مشترطين عدم الكشف عن اسمائهم، وأكدت أقوالهم أن اوباما أعاد التأكيد على استمرار الالتزام بهذا التفاهم عندما استضاف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض في شهر أيار المنصرم، وأبلغه في حينه تعهد الولايات المتحدة بعدم ممارسة الضغوط على »إسرائيل« للكشف عن أسلحتها النووية، او ان تطلب منها التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية التي تقود بها الى التخلي عن مئات القنابل النووية.‏

لقد كانت «إسرائيل» تتحسب وتخشى من ألا يقوم اوباما بالتقيد بتفاهم عام 1969 جراء ما أبداه من تأييد منقطع النظير لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة وإعطاء الأولوية لمنع إيران من تطوير سلاحها النووي. لكن الدول الخمس الكبرى مع الولايات المتحدة استطاعت إحراز تقدم في المحادثات التي جرت مع إيران يوم الخميس في جنيف وجعلوها تعرب وتعلن عن موافقتها على فتح منشآتها النووية الحديثة أمام التفتيش الدولي.‏

يبدو أن نتنياهو قد زل به لسانه عندما أعلن عن اتفاقية اسرائيلية-أمريكية يتم الإعداد لها، عندما أجرى لقاء مع القناة الإسرائيلية الثانية وسئل ان كان القلق قد انتابه جراء خطاب اوباما في الجمعية العمومية الذي دعا به الى عالم خال من الأسلحة النووية، وفيما اذا كان هذا القول يطال «إسرائيل» فأجاب: ان الرئيس اوباما كان يعني بخطابه كوريا الشمالية وإيران، وأعلمكم بأني قد تسلمت منه قائمة بالتفاهمات الإستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن هذه القضيةب.‏

ما هو جدير بالذكر أن التفاهم النووي الأساس قد تم التوصل إليه عبر قمة جمعت الرئيس نيكسون ورئيسة الحكومة الإسرائيلية غولدا مائير في 25 ايلول عام 1969. وقد أشار افينر كوهين مؤلف كتاب إسرائيل والقنبلةب الى أن الاتفاق يؤكد أن الولايات المتحدة ستتجاهل التسليح النووي الإسرائيلي طالما كانت إسرائيل ملتزمة بعدم العلانية والتصريح عن قدراتها في هذا المجال. ومن الجدير بالذكر ايضا أنه ليس ثمة توثيق لهذا الاتفاق، ولم يعلن أي من البلدين مضمونه، لكنه عندما فتحت مكتبة نيكسون تم العثور على مذكرة مقدمة له من مستشار الأمن القومي هنري كيسنجر تشير للسياسة الأمريكية بهذا الشأن، والى الرغبة في وضع حد للتوسع النووي الإسرائيلي، وإلا فسيصبح امتلاكها لهذا السلاح امراً واقعاً. ويعبر كوهين عن هذا الامر بأن السياسة الأمريكية في هذا المضمار قامت على ان لانسأل، ولا نقلب.‏

يبدو ان حكومة نتنياهو تسعى لإعادة تأكيد الالتزام بهذا التفاهم تحسبا من قيام إيران بطلب كشف البرنامج النووي الإسرائيلي عندما تجري المفاوضات مع الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى، وخاصة ان ايران تتهم الولايات المتحدة بازدواجية المعايير لأنها لم تتبع مع «إسرائيل» حيال ترسانتها النووية ذات الأسلوب الذي تتبعه معها في الوقت الحاضر.‏

يؤكد الواقع عدم وجود وثيقة مكتوبة عن هذا التفاهم الذي تم في ايلول عام 1969، وهذا يعني ان نتنياهو أراد كتابا موثقا عن هذا التفاهم يتبين منه أن الولايات المتحدة شريكة لإسرائيل في استمرار الغموض حيال ترسانتها النووية.‏

رفض كل من المتحدث باسم السفارة الإسرائيلية في واشنطن والمتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض التعليق على تلك الأقوال، لان هذا التفاهم لو أعلن فسيقوض ما تسعى إليه إدارة اوباما من إيجاد عالم خال من السلاح النووي، ويفضي الى تعثر الجهود الأمريكية حيال إبرام معاهدة لحظر التجارب النووية، والتوقيع على معاهدة حظر تصنيع المادة الانشطارية لان ذلك الأمر سيستدعي بالضرورة التطبيق على «إسرائيل» ايضا.‏

أكد أحد موظفي مجلس الشيوخ أنه كان على علم بالاتفاق الذي تم في شهر ايار، مشيرا الى ان الرئيس قد التزم تجاه »إسرائيل« بأمور لم يكن له الخيار في تجاوزها، الأمر الذي يعني إطلاق يد «إسرائيل» في الاستمرار بتنفيذ برامجها النووية.‏

قال داريل كيمبول المدير التنفيذي لجمعية الحد من انتشار الأسلحة إن ما اتبعته الإدارة الأمريكية من خطوات سيكون اقل اذى عليها واستطرد قائلاً: إن القائدين في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل سيعملان على تأكيد التفاهمات السابقة بين حكومتيهما، لكنه رأى أن خطاب اوباما وقرار مجلس الامن رقم 1887 يجب ان يؤخذ بهما وان يطبقا على جميع الدول بغض النظر عما يحدث من تفاهمات سرية بين الولايات المتحدة و(إسرائيل)، وخاصة أن اسرائيل بالذات تعلن عن رغبتها في شرق أوسط خال من السلاح النووي, وان اوباما يؤكد نزع السلاح النووي وحظر انتشاره. الامر الذي يتطلب تطبيقه على البلدان اجمع وليس على بعضها فقط.‏

يؤكد الواقع ان «إسرائيل» لن تلتزم بمطالب نزع السلاح النووي إلا بعد أن توقع جميع البلدان التي تخوض الصراع معها على معاهدات للسلام، ويتم إخلاء جميع الدول المجاورة لها من الأسلحة النووية، والترسانات الكيميائية والبيولوجية، كما انها ترى في أسلحتها النووية ضمانا لوجودها في بيئة عدائية.‏

يقول ديفيد اولبرايت رئيس معهد العلوم والأمن الدولي إنه يتمنى ألا تضع إدارة اوباما كل ثقلها مع إسرائيل إلا إذا تمكنت من التوصل معها إلى اتفاق يحظر عليها القيام بتجارب نووية والقبول فعلا بمبدأ شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل، اما في الأحوال التي لا يتحقق فيها ذلك فإن إدارة اوباما ستدفع الثمن باهظا.‏

 بقلم: ايلي ليك‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية