تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


شاعرية اللحظة

كتب
الأربعاء 21-10-2009م
هند بوظو

في قصص باسم سليمان «تماماً قبلة» مايفقأ عيون اللحظة الحياتية اليومية المكرسة للعيش، محاولاً تجريدها من الجحيم عبثاً يحاول انتزاع الشرانق المحيطة بمهوى القلب، ينجح أحياناً من شد أزر شخوصه... أو شخصه!

في كل قصة من المجموعة، أنة ألم وشكوى مرارة لاتلبث أن تتقلص وتتراخى... ليحل مكانها طاقة متجددة، تحرضه على التوازن.‏

«قلم الرصاص قلم ينتمي للرمل، لو تكتب حياتي بقلم الرصاص، أمحو ما أشاء أعيد الكتابة فوقه، قلم الرصاص آلة للزمن للعودة للماضي لأمحو يوم ألصقت طابعاً على جبيني وأرسلتيني لعنوان آخر».‏

قصص تحاول ردم المسافات بين اليومي والحلم، يحتاج إلى فعل... يستخدمه باسم سليمان دونما تأجيل.. لكنه يبقى /فعل تخدير/.‏

تخدير كي تمر اللحظات المأزومة بأقل الخسائر الممكنة... في الفصل اللاحق - الريشة تنتهي أو تتحنط لحظات الأسى عند فرج قريب «لن يطردنا أحد من جنتنا؟‏

هل من الحكمة أن نستسلم للأمل دائماً؟‏

وهل مهنة المبدع أن يكتفي بالتكيف؟ ألا يضيع التأثير في الالتفاف والتوهان؟‏

انصب اهتمام القاص سليمان على الأداء والأسلوب... ربما على حساب المضمون الذي يتقد في ضمير الكاتب، واكتفى بالالتفاف والإيحاء، مخفياً دوافع كثيرة لم يجرؤ على الإفصاح عنها...‏

ربما حتى لايتسبب بأرق /لشكل القصة/.‏

مشاهد عائمة... ضبابية تختبىء نفسا مكسورة المخاطر... لكنها شفافة، بالغة الرقة... تختزن مخزوناً من المحبة لكل مايدب على الأرض... بدءاً من الإنسان.‏

حتى صنارة الصيد... متأملاً اليوم أن أصيد سمكة، تابعت رمي صنارتي لأخرجها بعد هنيهة وسخرية السمك الذي أكل الطعم، وهرب... كان صيدي.‏

هذه هي النهايات التي تختتم فيها قصص سليمان تقريباً . في قصة «كعب البغل» تحرر قليلاً ورسم احتجاجاً يستسلم معظم أبطال المجموعة القصصية للقاص ويوجههم نحو شاطىء الأمان... فلا يمنحهم فرصة حتى للتذمر المؤدي لعصيان ولومؤقتاً...أبطال طيعون، مطيعون...‏

نزوات تمر، لحظات جنون... لاتلبث أن تقمع... غالباً ماينقلب أبطال قصص سليمان ويرتدون رغم ميلهم واستعدادهم لأن تكون نهاياتهم غير متوقعة... مفاجأة... وساحرة... فكل مافيها بذور... تحتاج إلى نكشة جنون... وثورة.... لكنها تهدأ... وتسكن...‏

هل الرضا بالحلول الوسط.. ينجينا من المواقف الواضحة والصريحة حتى لانتحمل المسؤولية...مسؤولية مواجهة الأزمات التي احتاج القاص... إلى شخوص كثيرة كوسائل مساعدة لحل المعضلات (الأم ... الأب... الأصدقاء... الحبيبة)‏

ومع ذلك تبقى هناك خروقات ملحوظة ومخاض داخلي يتخضر وباتت ملامحه بكثافة في قصة رجل منتصف العمر /والرصيف الآخر.‏

سليمان.... في مجموعته يحارب الشر، والعذاب على طريقته.. يرسم ملامح على شكل سؤال... جنون الحب وحده هل يكفي لتغيير العالم؟ هل لدينا الوقت الكافي لنشتغل على تسعير الكراهية؟‏

أميناً هو على مقاربة أحزان أبطاله... ومفقودة كل خطاياهم بالنسبة له... قليل من الشجار... لايفسد الودّ‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية