تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


8% المواد الغذائية المخالفة حالياً مقابل 11% العام الماضي.. ضبوط العينات ..أسلوب حضاري للرقابة ..أم استعراضي لا مبرر له ..

أسواق
الأربعاء 21-10-2009م
قاسم البريدي

تطالعنا الأخبار الواردة من المحافظات يوميا بعشرات الضبوط للعينات كأحد أبرز نشاطاتها الرقابية لتشعرنا أنها تعمل وموجودة في كل مكان ..

فهل سحب العينات أسلوب ناجح للرقابة ويتم بطريقة صحيحة لتصيب السلع المشكوك بها وتمنع تداولها ..أم أن السلع الفاسدة يغض الطرف عنها وتسحب عوضا عنها عينات لسلع جيدة تعطيها شهادة براءة وحسن سلوك لماركات مشهورة أو مغمورة ليستمر تداولها كما يحلو لأصحابها ..‏

أسئلة كثيرة طرحناها للمعنيين في مديرية تجارة دمشق كنموذج مهم لباقي المحافظات .. وخرجنا بالتقرير التالي ..‏

خطة سنوية ..‏

بداية نشير إلى أن مديرية التجارة تضع خطة سنوية لسحب العينات مقسمة زمنية على أربعة أرباع لتراعي مواسم تداول السلع في الأسواق كموسم الصيف الذي تكثر به المرطبات والمشروبات والبوظة وموسم الشتاء والأعياد ويركز به على الحلويات والشوكولا والفترة الحالية مثلا يتم فيها التركيز على مستلزمات المؤونة لاسيما المكدوس وزيت الزيتون ..‏

وتقتضي خطة 2009 سحب 5350 عينة أغلبها للمواد الغذائية ولزيوت الطعام والحليب ومشتقاته تليها أغذية الأطفال والدقيق وفي النسبة المتبقية الحلويات والشوكولا والبوظة والمرطبات بينما تتوزع المواد غير الغذائية على المنظفات والمحروقات والزيوت المعدنية والمنسوجات وغيرها‏

ويقوم عناصر حماية المستهلك بدمشق وعددهم نحو 70 مراقبا بتنفيذ الخطة خلال دورياتهم اليومية بالمدينة ويسحبون عينات للمواد الغذائية وغير الغذائية لاسيما المشكوك بصحتها وتسلم لدائرة الاعتيان التي تسجلها بدفاتر خاصة وتزيل عنها الماركة وتعطيها رقما سريا وتحيلها إلى مخبر المديرية أو إلى المخبر المركزي لوزارة الاقتصاد ليتم تحليلها وهذا يستغرق عدة أيام إذا كان التحليل كيماوي وأكثر من عشرة أيام إذا كان التحليل جرثومي ..‏

تعود نتائج التحليل بشهادة من المخبر وتسجل حسب حالتها مطابقة أو مخالفة والأخيرة يتم إرسال نسخة منها إلى القضاء .. وتتراوح العقوبة من عشرة أيام إلى ثلاثة أشهر سجن وغرامة مابين 10 إلى 25 ألف ليرة حسب كل حالة ..‏

أرقام‏

وفي زيارة لمخبر المديرية أوضح الكيميائي يحيى خالد أن المخبر إمكانياته جيدة ولديه خبرات وأجهزة حديثة لتحليل المواد الغذائية كالزيوت والكحوليات والكافئين والمواد الحافظة والسكاكر والعسل وغيرها وأجهزة ومواد لتحليل المواد غير الغذائية تكشف غش البنزين والمازوت وفعالية المنظفات وغيرها ..‏

وأشار إلى أن التحاليل الجرثومية تذهب حاليا للمخبر المركزي ريثما يتم استكمال مخبر التحاليل الجرثومية في المديرية ويتوقع أن يعمل مطلع العام القادم ..‏

وأما عدد تحاليل العينات في المخبر عدا التي تذهب للمخبر المركزي فهي 3325 عينة عام 2007 نسبة المواد الغذائية المخالف منها 8% واللاغذائية 6% وفي عام 2008 بلغ العدد 3317 عينة بينها 11 % عينة غذائية مخالفة ونحو7% عينة لاغذائية مخالفة وهذا العام ولغاية اليوم تم تحليل 3325 عينة تبين فيها أن نسبة المخالفة 8% للغذائية و6% لغير الغذائية ..‏

أساليب الغش ..‏

ومن خلال كشوفات المخبر تبين أن اسباب المخالفات متعددة فالجبنة المخالفة مثلا مسحوب دسمها لتصبح أقل من 17 % وتضاف لها كميات مرتفعة من الملح واللبن المصفى (اللبنة ) يغش باستخدام حليب بودرة ودسم نباتي بدلا من الدسم الحيواني الأساسي للحليب وبإضافة مادة النشاء ويخالف حليب البودره للمواصفة السورية من خلال انخفاض نسبة الدسم وارتفاع نسبة سكر الحليب وتغش المخللات باستخدام الملونات الصناعية بدلا من الطبيعية‏

أما اللحوم فلايمكن التمييز بين نفس النوع الواحد كالعجل والجاموس لأنهما من فصيلة واحدة ولكن يمكن التمييز بين لحوم الخراف والبقر أو بين لحم الجمل والبقر ، وهناك مخالفات لدبس الرمان باستخدام التمر أو دبس عادي يغلى مع حمض الليمون والعسل يغش باستخدام القطر ، والسمون والزيوت تغش باستخدام الأصناف الرخيصة على أنها من أصناف أعلى كخلط السمن الحيواني مع النباتي وخلط زيت الزيتون مع زيت نباتي آخر فعبوة زيت صويا يكتب عليها أو يوضع صورة عليها لعباد الشمس أو ذرا والفارق كبير بالسعر ..‏

وبالنسبة للمواد غير الغذائية يلاحظ أن المنظفات المخالفة بسبب: نقص نسبة المادة الفعالة ورفع نسبة مادة الكربون لأكثر من النسبة المحددة وهي 5% لبعض الأنواع و 10 % لأنواع أخرى وصابون الغار يخالف حسب نسبة زيت الغار وهي 10% للنوع الأول و5% للنوع الثاني والباقي زيت زيتون وهناك مخالفات بمواصفات محارم الورق و السماكه كانت لاتقل عن 31 غ/م3 وتم تعديل المواصفة لتصبح 27 غ /م3 فتراجع عدد المخالفات .‏

لا اجتهاد..‏

وعموما يبدو الوضع مقبولا في استخدام تحليل العينات كأسلوب دامغ للكشف عن الغش لكن هناك ضعف في أسلوب سحب العينات ومن غير المعروف هل هو مقصود أم عفوي كأخذ العينات للسلع الجيدة وترك العينات المشكوك بها أو التركيز على نفس الصنف وتكراره وذلك بهدف تنفيذ الخطه وتعبئة ضبط تقتضيه طبيعة العمل الروتيني وفي حالات أخرى سحب عينات معروفة أنها مطابقة أو رخيصة كي لا يتضرر البائع منها مثل سحب عينات قمر الدين والتمر هندي في رمضان ..‏

ويبدو أن التنسيق بين المراقبين والمخبريين منقطع وهذا أمر مهم كي لا تتكرر سحب نفس العينة لنفس السلعة ونفس الماركة من عدة دوريات بآن واحد ويؤدي ذلك إلى الهدر بجهود المخبريين وتكلفة مواد كيميائية للمخبر في مكان غير مناسب.‏

ردا على ذلك يقول رئيس دائرة حماية المستهلك جورج بشارة : هناك نوعان من السلع والمواد النوع الأول يشمل المواد التي يمكن الحكم عليها بسهولة أنها مخالفة أو دون الحاجة لفحصها وتحليلها كاللحوم والزيوت والدقيق فتعرف من لونها ورائحتها وأما النوع الأصعب فهو للمواد المعبأة والمغلفة ولا يمكن الاجتهاد بمعرفة محتواها إلا بتحليلها ولا غاية للمراقب من قصد هذه السلع دون غيرها والبائع نفسه غير مسؤول عن محتواها فهي مسؤولية المنتج أو المورد لها .‏

وأضاف بشارة :سحب العينات لجميع السلع أمر مهم لأكثر من سبب فالسلع المخالفة سيتم اكتشافها ومعاقبة المسؤول عنها والسلع المطابقة تجعل أصحابها حذرين للمحافظة على مواصفة سلعهم والشعور أن هناك مراقبة دائمة لهم حتى لو كانت لماركة معروفة فقد تحدث أخطاء أثناء عملية الإنتاج أو الحفظ أو النقل لتصبح السلعة مخالفة ..‏

الشكوى قليلة‏

وأوضح أن الشكاوى وسطيا بحدود 1300 شكوى خلال العام نجد أغلبها على تقاضي زيادة في الأسعار ونسبة ضئيلة فقط لا تتجاوز 5% على النوعية ، وهذا أمر منطقي لأن مدينة دمشق محصورة وتسهل مراقبتها بينما في باقي المحافظات حيث توجد أرياف ومناطق بعيدة تكثر المخالفات فالخبز مثلا نجده مخالفا بكثرة في الأرياف بينما في المدينة فالأمر مضبوط بدرجة أكبر‏

وعن سبب تراجع نسبة العينات المخالفة يقول بشارة : أصبح معظم التجار والمصنعون يهتمون ببطاقة البيان والفاتورة فيدونوا النوع الصحيح لتجنب المخالفة فالرز تكتب نوعيته أول أو ثاني أو ثالث حسب نسبة الكسر ونسبة الحشرات فلم يعد يكتب نوع أول على رز نوع ثاني لتجنب المخالفة ، والمتة لم يعد يكتب عليها نوع ممتاز إنما نوع أول وفقا لنسبة الكفائين ..‏

أخيرا يشير رئيس دائرة حماية المستهلك إلى أن الغش المقصود هو المشكلة الخطرة جدا وهذه مسؤولية الجميع بملاحقتها وتشديد العقوبة عليها فمن يغش يتعمد ذلك ليربح أكبر مايمكن على حساب المواصفة وعدم الاكتراث بصحة المواطنين وبالمقابل هناك مخالفات خارج عن إرادة صاحبها أو نتيجة الإهمال في شروط النظافة والحفظ والنقل وهذا ينطبق بشكل خاص على محال تحضير البوظة يدويا حيث تكثر الجراثيم بشكل غير مقصود عن النسبة المسموح بها بينما خطوط الإنتاج الحديثة لا تخالف ووضعها يصبح موثوقا أكثر ..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية