تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من كان بلا خطيئة..فليحاكم بناتنا المراهقات...

مجتمع
الثلاثاء 10-3-2009
هند بوظو

من يدّعي أنه معصوم... وأهل بيته وما ملكت أيمانه... فليأت لنا بتعويذته السلوكية الأخلاقية(المُنجية) التي حمته وجعلته منزهاً وغير مدان!......

القصة القديمة الجديدة... إياها تتكرر(البنت الآدمية والبنت اللا....) وفق اية معايير يتم هذا التصنيف سواء في البيت أو المدرسة وحتى الشارع؟!....‏

ألا تلاحظون أن هذا التصنيف أخذ شكلاً أكثر حدة، وشراسة؟ يبدو أن محاسبتها على كونها أنثى.. أضيفت إليه عوامل جديدة... باتت أكثر تداولا وانتشارا بوجود وسائل الاتصال التي باتت في متناول الجميع، وبأقصر الأزمنة... فأصبحنا أكثر حساسية وخوفاً، فذهبنا لمحاسبتها غالبا على أخطاء ترتكبها أخريات... مما نقرأ عنهن في الصحف/حالات انحراف/ وما نشاهده في الفضائيات خاصة الفيديو كليبات الفاضحة والمسلسلات الهابطة التي ليس لها من شغل إلا الحديث عن أهل الغرام... ليزداد ضغطنا وخوفنا ونحن نرى فتيات لاهيات عابثات!.. لنعود ونحن محملين بمجموعة من الفرضيات .. أسوأها (لا سمح الله) أن تصاب بناتنا بما أصاب هؤلاء....‏

وأسهل ما نفعله.. بناء نظام مراقبة وحماية، نصب جرس انذار ينبهنا الى كل حركة وهمسة، وتشييد خطوط هجوم على طول الخط وأيضا الانحياز الى ما يبرر فعلتنا تلك لكل ما نراه ونسمعه ليكون عبرة لنا؟ وبالتالي تعليق الثقة بها حتى تمر مرحلة المراهقة بأقل الخسائر، وأقل الانتقادات من الأهل والجيران..(إن أمكن)... فنحن مجتمع (أُذني) يرتعد خوفا من أن يسمع عنه الآخرون، ما يقوله هو عنهم!...‏

وأسمى درجات الشرف لديه ما زال معلقا بطرف ثوب امرأة!! فلا بأس إن تغاضينا قليلا عن قيم كثيرة كالنزاهة والاستقامة وشرف المهنة... والصدق..الخ... وتصبح هذه القيم عند البعض مطاطة وقابلة للتداول والنقاش حتى حجج كثيرة منها/الظروف والحاجة ومواكبة العصر/.‏

وفي أفضل شروط تعاطينا مع مصائب الآخرين بما يتعلق خاصة في مشكلات وقصص بناتهن.. السلوكية والأخلاقية ..أننا نسلك طريق الانتقاد العدواني تحت غطاء الشفقة- لنمنح أنفسنا شهادات تقدير، وحسن سلوك حين يتعثر الآخرون (في تربية بناتهم).‏

ونصفق عندها لأنفسنا .. ونحن نشير بأصابع الاتهام لبنت الجيران التي سلكت مسلكاً غير متوازن.. عن جهل ربما .. أو لأنها لا تمتلك خبرة فتاة أخرى تتقن فن إخفاء ما لا يريد الناس ان يروه أو يعرفونه عنها ؟!.. وحفظت الدرس من أمها... وأتقنت اللعبة جيداً!!.‏

الفضيحة الحقيقية هي(أن نتذكر فضائح الناس كي ننسى فضائحنا السرية إن لم تكن العلنية، وفضائحنا التي كان يمكن أن نقوم بها لو لم نتراجع آخر لحظة..).‏

المراهقات تحت مقصلة الألسن... حتى يثبتن العكس؟‏

ينسى الكثيرون منا أننا كائنات مررن يوما بنفس العمر، وخاض أهلنا التجارب والخوف ذاته علينا.. ومنا .. وعشنا حالات لا ضوابط لانفعالاتها.. بين الصلابة والهشاشة... الانكسار والصمود... الشيطنة والبراءة.. الخوف والأمان.. التمرد والإذعان... تورطنا في أشياء.. ونجونا(في آخر لحظة) من أشياء أخرى بعد أن أعملنا العقل والحب والثقة التي أعطاها لنا أهلنا في لحظات صفاء وحب ومزاج رائق كانوا فيه متفهمين وجاهزين لاحتوائنا وإرشادنا...‏

عفواً .. أليس الشرط الأول لنجاة أولادنا أن نكون لهم قدوة حسنة(غالبا) قبل أن نحتويهم أو نرشدهم!!..‏

الخلاص الحقيقي.. أن نجسر الهوة رويداً رويداً بين الفريقين... البنت ... وأهلها...‏

وأن يتخلى المجتمع عن دوره في أن يكون رقيبا .. عتيدا... ويوزع صكوك البراءة والغفران.. أو الإدانة...‏

ربما هذا مستحيل فليكن شرف المحاولة لنا إذاً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية