تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الحروب الإعلامية وتأثيرها في مسار الأحداث العربية

شؤون سياسية
الأثنين 13-6-2011
هيثم عدرة

التأثير على الرأي العام وإيجاد الخطط ووضع التطورات لمسار الأحداث المفترضة أضحى سمة من سمات العصر الحديث، فوسائل الاتصال والمحطات الفضائية والرسائل الصوتية

تشكل بمجملها الأساس لأي حرب إعلامية تقام على شعب من الشعوب أو دولة أو مجموعة دول ويمكن القول إن وسائل الإعلام بدأت تتدخل في تفاصيل الحياة ومن هنا تكمن أهميتها وقدرتها وقوتها في التأثير إن كان على المدى القريب أو البعيد ولابد من القول أن وسائل الدعاية والحرب النفسية لعبت وتلعب أدواراً مهمة في الصراع والحروب بين الشعوب وفي بعض الأحيان تشكل عامل حسم في الحرب ولذلك نلاحظ دخول الاختصاصيين والمحللين النفسيين والمختصين بالرأي العام لإيجاد الأرضية المناسبة لوضع الخطط اللازمة لرسم معالم الأحداث الافتراضية من خلال الاعتماد على التحليل النفسي ومعرفة أدق التفاصيل من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والنفسية للتركيز عليها واستغلالها وتضخيمها وذلك بهدف الوصول إلى الهدف أو الغاية المرادة وهذه الخطط تأخذ أشكالاً مختلفة منها ما يعتمد على فبركات تعتمد على تصوير المشاهد للتأثير المباشر في تشكيل قناعات معينة أو في بعض الأحيان تعتمد على المؤثرات الصوتية أو حركات الوجه وتفاصيله و...الخ.‏

بكل الظروف الحروب الإعلامية هي وسيلة من وسائل العصر الحديث وتوضع الخطط لمخاطبة جميع شرائح المجتمع من خلال الاعتماد على الوسط الاجتماعي وتحليله بشكل دقيق لايصال الرسالة المطلوبة.‏

يقول المثل الشائع إن الحقيقة هي أول ضحية للحرب ويرى عدد من المحللين أن التقنيات المهنية للحروب الإعلامية الحديثة تستخدم من قبل بعض الفضائيات الغربية والعربية ومواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت في تغطية الأحداث في ليبيا وعملية التحالف العسكري للدول الغربية ضد نظام الرئيس معمر القذافي والمتابع لما يجري في ليبيا يلاحظ الدور الإعلامي الذي تم تنفيذه والتخطيط له مسبقاً ليعطي النتائج المرادة منذ لحظة بداية الأحداث وصولاً إلى التدخل العسكري بالشكل الذي رأيناه ونتابع تفاصيله والمسار التصاعدي الذي يتم وسيتم وصولاً إلى الغاية المرجوة تحت عنوان رئيسي مزيف وهو إبعاد الموت عن الشعب الليبي, والمراقب للأحداث يرى كيف يتم قصف المدنيين من قبل قوات التحالف وعندما يكون الدمار كبيراً والضحايا كثيرين يتم الاعتذار وأن ذلك تم عن طريق الخطأ..؟!‏

والأكثر من ذلك يرى البعض أن التقنيات المصنفة على هذا النوع استخدمت وتستخدم لتأجيج حركات الاحتجاج في تونس ومصر واليمن وأي مراقب يرى كيف تم استخدام وسائل الإعلام وفبركة الأحداث والتضخيم الذي جرى في سورية واشتراك فضائيات تم رسم أدوارها لتقوم بالدور المناط لها وللأسف هي ناطقة باللغة العربية وكان هدفها إلى تسارع الأحداث وصولاً إلى التدمير المبرمج لمقدرات بلدنا وعلى الصعد كافة واستخدمت الفضائيات كل مالديها من سموم للتأثير وتشكيل قناعات لدى شرائح المجتمع ولكن كان رهانهم خاسراً لأسباب عديدة أهمها وعي المواطن أولاً وأخيراً وقدرته على التمييز وإيمانه الراسخ بانتمائه إلى بلده.‏

ومعروف أن وسائل وامكانيات شن الحروب الإعلامية والدعائية كثيرة تبدأ بتركيز الانظار على مواقف أحد طرفي المواجهة وطمس مواقف الطرف المقابل وتنتهي بالتضليل الإعلامي السافر والنداءات التحريضية والتخويف وما إلى ذلك وهذه الطرائق لاحظناها بأشكال مختلفة عندما خرج الشباب الفلسطيني في يوم النكسة للتعبير عن رفضه لاحتلال أرضه وحقه بالعودة وكيف قامت القوات الإسرائيلية بإطلاق الرصاص ما أدى إلى استشهاد وجرح العديد من هؤلاء الشباب ولاحظنا جميعاً كيف تعاملت الدول الغربية والولايات المتحدة بتجاهل جميع الشهداء وتم التركيز على أن إسرائيل حقها الدفاع عن وجودها بجميع الأشكال الممكنة مع أنها أي إسرائيل بنظر القانون الدولي والمنظمات الدولية والإنسانية هي دولة محتلة شردت شعباً بأكمله وتمارس كل أشكال التعذيب والقتل بحقه ورغم ذلك يتشدق أوباما وكلينتون بأحقية إسرائيل بالدفاع عن نفسها ولم نلاحظ أي شكل من أشكال الإدانة لما جرى في المظاهرات السلمية في يوم النكبة أو النكسة وتم تجاهل دماء الشهداء والجرحى بشكل أو بآخر.‏

وتجدر الإشارة إلى أن طرائق الحرب الإعلامية تستخدم بشكل مبرمج كما قلنا ومن خلال تصريحات لكبار المسؤولين كما يجري وكيف يتدخل رئيس الولايات المتحدة أو كبار المسؤولين لديه لتشكيل قناعات معينة ونشر الرعب والخوف كما تم ويتم من خلال تصوير الأحداث على طريقتهم طبعاً الهدف واضح هو محاولة لخلق رأي عام مؤيد لهما وممارسة التأثير الإعلامي النفسي على مختلف الشرائح الاجتماعية والمنظمات الدولية والحكومات بل وحتى لدفع قوى خارجية معينة للتدخل في السياسة الداخلية للبلد باستخدام القوة، ومن خصائص الأحداث والحركات الاحتجاجية في المنطقة العربية اليوم استخدام الأساليب العصرية للدعاية والتحريض عبر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والرسائل النصية القصيرة إلى جانب الوسائل الإعلامية التي سبق واستخدمت في حروب يوغسلافيا وأفغانستان والعراق وتسويق واضح عبر وسائل الإعلام أن الولايات المتحدة الأميركية هي عنوان الحرية والخلاص للشعوب والعكس هو الصحيح فهي العنوان الواضح للاستعمار الحديث بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.‏

إلا أن السؤال المفصلي الذي يطرح نفسه يدور حول مدى استطاعة التقنيات والوسائل العصرية للحرب الإعلامية على التأثير على تطور الأحداث لما جرى ويجري والعناوين واضحة دائماً استغلال أسباب داخلية متنوعة تستغل كذرائع للتدخل بشكل أو بآخر والهدف أصبح واضحاً هو إبعاد العرب عن قضيتهم المركزية وهي فلسطين وإيجاد بؤر توتر في كل بلد عربي تشكل الأساس للتدخل المباشر أو غير المباشر في شؤونه الداخلية لجعل الشعب العربي يبتعد عن قضيته المركزية ألا وهي فلسطين ولكن المعطيات تؤكد أن القضية الفلسطينية هي القضية الأساسية والمحورية لدى الشعب العربي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية