|
شؤون سياسية بل إن ما حدث يؤشر إلى عدة أمور غاية في الأهمية على – لعل أبرزها أن الشباب الفلسطيني الذي ينهض بتحمل مسؤولية إدارة الصراع الوجودي والمصيري مع الاحتلال قرر أن يستمر في سلوك درب جديدة ما خطرت يوما ببال المحتلين ومن يسندهم . إن هؤلاء الفتية قدموا أولا ثلاثة شهداء وعددا من الجرحى ، لكنهم في المرة الثانية قدموا ثلاثة وعشرين شهيدا ومئات من الجرحى – وهم بذلك يؤكدون إصرارهم على سلوك هذه الدرب المفضية بلا أدنى شك الى ان تصبح ظاهرة – لا موجة – محيطاً لاقطرة فيه .. وبذلك فإنهم يؤكدون للمحتل أولا ولسواه ثانيا أنه لا الزمن ولا المكان حالا دون تفجر ينابيع العطاء والحنان والتحدي المصحوب بالاستعداد للشهادة على طريق نيل الحقوق واستعادتها . الشباب الفلسطيني يثبت قدرة الشعب العربي الفلسطيني على الإبداع والابتكار والارتقاء الى مسالك جديدة نحو الوطن – بصرف النظر عن الثمن . فالشعب الذي يريد وطنه لايتوقف بمجرد سلوك العدو درب الإرهاب وحتى شن حرب الإبادة .وهذه حقيقة ادركها العدو المحتل ، وهو لذلك – وفي خضم حيرته – لم يجد بداً من الاقرار بان الصراع مع شعبنا وامتنا صراع وجود وليس خلاف حدود ، وهو ثانيا لجأ الى ارهاب الدولة – في ( دولة قامت اساسا على الإرهاب ) . فعصابات الهاغانا والشتيرن والارغون وغيرها هي التي قادت ارهاب الصهيونية العالمية ضد شعب فلسطين منذ 1908 وليس انتهاء بالخامس عشر من ايار 1948 ولا توقفاً عند حدود ما توجبه على ( الدولة ) الشرائع والقوانين والأعراف الدولية . فقيادة الشباب لمسار الثورة الشعبية – التي ينزل الناس خلالها نحو الوطن غير مسلحين الا بالإيمان والعزيمة وبالإصرار على التحرير – تدفع العدو الى ان يعود الى جذره الإرهابي – وترسل عدة رسائل الى كل من يساند العدو ويدعمه ويعتبر ارهابه وقتله المدنيين العزل نوعا من الدفاع المشروع عن النفس مع ان العدو مارس القتل في ارض محتلة والأمم المتحدة اصدرت عدة قرارات بشأن ضرورة انسحاب المحتلين منها ، سواء الجولان أم جنوب لبنان أم في الضفة الغربية والقطاع . الدم الفلسطيني ، إذاً ، يفتح العيون على مجرى جديد غير مطروق سابقا لنيل الحق العربي الفلسطيني . بوابة العودة – ان كانت من الجولان اليوم – او اتسعت وامتدت الى نهر الأردن وجنوب لبنان والقطاع غداً – تبدأ من الإصرار على القفز من فوق الحدود ، الأسلاك الشائكة – او تلك المرسومة في الناموس اللاأخلاقي للمحتلين ومن يسندهم ويمنع عنهم المساءلة والعقاب ، في واشنطن ولندن وباريس وغيرها – اولا ، والمعنوية التي تتجسد في منع اهل الحق من الوصول اليه بالرغم من أن المجتمع الدولي يعترف لهم به ولقد صدرت لهم عدة قرارات أممية تقول بحق العودة وتقول بحقهم في مقاومة الاحتلال بالسبل كافة وفي مقدمها الكفاح المسلح ثانيا . ولعل الرسالة المهمة موجهة الى القيادات الفلسطينية والفصائل كلها لتعلمهم بأن سبيل التحرير لايمر بمحادثات او مفاوضات في واشنطن ولا بمثلها في باريس او لندن بل بالعودة الى جذر الثورة التي انطلقت في الأول من كانون الثاني عام 1965 – أي ثورة لتحرير الأرض المحتلة من فلسطين في العام 1948 وقبل حزيران 67 بأكثر من عامين ونصف. الدم الفلسطيني يحفر مجرى هو الوحيد القادر على إرغام الدنيا كلها بالاعتراف لنا بحقنا في كامل ارضنا العربية التي يحتلها غزاة غرباء يهددون أمن العالم وسلامه . |
|