تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قواعد واشنطن ومعابرها للحروب الدائمة

شؤون سياسية
الأثنين 13-6-2011
حسن حسن

حدد الكاتب السياسي الأميركي (أندرو باسيفيتش) في كتابه( قواعد واشنطن والمعبر الأميركي للحرب الدائمة) بموجب السجل السياسي والتاريخي للسياسة الخارجية

والمصالح الأميركية ثلاثية، اعتبرها مقدسة للدور الأميركي وهي:‏

1- الوجود العسكري الأميركي في كل مكان.‏

2- فرض القوة العالمية.‏

3- التدخل في كل مكان في العالم.‏

ورأى (باسيفيتش) أن هذه السياسة وقواعدها لم تتغير كنهج أساسي للإدارات الأميركية طوال ستين عاماً، ومنذ عام 1948 حتى الآن، وأن الخروج عنها مجرد خروج تجميلي ولايمكن السماح بتغييرها لأنها العامل الثابت في ضبط التغيرات في العالم لمصلحة واشنطن كقوة عظمى يراد أن تكون ضرورة في استقرار العالم. ويؤكد (باسيفيتش) إن إدارة أوباما لم تخرج عن هذه القاعدة ولم يكن أمامها خيارات متوافرة غير الالتزام بها، وهذا ماظهر في أفغانستان فقد كان أوباما أمام خيارين: إما الهزيمة وإما إرسال المزيد من القوات، وهذا يعني التمسك بالقواعد نفسها التي التزم بها ونفذها بوش.‏

ويستنتج الكاتب السياسي الأميركي الشهير (ستيفن والت) في تحليله لمجريات الأوضاع في الشرق الأوسط «أن الولايات المتحدة بدأت تفقد قدرتها على السيطرة الشرق الأوسط » فهي عاجزة عن إعادة تونس إلى الوراء وعن إعادة لبنان إلى الوراء الذي كانت تستخدم كل قدراتها لفرضه على اللبنانيين وعلى العرب، ويرى أنه على الرغم من وجود القوات الأميركية في العراق وجوارها الخليجي. إلا أن واشنطن لم تتمكن حتى الآن من إدارة العراق كما ترغب رغم أنها لاتزال تحاول.‏

وفي ظل هذا التراجع يثير (والت) تساؤلات حول العلاقة الأميركية الخاصة بإسرائيل ويقول: إن هذا الانحياز الأعمى لإسرائيل وسياستها في المنطقة يتسبب بتقليص قدرة واشنطن على اتخاذ سياسة مختلفة، ويفضح صورة أميركا كدولة معادية للديمقراطية ولحقوق الإنسان ويضعها في صف «النفاق » ومعاداة العرب والمسلمين . ويعدد مظاهر الفشل والهزيمة الأميركية المتواصلة تجاه الملف النووي الإيراني، وتجاه الفشل في عزل ومحاصرة سورية رغم كل الجهود التي بذلتها إدارتان أميركيتان (بوش وأوباما) حتى الآن. فهذه القوى الممتدة من المقاومة اللبنانية إلى المقاومة الفلسطينية إلى سورية وطهران تمكنت من عرقلة وإفشال عدد من المخططات الأميركية- الإسرائيلية وجعلت عدداً من الكتاب السياسيين في أوروبا وأميركا يندهشون من نجاحها وتغلبها على الصعاب. وبالمقارنة مع دول أخرى في المنطقة تعترف بعض مراكز الأبحاث الأميركية أن الدول الصديقة لإسرائيل وأميركا في المنطقة هي التي تواجه صعاباً داخلية وخارجية وربما يدفع إلى زعزعة ثقتها بقدرة واشنطن على مساعدتها على غرار الخيبة التي لحقت بالقيادتين التونسية والمصرية.‏

ويرى المحللون الاستراتيجيون في الولايات المتحدة أن واشنطن تستخدم وعلى نحو غير مسبوق جميع عناصر القدرة والتأثير في المنطقة من النواحي العسكرية والسياسية وتوظف في سابقة غير معهودة للأمم المتحدة في خدمة سياستها وأهدافها ورغم ذلك لاتتمكن من فرض ماترغب ولذلك لم يكن من المستغرب أن تشهد«إسرائيل» في السنوات الماضية أكبر عدد للمناورات والتدريبات العسكرية الهجومية وللتمرينات الخاصة بحماية الجبهة الداخلية. وكأنها في حالة حرب لاتتوقف داخل الأراضي المحتلة وتجاه الجوار العربي والإقليمي.‏

وفي لهجة تتفق مع مختلف الاستعدادات الإسرائيلية على الجبهة الداخلية أعلن(موشيه بيليد) وزير من قادة الليكود أن على الحكومة حماية الجمهور الإسرائيلي من أخطار الصواريخ وعليها وضع الخيارات أمامها من أجل تحقيق هذه الغاية وخصوصاً من خطر الصواريخ الإيرانية؟!.‏

ويشير المحللون في الولايات المتحدة إلى الصعوبة التي تواجهها إدارة أوباما في تطبيق «قواعد واشنطن» التي تحدث عنها (باسيفيتش) لأن الأزمة المالية والاقتصادية الأميركية والعالمية لاتوفر الإنفاق المطلوب على حجم الانتشار العسكري الأميركي ومستلزماته، ويعرب هؤلاء عن الخشية من أن تدفع هذه الصعوبات أوباما للهروب إلى الأمام وهو مايفضله المحافظون الجدد والقيادة الإسرائيلية بوجه خاص..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية