|
الرسم بالكلمات قال لي بلهفة: ( دخيلك يا صديقي.. إن أخاك أخذ سروال عمي بالخطأ بين ثيابه.. وعمي يطالبني بالسروال.. فأرجو أن تقول لأخيك أن يعيده لي..
لأن عمي غاضب جداً.). سألته وأنا أضحك: (يا أخي.. كم يبلغ ثمن السروال؟ مئة ليرة؟ ألف ليرة؟! خذ ثمنه الآن وأعطه لعمك.. وتنتهي المشكلة، ولا داعي للغضب!!) فأكَّد لي صاحب المصبغة أن عمه عنيد جداً.. وأنه لا يستبدل سرواله بسراويل العالم كلها.. لأن السروال معمَّد بمياه نهر الغانج.. وكان يرتديه غاندي.. وقد أهداه لغاندي الفيلسوف اليوناني سقراط.. وكان سقراط يستمد الحكمة من سرواله.. وقد اشترى عمه السروال بالمزاد العلني في نيودلهي!! وللصدفة كان أخي قد سافر إلى الأردن في بعثة علمية، منذ عشرة أيام، فاتصلت به، وسألته عن السروال، قال لي بالحرف الواحد:( بالفعل لقد وجدت سروالاً غريباً عن ثيابي في حقيبتي.. وعرفت أن صاحب المصبغة وضعه بالخطأ بين ثيابي.. على كل حال سأعود غداً وسأحضر السروال معي.. لا تقلق) وأنا بدوري أخبرت صاحب المصبغة عن ذلك، فاتصل بعمه وأنا موجود، وطلب منه أن ينتظر يوماً واحداً.. إلا أن عمه صرخ بوجهه عبر الهاتف:( والله العظيم إذا ضاع سروالي فسأحرق الأخضر واليابس.. وإياك أن تقول لي سأعطيك ثمنه، فهو غالٍ.. وقيمته لا تقدَّر بثمن، فأنا اشتريته من باريس بالمزاد العلني، لأن نابليون بونابرت كان يرتديه وكان يعتبره فألاً حسناً، ولهذا السبب كان ينتصر في حروبه!!) فقلت لصاحب المصبغة: (ما رأيك أن نشتري سروالاً يشبهه تماماً؟) فوافق ورحنا نبحث في المحال التجارية نهاراً بأكمله حتى وجدنا سروالاً.. أكّد لي صديقي أنه يشبه سروال عمه مئة بالمئة.. إلا أن عمه اشتمَّ رائحة السروال ثم رماه بوجهنا وصرخ: (هذا ليس سروالي.. فأنا أعرف رائحته... أنتم تريدون أن تضحكوا علي؟! سأقيم الدنيا وأقعدها إن لم تعيدوا سروالي الأصلي.. لأن إينشتاين كان يلبسه، وقد اشتريته بعشرة آلاف دولار.. والسروال كان السبب الذي جعل أينشتاين يكتشف النظرية السروالية!) عاد أخي من الأردن، وعندما سألته عن السروال.. ضرب جبينه بكفه، وقال: (لقد التقيت في الأردن بصديق من مصر الشقيقة، ونزلنا في الفندق معاً.. وقد نسي أن يحضر بيجامته معه، فأعرته السروال, وأخذه معه إلى مصر!! سنعطي صاحبه ثمنه.. ما هذه المشكلة التافهة!!) فشرحت لأخي حقيقة الأمر، وأن السروال ربما كانت ترتديه الملكة إليزابيت شخصياً، وحارب هتلر وهو يلبسه، ولن يقبل صاحبه بأي ثمن عوضاً عنه.. بصراحة الرجل يريد سرواله) فاتصل أخي بصديقه المصري بعد يومين، وسأله أن يرسل السروال، فقال له صديقه: (إن زوجته أعجبت بالسروال، فأهدته لأخيها الذي سافر البارحة إلى إيطاليا.. يعني السروال الآن هو في برج بيزا يأكل البيتزا!!) شرح له أخي الأمر، فقام صديقه بالاتصال بابن حماته في إيطاليا، (فأسف الرجل الآخر، لأن حقيبته ضاعت في مطار روما، وهو يبحث الآن عنها..) فتساءلتُ هل يعقل أن الأنتربول الدولي اكتشف وجود السروال في الحقيبة عبر الأشعة فوق المحشية!! وقرروا إعادته إلى متحف اللوفر في باريس؟!! المهم.. وجد الرجل الحقيبة بعد أسبوع.. وأرسل السروال إلى صهره في مصر، وقام هذا الأخير بإرساله إلى أخي عبر البريد.. وأخيراً وصل السروال بعد شهرين، في حقيبة جميلة، تحمل بطاقة شكر سروالية. طبعاً خلال هذا الوقت، غضب العم صاحب السروال، ونشأ خلاف مع ابن أخيه، ولم تُجدِ كل الاجتماعات، والحلول المطروحة على الساحة من قبل مجلس أمن الأقارب.. وانقسموا إلى فريقين.. الفريق الأول مع السروال، والفريق الآخر ضد السروال.. وهدّد العم أنه سيرفع دعوى سروالية، إن لم يسترده.. وخاصم ابن أخيه، ورفض حضور حفلة عرسه!! قام صديقي بغسيل وكي السروال ووضعه في كيس أنيق.. وعطَّره.. واشترى قالب كاتو للاحتفال بعودة السروال المظفَّرة، ولكن عمه أمسك بالسروال وصرخ وهو يمزقه: ( لا أريد السروال.. لا أريد السروال.. لقد دنَّستم سروالي.. ماذا أقول لغاندي وأينشتاين وسقراط ونابليون وهتلر والملكة إليزابيت غداً.. في يوم الحساب؟!! آآآآآآآآآآ..!! ثم طقَّ ومات!!! فقررنا الاحتفال كل عام في مثل هذا اليوم بعيد السروال العالمي! |
|