تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أحفاد غورو: عداوتكم شرف لنا

إضـــــــــاءات
الاثنين 13-6-2011
خلف علي المفتاح

كثافة الخطابات السياسية الغربية العدائية تجاه سورية تحضر بقوة هذه الأيام متغذية من الحالة الحضارية بدلالات شرق وغرب ومنحازة بشكل واضح إلى روح استعمارية بغيضة، تحمل في طياتها استهانة بالآخر تصل إلى درجة الدونية

التي لا تستأهل إلا كما عبر عنها المنظر الأكبر للمثقفين الرجعيين الفرنسيين باسكال برونكو وهو يمثل بالقدر نفسه تياراً سياسياً: إن الغرب بحاجة إلى عالم ثالث لأن بربريته تشعره بسمو حضارته وأمراضه، تشعره بعافيته وصحته ويتابع: إن الغرب يجب أن لا يرى في إنسان العالم الثالث إلا الإرهابي الذي يثير الرعب أو العبد المطيع الذي يثير الشفقة .‏‏

إن النظرة الغربية الاقصائية للشرق عموماً تستمد تصوراتها من رؤية مبنية على أساطير وهواجس وهمية وعنصرية وحالة عدائية رفدتها صراعات سياسية وعسكرية ودينية واقتصادية، وعندما حاول بعض العرب تأسيس علاقة على أساس المواكبة الحضارية والتشاركية النوعية وتحرير العلاقة بين الطرفين من فكرة أو عقدة الهيمنة المتأصلة في الوعي الجمعي الأوروبي، اصطدم ذلك الطرح بتلك الرؤية الاقصائية الرجعية في إطار توصيفها المعرفي.‏‏

ولعله من الخطأ الجسيم الذي نرتكبه نحن العرب وأبناء الشرق عموما أن ننظر إلى السياسة الغربية برؤية حيادية بعيداً عن التحليل المنهجي المرتكز إلى الخلفية التاريخية التي تحكم جوهر العلاقة بيننا وبينهم، فلا زالت مخيلة الغرب السياسية بكليتها تعج بأفكار أوربان الثاني الفرنسي الذي عاش في القرن الحادي عشر الميلادي وغورو حفيده السياسي في القرن العشرين وسلالته السياسية في القرن الحادي والعشرين، فإذا باعدتهم الأزمان فالمؤكد إن أيديولوجيا واحدة توحد بينهم .‏‏

إن الموقف المتطرف للحكومة الفرنسية تجاه ما يجري في سورية من أعمال تخريب وقتل منهجي منظم وبرعاية وتخطيط واحتضان على ضفتي الأطلسي، ومحاولات تغطيته من المنظمات الدولية المرتهنة لقوى الاستكبار العالمي، يعكس حجم الحقد الاستعماري الذي يعشعش في مخيلتهم حيث لا يروق لهم أن يروا سورية تتبوأ تلك المكانة المهمة على الخريطة الدولية وتواجه مشاريعهم وتهزمها، ومؤامرتهم وتئدها في مخبئها، وتمارس قرارها الوطني المستقل عن إرادتهم ومصالحهم الاستعمارية وروح الهيمنة المترسخة في عقلهم الباطني .‏‏

إننا نذكر أولئك الذين ضعفت ذاكرتهم، إن العقل السياسي الغربي الذي تآمر على سورية عام 2004 واستحصل على القرار الأممي المتعلق بلبنان آنذاك، هو ذاته الذي يسعى اليوم لاستصدار قرار آخر يتعلق بما يجري فيها من أحداث، فعناصره وأدواته ومرتكزاته وأهدافه هي ذاتها وعلينا أن نقرع على الذاكرة لنستحضر سعي فرنسا المحموم لتكون الوسيط في المفاوضات التي جرت بين سورية وإسرائيل برعاية تركية وإصرار سورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد على إعطاء ذلك الدور لتركيا وقبولها لأي مسعى داعم لذلك سواء كان فرنسياً أم أميركياً أم من أي قوى أخرى وهذا يعكس روح العلاقة التي أرادتها سورية مع الأتراك وضرورة إشراكهم بما يجري في المنطقة من موقع الصداقة والحرص على علاقة إستراتيجية معهم، بمعنى آخر أرادت سورية القول للغرب إننا لا نعمل بسياسة الصفقات أو الرقص في أكثر من عرس .‏‏

إنه لشرف عظيم لنا نحن السوريين أن نكون في مواجهة مفصلية مع أعدائنا الاستعماريين من فرنسيين وإنكليز وغيرهم، فنحن لم ولن نغادر مواقعنا في مواجهتهم ومقارعتهم في أكثر من مكان والدول والتنظيمات تعرف بأعدائها لا بأصدقائها، وعلى ذلك نقول لهم ولأدواتهم والمصفقين لهم، عداوتكم شرف لنا ؟‏‏

khalaf.almuftah@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية