|
على الملأ للرقابة المالية والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش لم تؤد إلى نتائج حقيقية تؤشر إلى تراجع الفساد. في الحقيقة قدمت اللجنة رؤية علمية مؤضوعية شخصت من خلالها الفساد كوباء وكجريمة وكظاهرة لامست خلالها كل الأسباب والنتائج والآثار التي تتركها على الاقتصاد كما على المجتمع، وانتهت إلى توصيات في غاية الأهمية. ولعل من أبرز المفارقات الغريبة التي أتت على ذكرها في تقريرها هو الإقرار بعدم توفر أي إحصاءات أو بيانات تبين حجم ونوع وعدد قضايا الفساد التي وضع الجهازان الرقابيان اليد عليها، والنتيجة التي انتهت إليها هذه القضايا ومقدار المال العام الذي تم استرداده فعلاً، أو التي تشير إلى الأثر الذي حققه نشاط هذين الجهازين في ردع الفاسدين والحد من قضايا الفساد!!. وإذا كانت هذه الإحصاءات غير متوفرة لدى هذين الجهازين، فإن الاعتقاد الأقوى هو عدم توفرها لدى مديريات الرقابة الداخلية التي ربما تجهل المهام التي ينبغي أن تؤديها، وقد لا تعرف ما مسؤولياتها، وهل هي مطالبة بالقيام بفعل الرقابة المالية والإدارية أم أنها تؤدي ما يطلب منها من قبل إدارة المؤسسة التي تعمل فيها؟!. واقعاً إن إحداث مديريات الرقابة الداخلية في المؤسسات العامة هو أشبه بالبدعة غير المبررة، ذلك أنه إذا كان الهدف منها مؤازرة أجهزة الرقابة بالعمل على حماية المال العام ومتابعة أداء الأجهزة الإدارية والمالية، وكشف المخالفات والوقوف على آثار القرارات مالياً وإدارياً، فإنه يجب فصلها عن إدارة المؤسسة إذ لا تستوي معادلة أن يراقب ويحاسب المرؤوس رئيسه. وإذا كان الهدف منها البحث في تطوير آليات العمل ورفع مستوى الأداء، وتسهيل الخدمات بالنسبة للإدارات التي يتصل عملها مباشرة بقضايا المواطنين فإنه يجب أيضاً فصلها عن إدارة المؤسسة لأن معظم إداراتنا العامة لا تمتلك القدرة على تقبل هذه الأفكار المهمة من مرؤوسيها، بل ربما تعتبرها تدخلاً في صلب عملها إن لم تفهمه تطاولاً عليها وعلى مهامها. ربما كانت الغاية نبيلة من إحداث مديريات الرقابة الداخلية، غير أن الوقائع في (مؤسستنا مثلاً) كما في المؤسسات والإدارات الأخرى لا تؤشر إلى فعالية ما تم تحقيقه منها على صعيد عملها الرقابي السابق أو اللاحق، ويعتقد أن الكثير من العاملين في القطاع العام أحيل على التقاعد ولم يسمع بقضية فساد كان للرقابة الداخلية الدور في كشفها ومتابعتها.. وما أكثر هذه القضايا؟!. |
|