تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الدراما السورية القديمة.. تألق وحضور

فضائيات
الأربعاء 15-6-2011
سلوان حاتم

سنوات طويلة تخطت, العقود مضت ومازالت الدراما العربية السورية تلقى المزيد من الإعجاب والمتابعة والتألق, ولم تمنع الألوان السوداء والبيضاء لهذه الأعمال من إظهار لون النجاح للدراما السورية..

هذا الواقع ينطبق تماماً على مسلسلات سورية كثيرة ولكن أبرز ما عرضته الفضائيات خلال الفترة الماضية ولاقى اهتمام المشاهدين لمتابعته هما مسلسلا دريد لحام ونهاد قلعي‏

اللذان أعيد بثهما خلال الأيام القليلة الماضية, حمام الهنا إنتاج 1967 و صح النوم 1968 ..هذان العملان كانا ضمن قائمة أبرز 100 عمل عربي في استفتاء أجري منذ سنوات في حين حلّت مسلسلات عربية صرف عليها الكثير من المبالغ الطائلة وأُتي بأشهر النجوم ليقوموا ببطولتها بعدهما بالترتيب.‏

فما سبب هذه المتابعة وما سر هذا التألق المستمر؟‏

هو سؤال قد لا نعرف تحديد الإجابة عنه, لكن قد يكون الطابع الكوميدي الذي أحببناه وغرس في ذاكرتنا ووجداننا لشخصيات هذه الأعمال فقد يُنسى عن غير قصد أسماء (نهاد قلعي ودريد لحام ونجاح حفيظ ورفيق سبيعي وناجي جبر) فيما تبقى في الذاكرة أسماء (حسني وغوار وفطوم وأبو صياح وأبو عنتر) وغيرهم من الجيل الذي قدم بداية أكثر من رائعة للدراما السورية عامة والكوميديا على وجه الخصوص والتي لاتزال تتألق حتى اليوم.‏

وقد يكون النجاح متعلقاً بالنص المقدم والمغامرات فـ(حمام الهنا) يقوم خلاله غوار وأصدقاؤه بالبحث عن الكرسي الذي يوجد فيه الكنز المخبأ فيتسابق غوار مع حسني وأبي صياح في جو كوميدي من أجل الحصول على الكرسي قبل أن يخيب أملهم جميعاً بأن يجدوا أن العملة الورقية قديمة وغير صالحة, أما (أوتيل) صح النوم لصاحبته فطوم حيص بيص فيشهد مقالب غوار في حسني غريمه في حب فطوم بمساعدة غير مقصودة من ياسين البسيط وأبي عنتر الشجاع ثم تحل المشكلة في النهاية عند بدري أبو كلبشة, وقد يكون أحد أسباب هذا النجاح هو نوعية المقالب والأفكار ودورها في إبراز جمالية وإبداعية العمل.‏

أما إخراجاً فرغم أن التقنيات بسيطة والمعدات والأدوات غير متوفرة بالحجم المطلوب فكان جيداً فالتصوير غالباً ما كان يتم في الأماكن المغلقة من بيت أو حمام أو استديو وهو لا يحتاج إلى تقنيات كبيرة لأنه يمثل عملاً شعبياً بسيطاً وحتى إنه لم يحتج إلى مصاريف إنتاجية كثيرة لأننا نرى الممثلين في نفس الزي طوال العمل و اللباس بحد ذاته أصبح إحدى علامات الشهرة وأحد أبرز مقومات نجاح العمل وخاصة طربوش وقبقاب غوار, أما الكاميرا فلا تحتاج إلى تقنيات الزووم والثري دي وغيرها لتظهر المشهد بشكل أفضل بل كانت كافية لإيصال المشهد لنا بشكله الحقيقي.‏

ولا نستطيع أن ننكر أنه بالإضافة إلى هذين العملين تعرض الفضائيات مجموعة من المسلسلات السورية القديمة التي لاقت حضورا وشعبية كبيرة عند عرضها الأول ومازالت رغم مرور السنوات تحظى بالاهتمام الشديد ومنها (ألو جميل ألو هناء) (عيلة خمس نجوم) (ليالي الصالحية) وغيرها وكانت بعض الفضائيات منذ فترة ليست بالطويلة قد عرضت أعمال (الزير سالم) (الجوارح) (أيام شامية) (الفصول الأربعة) وجميع هذه الأعمال وغيرها من الأعمال التي مرت عليها السنوات منذ عرضها الأول استطاعت أن تنال المتابعة المطلوبة وتنافس المسلسلات الحديثة وهذا دليل على أن الدراما السورية الناجحة ترتكز على أسس متينة ودعائم صلبة ومقومات النجاح والاستمرار.‏

وحالياً بدأت شركات الإنتاج بإعادة تقديم الأعمال القديمة بصيغة حديثة ففي العام الماضي قدمت (أسعد الوراق) و يعاد إنتاج (دليلة والزيبق) لتقديمه خلال الفترة القادمة في محاولة لاستعادة نجاح هذه الأعمال التي لم تكن تتوفر لها كل مقومات عملية النجاح من تقنيات الإخراج والتصوير ومن أموال, وإن كان الجيل الحديث من المشاهدين لم يتابع هذه الأعمال و لم يحفظ شخصيات أبطالها لقدمها وعدم عرضها فيما بعد إلا ما ندر, فماذا سيحدث فيما لو تمت إعادة تقديم مسلسلات لم تمحَ شخصيات أبطالها حتى الآن من ذاكرة المشاهد, وهل ستكون إعادة الإنتاج فقط من نصيب الأعمال التي وضعت في خزائن النسيان أم إن المتابعة الشديدة لأعمال مضى عليها أكثر من أربعة عقود لن تكون حاجزا أمام إعادة تقديمها من جديد؟‏

على أي حال فقد استطاع مسلسل أُنتج منذ أكثر من أربعين عاماً أن يشدنا لمتابعته كما لو أننا لم نتابعه من قبل فماذا يخبئ لنا الموسم الدرامي الجديد.. وهل سنعود لمتابعتها بعد عشرات السنين إذا أعيد بثها؟.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية