تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لمَ لانُطلق وثائقية سورية؟

فضائيات
الأربعاء 15-6-2011
هفاف ميهوب

من الطبيعي أن نشعر، وفي ظلِّ الجحيم (الذي ساهم في اقتياد العرب إليه) منطق الفضائيات الآمرة بما لقَّنتها إياه جهات معروفة الأهداف وهجينة اللغة الإعلامية، بانفصامٍ وجداني ولغوي،

وعن كلِّ الخطابات التي وجَّهتها إلينا هذه المحطات، ليصبح من الضروري أن نبحث عن فضائية تُقنعنا بلغةٍ هي لغة الصدق في إيصال ما يزيدنا التحاماً بالوطن، بل والتزاماً ومسؤولية..‏

لاشكَّ أن هذا ما شعرنا بحاجتنا إليه، وبعد متابعتنا للـ (مؤامرة) الفيلم الوثائقي الذي عُرض على (الفضائية السورية) ومن ثم على قناة (المنار) والذي تمكَّن من اختراقنا صدقاً، وبلغةٍ كشفت غدر وتآمر لغات كل المحطات التي أعلنت وبالفجور المأجور، أن مهمتها باتت هتك الأخلاقية المهنية وبتعدد اختصاصاتها (الإخبارية، الدينية، الفنية، الوثائقية)..‏

من هنا، ولأن اللغة التي استُخدمت في الفيلم نطقت بما يُذكِّر ويؤكِّد بأن ما يُحاك ضد سورية ما هو إلا امتداد لمؤامرات ومطامع قديمة وعدوانية، فإن هذه اللغة استطاعت أن تجذبنا إلى مافيا من أخلاقيات صادقنا عليها بمشاعرنا وإدراكنا ويقيننا بوطنيّتنا، لنرفض بعدها المصادقة على كل ما يُقدّم ولا يُقنع مداركنا العقلية..‏

إنه المنطق الذي ومثلما كان قادراً على إرباك محطات الهجمات اللئيمة مثل (BBC. Arabic) التي عقّبت عليه بطريقة غبيةٍ وساخرة، كان قادراً على النفاذ إلى عقولنا وبطريقةٍ صادقة ومعبِّرة عما اقترفه أبناء المقامَرة ومن أُلحقَ بهم وسبقهم ممن باعوا أوطانهم وأخلاقهم وضميرهم ومهنتهم لرؤوس الفتنةِ السافرة. المنطق الذي جعلنا نتشهّى المزيد منه، ليكون من دواعي متابعتنا أن تفكِّر فضائياتنا السورية بإطلاق فضائية وثائقية على غرار (الدرامية والإخبارية) أو حتى أن تخصِّص ضمن برامجها ما يعنينا ويُغنينا بتفاصيلٍ وثائقية سورية.‏

لم يكتفِ فيلم (المؤامرة) بعرض لقطات قديمة المخططات حديثة في تقنيات استهدافها لسورية ومقاومتها، ليقوم أيضاً بإدانة هذه المخططات ومرتكبيها، ومن قِبَلِ شخصياتٍ سياسية وإعلامية وفكرية، شقيقة وصديقة، أدلت برأيها دون انحياز وبرؤيةٍ تحليلية ثاقبة استمدَتها من واقعٍ عاشته و تلمّسته بعد أن رأت بعين خبرتها ما آلت إليه الويلات العربية..‏

أيضاً، عرض الفيلم صرخات لا (تأتآت أو جعجعات).. صرخات رفضت واستنكرت ولعنت، كل من سوَّلت له خيانته وحقده وعدوانيته، المساس بشرف سورية وتدنيس كرامتنا، ليكون ذلك هو صورة موثقة ومصدَّقة وخارقة لادعاءات وأكاذيب لغاتٍ تشدَّقت بها فضائيات يبدو بأنها تسوَّلت وثائقها من مصادرٍ لم تتكرَّم عليها إلا بمعلوماتٍ مأجورة ودونية..‏

أخيراً، وبعد أن اخترقنا الفيلم بوجعِ سببه المؤامرة، كان لابدَّ أن ننتفض رفضاً لكل المحاولات التي سعت لاستغلال الشباب الأمي كوقود، ولشراء ضمائر من عيَّنتهم تحت وصايتها شهود، لننتفض أكثر ونحن نشاهد مدى قهر الوطن وأمهات الوطن لفقدِ أبنائه، وليكون من حقّنا أن نطالب بفضائية وثائقية سورية.. تخصُّنا.. تخصُّ مجتمعنا وحضرتنا وأخلاقنا ولغتنا، ومن أجلِ أن تكون لسان الصدق والمرجع الحق, الذي يقينا وأجيالنا شرّ وثائقيات فضائيات، هي فضيحة التاريخ وصورته المُخزية..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية