تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الموسيقار سهيل عرفة... لماذا ازدهرت الأغنية الوطنية في الماضي..وهل اللجان تصنع الأغنية الجيدة

ثقافة
الأربعاء 15-6-2011
فاتن دعبول

أمسية وطنية بامتياز، أحيت في نفوسنا ذكريات حميمة، وعززت إحساسنا بتراب هذا الوطن، وضرورة اللحمة الوطنية، لتخرج سورية معافاة سليمة من هذه المحنة، وتعود إلى ألقها كبلد للتسامح والمحبة والأمان،

كما عهدناها من فجر التاريخ حتى الآن، وكما نصبو إليها في المستقبل إن شاء الله.‏

بكلماته هذه عبر السيد وزير الثقافة رياض عصمت عن شعوره في أمسية الاستماع الموسيقي التي يعدها ياسر المالح، وكان في ضيافته الملحن الكبير سهيل عرفة، فيما لحن من أغنيات وطنية.‏

وأضاف: آمل أن تكون هذه الأغنيات أمثولة لكتاب الأغنية، كلمات وألحاناً وأداء، في هذا الزمان، لتلهب الحماسة والاعتزاز بالوطن في نفوس الأجيال الصاعدة، فنحن نحتاج الأغنية الوطنية، لأنها تعيد إحساسنا باللحمة الوطنية والتضامن، ولأننا نعيش أسرة واحدة في هذا الوطن، فهل هناك أروع من أغنية:‏

صباح الخير يا وطناً‏

يسير بمجده العالي إلى الأعلى..‏

وبدأ ياسر المالح في مقدمة برنامجه، بالقول: «الوطن أنا وأنت تنبتهما الأرض» وأهم ما في الوطن هو اللغة العربية التي تجمعنا، وعندما نستمع إلى الأغاني الوطنية، يصبح الوطن في داخلنا ولا نحتاج حينها لخطابات تحكي عن الوطن، وذلك من خلال الأغنية والموسيقا، فترى نفسك إنساناً عظيماً تقوم بواجبك تجاه وطنك..‏

يقول الموسيقار سهيل عرفة: بدأت باحتراف الموسيقا في عام 1958، عام الوحدة بين سورية ومصر، فكانت أول أغنية لحنتها هي «يا بطل الأحرار»، وكانت في الوقت نفسه أول أغنية لفهد بلان.‏

وفي نكسة حزيران عام 1967، قدم عبد الوهاب أغنية «طول ما أملي معاي معاي وبإيدي سلاح»، وغنى فريد الأطرش «إن للباطل جولة» وزهرة المدائن قدمها الرحابنة، وقدمنا نحن في سورية قصيدة للشاعر صالح هواري «بالعزم بالإصرار بالنيات بقوة الإيمان.. بالسلاح..» ومازالت هذه الأغنية تقدم كشارة لبرنامج، القوات المسلحة..‏

وبعد ذلك، لحنت لفاتن حناوي « لو تعرف شو بحبك يا وطني» للشاعر عيسى أيوب، وهو توءم روحي في سورية، وعمر حلبي أيضا توءم روحي، وفي لبنان كان ميشيل طعمة، ومن اليمن عباس الديلمي، الذي قدم أغنية « صباح الخير يا وطناً».‏

وأيضاً ثمة غناء ثنائي بين وديع الصافي وسميرة توفيق، ورغم عدم التناسب بالأصوات، لكن استطعت أن أوفق بين الصوتين وذلك في عام 1973، وحوارية بين وديع الصافي وفاتن حناوي، وأغنيتهما التي تذاع كل يوم « بلد الشام» وأهل الشام، وعنوان ترابك يا شام للشاعر حسين حمزة.‏

تنبأ الشاعر الفلسطيني عبد الرحيم محمود، بشهادته، فكتب قصيدة «سأحمل روحي على راحتي.. وألقي بها في مهاوي الردى، فإما حياة تسر الصديق.. وإما ممات يغيظ العدا..» غناها الفنان الكبير صباح فخري.‏

أما دلال الشمالي فقد لحنت لها قصيدة للشاعر خليل خوري «من قاسيون أطل يا وطني.. فأرى دمشق تعانق السحبا..».‏

وغنى فهد بلان قصيدة للشاعر عيسى أيوب، «من يوم ولدنا يا بلدنا.. لترابك ممنونين» وسميرة سعيد غنت قصيدة للشاعر عيسى أيوب «يا نهر الشام».. وكانت بناء على طلب شخصي من وزير الإعلام آنذاك أحمد اسكندر وطلب الأغنية لتشجيع السياحة..‏

وغنى الفنان سمير يزبك « يا بلادي.. خدي شادي بكر ولادي» للشاعر عيسى أيوب.. الذي كتب أيضاً أغنية «عاشقة» وغنتها صباح..‏

وكتب الشاعر اليمني عباس الديلمي أغنية «صباح الخير يا وطناً يسير بمجده العالي إلى الأعلى».. غنتها أمل عرفة وفهد يكن..‏

وفي حديث خاص «للثورة».. قال الموسيقار سهيل عرفة: الأغنية الوطنية، أو العاطفية أو أي نوع من الأغاني، تأتي كرد فعل سواء الفرح، أم الحزن، أم الحب.‏

والأغنية الوطنية كان لها تأثير كبير على الشاعر العربي، لاسيما في العدوان الثلاثي على مصر «نشيد الله أكبر» وفي ثورة 8 آذار «ومن قاسيون أطل ياوطني» وفي الحركة التصحيحية، كتب عيسى أيوب «يعطيك العافية يابو العوافي».‏

فالأغنية كانت تواكب الحدث، والآن سورية تعيش مؤامرة إعلامية عالمية، ومؤامرة دنيئة، وبإذن الله ستخرج من محنتها أقوى مما كانت..‏

وقد لفتت وزارة الإعلام، وهيئة الإذاعة والتلفزيون لأهمية الأغنية الوطنية، فتشكلت لجنة، أنا عضو فيها، للاهتمام بهذا النوع من الغناء.. فرغم ما يقدم الآن من أغانٍ وطنية، لكنها لا ترقى في الحقيقة إلى المستوى الذي كانت تقدم فيه في ذاك الوقت، فهؤلاء ليسوا محترفين، بينما قديماً كان هناك من يحترف ويغني بهذا النوع من الغناء، وعلى سبيل المثال، فقد أقمنا مسابقة من أجل أغنية للجولان، تقدم إليها 120 أغنية، فاز منها ست أغنيات فقط، لذا نتمنى أن يستأنس هذا الجيل بتراثنا وبمن سبقه في هذا الباع، ويأخذ من تجربته.‏

فليس كل إنسان مؤهلاً ليقدم أغنية وطنية، بل يحتاج ذلك لمقومات خاصة، فالأغاني الوطنية في أغلبها الآن تشبه الصراخ والشجار، وعندما نرفض أغنياتهم يحتجون.. وما نأخذه هو أفضل الأسوأ..‏

وفي سؤالنا.. كيف نرتقي بالأغنية الوطنية؟ أجاب: أن يبتعد أصحاب القرار ويكفوا أيديهم عن الفن، ويتركوا الفن لأصحابه.. «ويعطوا الخباز خبزه».‏

وبالنسبة لي أي أغنية أقدمها، أعتبرها مشروعاً بحد ذاته، وما يهمني هو الجمهور، فأنا أحترم النقاد، وليس الحقاد.. فعندما ألحن.. أفكر في الناس، وبابن الشارع.. أريده هو أن يحب اللحن.. وهذا ما حدث فعندما احتج الشاعر خليل خوري صاحب أغنية «من قاسيون».. على اللحن.. عاد واعتذر بعد شهر لما حققته هذه الأغنية من نجاح كبير.‏

ومن وحي الأمسية عبر نقيب الفنانين التشكيليين د. حيدر يازجي بالقول: الوطن لازمن محدد له.. وهذه الأمسية دعوة لحب الوطن لنستمر به ويستمر بنا.. والوطن لا مساومة عليه، وما نتمناه أن يستمر شامخاً بأولاده، وبحياة الناس الموجودين فيه..‏

أحس أننا الآن أخذنا دفقاً جميلاً، وحقاً فإن الأغنيات الوطنية تعيد بناء النفوس، حقاً الوطن هو الوجود، ونتمنى له ولأمتنا كل الخير والسلام.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية