|
كل اربعاء إن ما رسم لسورية في الخارج قد رسم، ولا وقت للتعديل أو التبديل فيه، وأن العزوف عن الحوار واســـــتبداله بصواعق التصريحات على منابر الخارج، هو تجديف مكابر في بحر الأزمة الراهنة، نحو خيارات خطرة قد تذهب بفرصة الحوار، وطقـــس الإصلاح إذا لم نســترســـل بالقول إنها قد تذهب بالوطن وتلقي به في غياهب المجهول! الحوار الوطني المتاح للســـوريين اليوم، هو فرصتهم الذهبية لإعادة اكتشاف جوهر أفكارهم وطبيعة خياراتهم تحت ســــــــــقـف الوطن، بعد عقود من الانقطاع عن التلاقح في الأفكار، وبعد تحولات إقليمية وكونية يعاد على إيقاعها تشــــــــــكيل النظام العالمي الجديد، بنا أو دوننا! وتتمخض احتقانات الناس في الشـــــوارع العربية عن انفجارات تشبه الثورات وتتماهى مع الفوضى، وفي مناخات كهذه يصبح الحوار فيما بيننا إلزامياً، حتى ولو لم تكن هناك أزمة داخلية تهدد وحدتنا الوطنية وتنذر باصطفافـات عصبوية لم يعرفها المجتمع الســــــوري من قبل، فالحالة الوطنية والقومية والإقليمية والدولية تحتم علينا الذهاب إلى حوار وطني جاد ومسؤول يســـــتوعب كل الأســـئلة، ويضيء على كل الإجابات، ثم ينكبُّ على رســـم المســـــــــودة الملائمة لســـــورية الجديدة، ببنيانها السياسي والاقتصادي والاجتماعي على قواعد الحرية والتعددية واعتراف الكل بالكل، وتعقيم الجروح، وتطهير النفوس من الضغائن والأحقاد! بعض الأصوات التي تعتلي منابر الخارج هذه الأيام على مدى ســــاعات النهار والليل، تقول بصلف مصطنع إن الوقت قد تأخر على الحوار، وإن الدماء الســــورية التي سفكت في الأشهر الثلاثة الفائتة على ثرى الــوطـن قد قطعت الطريق على أي نهج إصلاحي أو مـناخ حـواري، وإن الــمـطـلـوب الآن فقط هو الاســـــــتجابة لمطالب «الشعب»، وبغض النظر عن الحجم التمثيلي لمثل هذه الأصوات على الخريطة الوطنية، فإننا نســأل بنوع من السذاجة المقصودة، من وضع هذا التقويم القاطع لساعة الحوار الوطني كي نســـتدل من خلاله على التأخر أو التقدم في ابتداع حلولنا الوطنية، وهل الشعب بكل قواه الحية والفاعلة، هو مشــاع مملوك عن بعد لهذا الناشط السياسي المهاجر قسراً أو طوعاً، أو ذاك الفصيل الليبرالي المتطهر حتى النخاع ببركات الناموس الحر والديمقراطي على ضفتي الأطلسي، وهل صارت الدماء السورية التي ســـفكت على ثرى الوطن بأسلحة غير مجهولة الهوية، سبباً لاستجرار المزيد منها وتوظيفها في المنتديات الدولية، أم أصبحت دافعاً لا يقبل التأجيل لصونها ونفي عوامل هدرها وسيلانها في غير مكانها. كلنا مدعـوون الــيــوم إلى تحريض وعـينا حتى أقصى طاقاته، وكلنا مطالبون بقول كل ما لدينا على طاولة الحوار أو خارجها، فالمواطنة ليســــت حقوقاً فحسب، بل هي واجب ومسؤولية، ومن يتخلف منا اليوم عن أداء واجبه وإدراك مســؤوليته فلا حقوق لديه في ذمة الوطن والواجب يتطلب منا اليوم أن نسهم في رفع هذا الســـيف المتربص بعنق الوطن، من خلال الانخراط في مواكب الإصلاح الشامل الذي لم يولد إلا بإرادتنا، ولن نجني ثماره إلا بمشـاركتنا في تثبيت قواعده وإطلاق عجلته، وطاولة الحوار يجب ألا تنتظر طويلاً كي يلتئم الشمل الوطني حولها لمراجعة عقود من السكون، والتأسيس لزمن طويل من الحركة والتجدد، هذا إذا كنا حقاً نبحث عن وطن الحرية والمشاركة والتعدد الخلاَّق. |
|