|
ثقافة وقد أثر هذا الترف الذوقي في بناء وعيه الجمالي منذ طفولته المبكرة. تلقى دراسته حتى حصوله على شهادة البكالوريا بقسميها في مدارس وثانويات دمشق الرسمية والخاصة ثم تابع تحصيله العلمي في الجامعة الأميركية في بيروت، وتخرج منها حاملاً دبلوماً في التجارة والاقتصاد وكان ذلك في نهايات الحرب العالمية الأولى وعاد إلى دمشق وراح يزاول العمل الصحفي بعد انسحاب الأتراك من بلاد الشام بين محرر وصاحب جريدة. فاز بالنيابة البرلمانية عن دمشق عام 1947 ممثلاً عن الحزب الوطني وله عدة مؤلفات نذكر منها: ذكريات نائب وقصة خاطئة. أما أبرز أعماله التي خلدت اسمه فكان إطلاقه لمجلته الهزلية الكاريكاتورية التي أسماها (المضحك المبكي) وكانت رائجة واسعة الانتشار، تصدر صباح كل يوم سبت حيث اعتمد في ترتيب أبوابها على السخرية المرة أو ما يمكن أن نطلق عليه الضحك الأسود. وفي هذا الشأن يقول الباحث أديب خضور في كتابه عن (الصحافة السورية) ما لفظه: «وهي مجلة فكاهية كاريكاتورية أسسها حبيب كحالة عام 1929.. جاء في افتتاحية عددها الأول بعد تأكيدها أن القراء قد شعروا بالملل من الصحافة الجدية وأن الكتابة كالطعام لابد لها من البهارات.. وهكذا فقد أصبحنا نأمل أن نقدم للقراء مجلة هي جد في هزل وهزل في جد. ويذكر الأديب عبد الغني العطري أن حبيب كحالة ظل يرسم الابتسامة المشرقة على وجوه قرائه اسبوعياً، وظل يؤمن بأنه من خلال النكتة الذكية يمكن توجيه النقد واللوم والتوجه إلى من هم بحاجة إلى سماع النقد. وفي يومه الأخير الذي أمضاه في المشفى الفرنسي إثر عملية جراحية وكان ذلك في الثاني والعشرين من كانون الأول عام 1965، روى حبيب كحالة الطرفة التالية لزواره في المشفى ولعلها كانت آخر نوادره: ظل أحد الأصدقاء يعود صديقه المريض ويستفسر عنه. وكانوا يقولون له كل يوم: عم يتحسن حاله.. اليوم أحسن وفي نهاية الأسبوع سأل عنه فأجابوه: مات! وصعق الرجل وخرج باكياً وفي الطريق قابل صديقاً آخر، فسأله هذا عن المريض فأخبره أنه مات.. فاستغرب الصديق وفاته وسأله بحزن كيف مات؟ فأجابه: من كتر التحسن. بقي أن نذكر أن مجلة (المضحك المبكي) احتجبت نهائياً عن الصدور في أيار عام 1966 بعد أن عاشت 37 عاماًَ ويحاول نجله السيد سمير كحالة بعثها من جديد فهل تكتب لمحاولته النجاح؟ |
|