|
ثقافة توجب علينا عناقها والاستماتة حفاظاً على كل شبر فيها حتى وإن تطلب الأمر تقديم أرواحنا كرمى أن تحيا وبدماء أبنائها. هذا ما فعلته «جميلة بوحيرد» المناضلة الجزائرية التي شعرت مذ ترعرعت كأنثى وحيدة بين سبعة شباب بأن عليها أن تتجاوز حدود واقعها بوثبات جريئة ليكون لها ذلك من خلال عشقها لركوب الخيل- الرياضة التي برعت فيها وعلمتها التمرد وحب المغامرة وإلى أن اندلعت الثورة الجزائرية وتوجب عليها إثبات بطولتها بقفزة أكثر من نضالية. حصل ذلك عندما سارعت «بوحيرد» ابنة العشرين ربيعاً للنضال ضد الاحتلال الفرنسي وبالتحاقها بصفوف الفدائيين لتكون أول المتطوعات لزرع العبوات الناسفة في طريق الاستعمار. إن شجاعتها هذه جعلتها المستهدفة والمطلوبة الأولى من قبل قوات الاحتلال التي تمكنت من القبض عليها عام 1957 وبعد إصابتها برصاصة في كتفها لتبدأ بعدها رحلتها مع أبشع أنواع التعذيب ومن أجل أن تشهد ضد زملائها في المقاومة الجزائرية ودون أن تفعل لتكون كلماتها الأشد مقاومة والأكثر بطولة هي تلك التي صفعت بها أعداء وطنها ومحكمتهم وبتكرارها: «أعرف أنكم سوف تحكمون علي بالإعدام لكن لا تنسوا أنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم ولن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة». من هنا ونظراً لثباتها على موقفها في مواجهة المحكمة ولرفضها تقديم معلومات عن الفدائيين فقد حكم عليها بالإعدام وتعرضت لشتى أنواع الضغوط والتعذيب والانتهاك وبوحشية صاعقة ليتحول الحكم وبسبب الغضب الشعبي والضغوط وردود الأفعال الدولية إلى السجن المؤبد، حيث قضت خمس سنوات أطلق بعدها سراحها في 1962 بعد استقلال الجزائر. أما عن علاقتها بسورية البلد التي زارتها عام 1963 ومع رفيقة نضالها وسجنها ومقاومتها (زهرة طريف بيطار) فقد اعتبرت نفسها ابنتها ولاسيما بعد أن كرمت فيها بمنحها رتبة كولونيل كرتبة شرف إضافة إلى الجنسية السورية لتقول فخورة بهذه الزيارة: «لي الشرف أن أحظى بهذه الجنسية أنا واحدة منكم». أيضاً ولأن «بوحيرد» أدركت ما لسورية من دور مقاوم ومؤمن إيماناً مطلقاً بإرادة الحياة البطولية فقد اختارت أن تزورها مرة أخرى وفي عام 2009 لتنال في زيارتها وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة ما دفعها للتعبير عن امتنانها وللقول خلال زيارتها لصرح الجندي المجهول في جبل قاسيون: «إن هذا ليس غريباً على سورية باعتبارها بلد المقاومة وقلب العروبة النابض بالمحبة لكل العرب ومثلما كانت الجزائر في الماضي ملهمة الثورات وحركات التحرر فإن سورية اليوم رائدة في هذا المجال». زارت أيضاً مدارس بنات الشهداء وألقت الرحمة على أرواحهم الطاهرة ومن ثم أدلت للصحفيين بكلمات منها: «أنا هنا في بلد البطولة والكرامة الذي أكن له كل الحب منذ زمن طويل تشرفت بلقاء الرئيس الشاب بشار الأسد وقد منحني وسام الشرف لأنه إنسان يقاوم ويناضل ويحب وطنه» أخيراً نقول: يكفي جميلة بوحيرد فخر سورية وأبناء سورية بها وبأنهم خلدوها رمز المرأة المناضلة ليكون الأشد تخليداً هو ما كتبه الشاعر نزار قباني وفي قصيدة عنونها باسمها. القصيدة التي هزت مشاعر كل فرد من أفراد الشعب العربي والتي منها: الاسم: جميلة بوحيرد تاريخ ترويه بلادي تاريخ امرأة من وطني جلدت مقصلة الجلاد ما أصغر «جان دارك» فرنسا أمام «جان دارك» بلادي |
|