|
شؤون سياسية وزيادة حجم الخسائر المادية والبشرية من خلال قصفه الأعمى للمناطق الليبية دون تمييز بين مدني وعسكري، الأطفال والنساء والشيوخ كانوا أيضاً وقوداً للهجوم الأطلسي الذي يشكل مثالاً صارخاً على التدخل في الشؤون الداخلية للدول وزيادة تعقيدات الأمور على الأرض. التصريحات الغربية تفتح الطريق واسعاً أمام أفغانستان آخر يراد استنساخه على الأراضي الليبية بتدخل الناتو براً وانتشاره على الأرض ما يعني بقاء طويل الأمد غاياته مكشوفة ومفضوحة ونهاياته غير واضحة المعالم كما هي الحال في أفغانستان الذي أرهقه وجود الناتو على أراضيه التي أصبحت ساحة للقتال والفوضى ومصائد الموت. أحد قادة فرنسا العسكريين كشف عن نيات للناتو من أجل الانتشار في ليبيا (برياً) بعد انهيار الوضع والسيطرة على الحكم في البلاد بذريعة تقديم المساعدات الإنسانية وهي الحجة التي يتخذ منها الحلف ستاراً ويجعل منها شماعة يعلق عليها أعماله العسكرية ونتائجها الكارثية. الأميرال بيير فرانسوا فوريسيه قائد البحرية الفرنسية أزاح الستار عن نية قوات التحالف التدخل براً في ليبيا بمجرد انتهاء القتال، قول فوريسيه وإن برره بأن مثل هذا الانتشار المرتقب يأتي لتقديم الدعم الإنساني للسكان الليبيين فالحقيقة بخلاف ذلك، فالوسائل والمظاهر العسكرية وأعمال العنف والقتال هي التي ستطفو على السطح بسرعة ستعقد الأمور وتفاقم المشكلات بكل أشكالها وخصوصا الإنساني منها. واللافت أن فوريسيه راوغ في أحد تصريحاته بقوله إن بلاده لن ترسل قوات برية للتعجيل بنتيجة القتال، هذا التصريح بحد ذاته يثير القلق من خطط الناتو المستقبلية في ليبيا لأنه لا ينفي نية التدخل البري تحت ستار تأمين الوضع الليبي ميدانياً بل يلمح من خلاله إلى الرغبة في السيطرة على الأرض بعد انتهاء العمليات الجوية. ناهيك أن فوريسيه وحلفه ليسوا على عجلة من أمرهم لحسم الأمور فالمماطلة سياستهم التي ليس في قاموسها أو مفرداتها معاناة الشعوب. لاشك أن قصف مروحيات قتالية تابعة للناتو للمرة الأولى القوات العسكرية الليبية يعد تطوراً ميدانياً خطيراً يدل على نيات للتدخل البري بالرغم من تبرير الناتو لذلك ووصفه بأنه محاولة لتكثيف التدخل العسكري وتأمين حماية أكبر للمدنيين. رئاسة أركان الجيوش في باريس ووزارة الدفاع البريطانية أعلنتا أن مروحيات للجيش الفرنسي من نوع تيغر وغازيل بالتعاون مع مروحيات الأباتشي البريطانية شنت للمرة الأولى غارات لقصف تجهيزات سيارات بيك آب مسلحة ومنشأة رادار ومركز للمراقبة العسكرية قرب البريقة المدينة الساحلية شرقي البلاد. ما يجري على أرض ليبيا يؤكد أن من يريد حماية المدنيين لا يقصف كل يوم المواقع التي تعج بهم ولا يشير بإصبعه لاحتمال التدخل البري الذي يهدد حياة المدنيين الأبرياء في المدن والقرى الليبية كما يحصل في أفغانستان حيث يقتل كل يوم ويجرح عشرات الأشخاص. تصريحات وزير الدفاع البريطاني تناغمت مع التصريحات الفرنسية من خلال نفيه أن يكون نشر المروحيات اعترافا بفشل الاستراتيجية التي تم تطبيقها حتى الآن، فالنشر من وجهة نظرهم ما هو إلا إظهار لاستعداد الناتو لاستخدام الامكانات المتاحة لديه وإعطاء الحلف فرصة لمهاجمة أهداف جديدة. حلف الأطلسي واجه انتقادات لاستخدامه المروحيات الهجومية، فروسيا على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف تخوفت من استخدام هذه المروحيات ما يعني أن الحلف (ينحرف عن قصد أو عن غير قصد نحو عملية برية) ويعد خروجاً على مضمون قرار مجلس الأمن رقم 1973 الذي نص على حماية المدنيين في ليبيا. من المؤكد أن الوضع الليبي ينذر بالخطر وتتعمق جراحه أكثر بيد قوات التحالف ويبقى الخوف من شبح التدخل العسكري البري الذي سيقلب الأوضاع في ليبيا باتجاه آخر نحو احتلال سيدفع الليبيين دون أدنى شك إلى مواجهة الناتو واستمرار الاقتتال الداخلي ما قد ينتج حالة مشابهة لما يحدث في أفغانستان، وسيكون من الصعب الخروج من نفق الحرب الطويل والمظلم وما يحمله من مفاجآت وزيادة في حجم الدمار والخراب. manhalebrahim @yahoo.com |
|