تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الأرض القديمة... نصـــوص قصصيـــــة جديــــدة

ثقافـــــــة
الجمعة 17-6-2011
عماد جنيدي

ناظم مهنا حفار أركيولوجي من الطراز الرفيع يمتلك إزميلاً معرفياً حاداً وعميقاً وقدرة استثنائية على إعادة صياغة الأحداث والقصص التاريخية بأسلوب هو نوع من السهل الممتنع وإعادة إسقاطها

على أدق تفاصيل الحاضر ولايمكن النفاذ إلى مراميه إلا من قارئ يمتلك مايقارب حجم ثقافته الهائلة كماً ونوعاً.‏

الطفل ص9‏

عند البحيرة‏

وقف الصيادون‏

وراحوا يغسلون الشباك‏

صرخ الريس هيا ألقوا شباككم‏

قالوا جميعاً نحن متعبون‏

هذا المقطع يتألف من ثلاثة أطراف، الصيادون والشباك والريس. إن افترضنا أن سمك البحر هو كما نعلم المستهدف من الريس والصيادين فقد نجا في هذا المقطع بسبب تعب الصيادين وإذا كان ناظم يقف عند حدود هذه الدلالة فالمقطع يفقد قيمته، إذاً فهو يرمي إلى ماهو أبعد من السمك بمعناه الحسي.‏

التمرد: ص 30‏

في الجوار بين نوح وابنيه سام وحام يهدم ناظم صرح العلاقة البطريركية الأبوية من خلال إذعان حام بن نوح لمشيئة أبيه خوفاً من الطوفان ويترك ناظم للقارئ أن يستكنه بنفسه كيف أن عقد الإذعان مع سلطة الأب القمعية وهو الذي أفرز جميع أنواع الهزائم الفكرية والسياسية.‏

ومن الجدير ذكره أن الكاتب عنون عقد الإذعان هذا بعنوان التمرد.‏

في قصته مجتمع الشعراء ص 39 يقدم الكاتب المشهد الأدبي حالياً بهرطقاته واستلاباته على أنه هو هو كما كان عليه الأمر منذ آلاف السنين، فالشعراء دائماً ملحقون بالسياسة وأكبر دليل على ذلك شعراء البلاط، فالشعر العربي في القصر العباسي كان بمعظمه شعر بلاط يمدح الخلفاء تكسباً وكان الخليفة يلعب بعقولهم كما يشاء ويقبل وشاياتهم ببعضهم ويكافئهم عليها ليظهر هو وسلطته أكثر حضارة منهم ورقياً وأخلاقاً.‏

والأرض عند ناظم دائماً قديمة وما من جديد فيها، إنها مستنقع للصراع العبثي والكراهية والدم والحروب، إنه في نظرته للأرض معري النزعة وتشاؤمي وهذا من حقه.‏

ويلتقي ناظم مع دستويفسكي الذي قال جملته الشهيرة (الإنسان ذلك النخر الأبدي الذي لاحل لمشكلته).‏

تمرد ناظم منذ أوج شبابه على الجمود واستطاع عبر ثقافته العميقة والواسعة أن يكوّن منظومة معرفية وإبداعية ذات طابع إنساني وليبرالي.‏

واستطاع دائماً أن يكون مبدعاً وتجريبياً وإنساناً قبل أن يكون أي حال آخر.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية