تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كواليس المبدعين... سمير طحان.. والعين الثالثة

ثقافة
الجمعة 9-10-2009م
هاني الخير

الباحث الأديب سمير طحان الذي فقد بصره، وبترت أصابعه العشرة من الرسغ على أرض الجولان في نيسان عام 1970 حين انفجر به لغم أرضي،

أثناء تأديته خدمة العلم يخوض منذ /25/ سنة تجربة أدبية لغوية جديدة كان قد أطلقها الشاعر الفيلسوف المعري في «لزومياته» ويكملها سمير طحان في مؤلفاته الجديدة، التي يطبعها على نفقته الشخصية وباللغة المحكية، مطلقاً من أعماقه الحاسة السادسة التي منحته إياها خلايا وأحاسيس جسده كتعويض عما فقده.‏

العديد من مؤلفاته ترجمت إلى لغات عالمية نذكر منها: الإنكليزية والفرنسية والإسبانية والروسية وبعضها اعتبر كجنس أدبي جديد من الناحية التقنية الروائية كرواية «الحالات» التي تتصف بالعمق النفسي والتوتر اللغوي الحاد، وهي تعالج مشكلة الخذلان.‏

وهو يكتب بأحاسيسه الصادقة وينظر إلى الآخرين بعين الروح الرحيمة الطافحة بالمحبة والتسامح في أرقى صوره.‏

ابتكر الباحث طحان ما أطلق عليه «العين الثالثة» الذي اعتبر كلون أدبي جديد، فكان مثار اهتمام ودراسة بعض الجامعات في فرنسا وإيطاليا واسبانيا بينما تجاهله النقد العربي الرسمي باستثناء إشارات سريعة في الصحافة العربية وخاصة الصحافة المصرية.‏

وهو في هذا الكتاب «العين الثالثة» يجمع العبارات المحببة والتعابير الموحية والمفردات الجميلة ، فكم من مفردة تحتوي جملة بل نصاً؟ وكم من مفردة واحدة تغني عن جملة؟ وقد استغرق تحريره أكثر من عشرين سنة فضلاً عن عشر سنوات من المراجعة والتنقيح بمساعدة شقيقه الراحل مروان الذي آزر شقيقه في مشاريعه الثقافية.‏

لم يتوقف الباحث طحان بالرغم من ظروفه الصعبة وشظف العيش الذي يحياه يومياً عن العطاء الإبداعي والمعرفي الذي لاينضب، و لاسيما في تتمة وتطوير رسالة أستاذه العلامة المؤرخ خير الدين الأسدي صاحب «موسوعة حلب المقارنة»، فقام بجهد مشكور بتوثيق الأدب الشعبي في حلب من خلال كتابه الممتع «روزنامة حلب ذاكرة شعبية» الذي يقع في /759/ صفحة من القطع الكبير وفيه من الطرائف والحكايات الضاحكة مايسعد النفوس ويبهج القلوب الظامئة للضحك الأرقى..‏

وبالرغم من مأساته الشخصية المتمثلة بفقد البصر واليدين فإنه لايزال يتحف المكتبة العربية بمؤلفات قيمة غير نمطية رشحته بقوة أن يكون عميداً للأدب الشعبي الذي يعبر عن نبض الشارع وذوقه دون زيف، شأنه في ذلك شأن الباحث اللبناني الراحل سلام الراسي، الذي أنصفته وكرمته حكومة بلده خلال حياته .‏

ولعل الجهات الرسمية في حلب تبادر بتكريم هذا الأديب المنسي ليتابع قبل أن تغرب شمسه رسالته الحضارية.‏

بقي أن نذكر أن الباحث سمير طحان من مواليد عام 1947 في قرقيزيا البصيرة مصب الخابور في الفرات من أعمال دير الزور في سورية ، ويقطن في حلب مع أسرته منذ طفولته السعيدة المرحة في ظل حنان واهتمام أمه ووالده وإخوته.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية