|
دراسات ونفوذ ساحق في الحياة السياسية الأميركية كان أشبه ما يكون وكأنهم حزب سياسي لوحدهم, لايزال يمسك دفة القرار السياسي بشكل محكم في أروقة صنع القرار الأميركي والتوجهات الفكرية الخارجية له حتى ظن الكثيرون أن هذه الظاهرة خرجت إلى الوجود لكي تستقر في أدبيات عالم السياسة الأميركية إلى عقود قادمة. لكن رغم ذلك يبدو أن الرياح لم تكن تجري كما تشتهيها السفن وبدا أفول ذاك الفريق في الانحدار مع تحول العراق الذي كان فريق المحافظين على رأس المخططين له من نزهة عسكرية إلى معضلة أميركية كبرى ومع تراجع التأييد للرئيس بوش وللعاملين في إدارته ما ساهم ذلك في تراجع حظوظ المحافظين في الآونة الأخيرة مع لجوء الرئيس بوش إلى إبعاد عدد من رموزهم القيادية الأساسية أمثال بول وولفورفوتيز وريتشارد بيرل وجون بولتون وانزواء بعض الشخصيات الفكرية البارزة من أمثال فرانسيس فوكاياما عنهم, لكن ذلك جعل الفريق المتبقي من المحافظين يسارعون إلى إعادة تنظيم صفوفهم وإلى التفتيش عن مرشح قريب منهم ومن معتقداتهم لدعمه في الانتخابات الرئاسية الجارية الحالية ووجدوا ضالتهم في محافظ نيويورك السابق (رودي جولياني) أو المرشح الحلم كما دعوه. ما جعله يتحول بين ليلة وضحاها إلى رأس حربة ضد كل ما هو عربي ومسلم ويقود حملة تخويفية منهم في الأوساط الأميركية العنصرية والمتعاطفين معها, وتحول بعد ذلك إلى رمز لتلك الحملة المتفاقمة من العداء للعرب ما جعل منافسه جون ماكين يصفه بأنه رجل ضيق الأفق متستر بصورة تثير الاشتباه, ومحب للانتقام لكن مثل هذا الهجوم حيال جولياني لم يقلل من حماسه بل دفع اللوبي الصهيوني ليكون أكثر اندفاعاً في الاستمرار في تصلبه وتعنته في الرأي وهو ما برز على سبيل المثال في دعوته لإعلان الحرب بشكل علني وصريح ضد إيران وسورية. وهذا ما جعل اللوبي الصهيوني يحيط به ويدافع عن آرائه ويبرر مواقفه تلك بأنه تصميم رائع على حماية أميركا وأمنها ومصالحها من الأشرار على حد وصفهم لمن يعادي ويعارض مشاريعهم الاستعمارية في المنطقة لقد التقت مصالح اللوبي الصهيوني مع فريق المحافظين الجدد في الإدارة الأميركية للدخول في سباق الرئاسة الأميركية كي يجددوا مقاعدهم مع الرئيس الأميركي الجديد ويحيطوا به من كل جانب وليعيدوا التجربة معه كما فعلوها مع الرئيس جورج بوش من سيطرة على القرار ونفوذ سياسي في توجهات السياسة الخارجية لأميركا, وهذا ما جعلهم في حقيقة الأمر يسارعون لتشكيل طاقم إعلامي ودعائي في خدمة ودعم جولياني للاهتمام بسياسته الخارجية وتوجهاته القادمة فيما لو فاز في سباق الرئاسة, وكان من أبرز أعضاء ذاك الطاقم بول ولفووتيز ودانيل بايبس ومارتين كرايمر وتشارلز هيل وغيرهم ومن مهام هذه اللجنة تقديم المشورة والنصح والبرامج للمرشح جولياني حول القضايا المتعلقة بسياسة الولايات المتحدة الخارجية كافة ولا سيما ما يخص اتساع مصالحها الاستراتيجية بحيث تشمل مناطق العالم أجمع ولا سيما مناطق الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا والملفت للنظر أن أعضاء تلك اللجنة هم من المؤيدين والمتحمسين لإسرائيل والدفاع عنها وحماية أمنها وكأن جولياني هو مرشح للرئاسة في (إسرائيل) وليس في أميركا. إن التراجع الذي أصاب المحافظين الجدد الذين يجمعهم الولاء( لإسرائيل) سوف يؤثر بالطبع على اللوبي الصهيوني ورغم تمتعهم بدعم قوي في مؤسساته الرئيسية مثل إيباك وفي رابطة مناهضة التشهير الأميركية وفي معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى وغيرها فقد أصبح واضحاً أن الخسائر التي أصيبوا بها أي (المحافظين) سوف تتردد أصداؤها في تلك المؤسسات, لكن ذلك يجب ألا يغيب عن بالنا أن ذاك التراجع لن يكون أكثر من تراجع مؤقت أو خسارة مؤقتة وهم لن يستسلموا بسهولة. إن المحافظين واللوبي الصهيوني في خندق واحد وهم من دون شك سيضاعفون من جهودهم وتحركاتهم كي يحافظوا على نفوذهم وتجاوز خسارتهم تلك وبالتالي في مواصلة تقديم دعمهم القوي (لإسرائيل) عبر رموز وشعارات وأدوات جديدة ما زالت قائمة وموجودة في الساحتين الأميركية والإسرائيلية, إذ إن مشاريعهم في إعادة الفوضى لهذا العالم وادخال شعوبه في دوامة عنف جديدة لم تستكمل بعد ولأن أدوات الشر والعدوان ما زالت موجودة وهي ستدافع بعنف عنها, ولن يكون يوماً لهذا الفريق المحافظ المتصهين هدف يدافع عنه سوى أمن (إسرائيل) الذي يعلو على الأمن الأميركي والمصلحة الوطنية الأميركية كما نشاهده اليوم إنها معركة طويلة وشرسة وبقدر ما نكون كأمة عربية على مستوى التحدي والمواجهة بقدر ما نكون الأوفر حظاً لكسب هذه المعركة التي تعيد لنا الحرية والكرامة والحقوق. |
|