تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بربرية بلا حدود

دراسات
الأربعاء 5/3/2008
د. حيدر حيدر

نتائج آنا بوليس.. بدأت بالظهور, فالمجازر الوحشية في غزة وجباليا تبرهن لكل ذي بصر وبصيرة أن القطعان الصهيونية

بزعامة أولمرت تهرب من أزماتها الداخلية وتفتعل المجازر المروعة ضد الفلسطينيين العزل لتؤكد رفضها المطلق لأي حل للقضية الفلسطينية حتى ولو كان دولة فلسطينية على الورق.. فالنازيون الجدد في تل أبيب مستندون إلى دعم لا محدود من البيت الأبيض والمحافظون الجدد المسيطرون على القرار الأمريكي, قرروا مواصلة جرائمهم ضد شعب أعزل, أما مجلس الأمن فقد فشل مرة أخرى في اتخاذ أي قرار يدين العدوان الاسرائيلي الهمجي.‏

ومن نافل القول أن المجتمع الدولي بصمته المريع, يشجع المعتدين على عدوانهم, ومن نافل القول إن ما تقوم به (اسرائيل) هو جرائم حرب موصوفة يعاقب عليها القانون الدولي.‏

ولكن غزة تحترق والعالم أبكم, يتفرج على المآسي التي يعانيها مدنيون عزل, وهم لا يجدون ما يحتمون به أمام آلة القتل الجهنمية, سوى الابتهال إلى الله تعالى لينقذهم من وحش كاسر مسلح بأكثر أنواع الأسلحة الفتاكة فتكاً والتي ترسلها الإدارة الأمريكية بسخاء إلى المجرمين الصهاينة.‏

رائحة الأجساد المشوية والمقطعة والمهشمة بدءاً من الطفل محمد الدرة إلى إيمان حجو وإلى آخر رضيع فلسطيني يدفن حياً تحت الركام جراء القصف الاسرائىلي الوحشي, نقول إن رائحة الشواء البشري هذه لم تحرك الضمير العالمي المستكين لبرابرة العصر الصهاينة.‏

فمجلس الأمن عجز حتى على استنكار جرائم المحتلين الاسرائيليين ولم يتمكن من إصدار بيان رئاسي لوقف هذا العدوان السافر, أما إدانة العدوان فصارت شيئاً يفوق الخيال, لأن الطغم المالية والعسكرية في الولايات المتحدة واللوبي الإجرامي الصهيوني قرروا شطب شعب كامل من الوجود وإذا اعتقد أي طرف أن استكانته أمام الوحش الصهيوني المدعوم أمريكياً سينجيه من المصير البائس الذي يعد له فهو واهم فبغداد لم تكف المستعصم فلقد دمرت آنذاك وقتل الخليفة.‏

إن النيوليبراليين معقلهم بالولايات المتحدة ومعهم الصهاينة المتوحشون لن يكتفوا بقتل الفلسطينيين ولن يكفيهم اجتياح العراق وتدميره وقتل الملايين من العراقيين المدنيين العزل بالأسلحة الفتاكة بل لا حدود لتعطشهم لإبادة العرب والمسلمين جميعاً.‏

إنها حرب الإبادة الشاملة ضد أبناء حضارة بشرية قدمت للعالم الكثير الكثير من العلم والمعرفة والانجازات فما العمل!‏

الطريق واضحة كالشمس في رابعة النهار, لقد هاجمت (اسرائىل) بعدوانها في تموز 2006 الشعب اللبناني وقتلت ودمرت وهجرت المدنيين العزل لكنها جوبهت بمقاومة باسلة مصممة على لجم العدوان وتلقين العدو دروساً في التضحية, وردت عليهم وقتلت منهم الكثير وأجبرت مستوطنيهم على الاحتماء بالملاجىء وكانت النتائج باهرة, انسحب المعتدون يجرون أذيال الهزيمة نعم إنه الدرس البليغ الذي ينبغي أن نتعلمه جيداً.‏

فالعدو الاسرائيلي الشرس لا يفهم سوى لغة واحدة, هي لغة المقاومة, بالصوت ا لعالي وبالحجر والعصا والبندقية والأسلحة الأخرى المتوفرة, أما الاستكانة فستجلب المزيد من الدمار والقتل للعرب, وأقول لجميع العرب,فالعدو لن يوفر أحداً لو استطاع ذلك.‏

إن من أولى بدهيات المواجهة , يقتضي تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية والاحتكام لهذا الشعب الذي يرفض الاستسلام ويتشبث بأرضه ويستميت في الدفاع عنها في ملحمة أسطورية يكتبها بدمه منذ عقود وعقود.‏

وأما العرب فالعودة إلى التنسيق والتضامن وتوحيد المواقف هي الأولويات لكي ينقذوا أنفسهم من مصير أسود ينتظرهم, إذا بقوا متفرقين مشرذمين.‏

فكيف نطلب من العالم أن يتضامن معنا, إذ كنا لم نستطع حتى الآن من الاتفاق على أبسط الأمور?!‏

ننشغل بمسائل جانبية وننسى الوحش الذي لا يشبع من الولوغ في دمائنا ولا يشبع من شهوة القتل, وهو يتمنى أن يستيقظ فلا يجد على الأرض طفلاً فلسطينياً أو عربياً واحداً على امتداد الأرض العربية.‏

وهذا ليس كلاماً مجازياً, فالعديد من الصهاينة أعلنوا صراحة ومنهم غولدا مائير التي قالت إنها ترتعب صباحاً عندما تعلم أن هناك طفلاً فلسطينياً قد ولد على هذه الأرض.‏

الوقائع المرة أمامنا تفقأ الأعين وهذه المجازر المقززة ضد الفلسطينيين العزل أطفالاً ونساء ورجالاً لا تبقي مجالاً لأي كلام آخر, سوى الكلام الجدي المقرون بالعمل العربي المشترك لدرء العدوان,وعندها نطلب من العالم الصامت حالياً أن يتضامن معنا وهو سيلبي النداء.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية