|
شؤون سياسية ويأتي مشروع القرار الأميركي -الفرنسي الجديد إلى مجلس الأمن الدولي ليؤكد هذه البديهية ويفضح التماهي الأميركي -الإسرائيلي في سياسات الحرب والعدوان. فما أهم النقاط التي يتضمنها مشروع القرار المذكور, وكيف يتجاهل الحديث عن الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية?! يبدأ مشروع القرار الجديد نصه بالقول (إن مجلس الأمن الدولي يعرب عن قلقه العميق من مواصلة التصعيد في الأعمال العدائية في لبنان وإسرائيل منذ هجوم حزب الله في 12 تموز 2006 والذي تسبب في سقوط مئات القتلى والجرحى في الجانبين وألحق أضراراً كبيرة بالبنى التحتية المدنية وأدى إلى نزوح مئات آلاف الأشخاص). وهنا تكمن المفارقة الصارخة حيث يحاول مشروع القرار الأميركي -الفرنسي تحميل المقاومة الوطنية اللبنانية مسؤولية العدوان الإسرائيلي لا بل وتحميلها مسؤولية حتى مقتل المواطنين اللبنانيين بالإشارة إلى أن هجوم المقاومة في 12 تموز لأسر الجنديين الإسرائيليين تسبب في سقوط مئات القتلى والجرحى من الجانبين. وهنا نتساءل أين مسؤولية الكيان الإسرائيلي في ارتكاب المجازر الفظيعة في قانا والقاع ومروحين?! وأين مسؤولية هذا الكيان في نص القرار في تدمير بنية دولة تحتية بكاملها?! أيضاً فإن ادعاء مشروع القرار بأن (الأعمال العسكرية) التي تقوم بها إسرائىل جاءت كرد فعل على عملية أسر الجنديين هو ادعاء يتعارض مع ميثاق مجلس الأمن الدولي نفسه,رغم أنه ادعاء غير صحيح على اعتبار أن إسرائيل كانت تبيت للعدوان وتعد له قبل العملية المذكورة,فالقول إنه يتعارض مع الميثاق ينبع أساساً من تعريف العدوان في ميثاق المجلس بأنه:(اللجوء المباشر إلى الاستخدام الفعلي للقوة العسكرية فوق أراضي دولة أخرى) وهو ما ينطبق تماماً على العدوان الإسرائىلي على لبنان حيث تجاهل مشروع القرار الأميركي-الفرنسي هذا الأمر. وعلى الرغم من إمكانية إدخال التعديلات على نص القرار المذكور تحت ضغط المجتمع الدولي وبسبب رفض الحكومة اللبنانية له إلا أن حيثياته وبنوده المختلفة التي تتجاهل الحقوق اللبنانية والاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية تؤكد من جديد أن الإدارة الأميركية لا تريد من إصدار هذا القرار تحقيق الأمن في المنطقة كما تزعم, بل ترسيخ حالة سياسية وعسكرية تسمح لها بجعل لبنان قاعدة انطلاق لمشروعها الشرق أوسطي الجديد. فمشروع القرار يقول بالحرف الواحد:(إذ يشدد على الحاجة إلى إنهاء العنف,وفي الوقت نفسه على الحاجة إلى معالجة عاجلة للأسباب التي أدت إلى نشوء الأزمة الحالية,بما في ذلك الإفراج غير المشروط عن الجنديين الإسرائيليين المخطوفين) وهنا نتساءل أليس الأجدر بهذا القرار أن يتحدث عن الأسرى اللبنانيين ويدعو إسرائيل إلى الدخول في مفاوضات لمبادلتهم مع الأسرى الإسرائيليين بدلاً من التماهي مع الموقف الإسرائيلي الذي يريد إطلاق سراح الجنديين دون أية شروط?!. أم أن مجلس الأمن مهمته تنحصر في إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين ولا يهمه أسرى الطرف الآخر?!. ومن زاوية أخرى يشدد مشروع القرار المذكور على تطبيق القرار 1559 والقرار 1680 الصادرين عن مجلس الأمن وترسيم الحدود (الدولية) كما جاء حرفياً متجاهلاً أن القرار 1559 أثار منذ صدوره وحتى الآن الكثير من الاستغراب والأسئلة والاستفسارات حول أهدافه وتوقيته ومعارضة اللبنانيين له خصوصاً فيما يتعلق بسلاح المقاومة وتجريدها من قواها لأن ذلك لا يصب إلا في خدمة المشروع الإسرائيلي ويغذي الفتنة الداخلية في لبنان ويرمي إلى تفسيخ المجتمع اللبناني إلى قوى متنافرة ومتناحرة. أيضاً فإن مشروع القرار الذي يدعو إلى نشر القوات الدولية في لبنان دون أن يترافق ذلك مع نشر هذه القوات في شمال فلسطين المحتلة يثير أكثر من علامة استفهام حول دور هذه القوات وصلاحياتها وأهداف الولايات المتحدة التي تريد تحقيقها باسم هذه القوات الدولية مثلما يثير القرار المذكور علامات الاستفهام حول تجاهله لمشكلة مليون نازح تركوا بيوتهم وممتلكاتهم بسبب العدوان وتجاهله لاحتلال إسرائىل لأراض لبنانية جديدة دون أن يدعوها إلى الانسحاب الفوري وغير المشروط منها ولهذه الأسباب فإن مشروع القرار يعد خطوة أميركية-إسرائيلية جديدة للهيمنة على لبنان وتجاهل الشرعية الدولية. |
|