|
متابعات سياسية لكن الصورة التي تبلورت أخيراً أن الشغل الشاغل لآل سعود تتمثل في بذل كل الجهود , ومحاولة إقامة الدفاعات والسدود , ليس فقط بهدف حماية الكيان الصهيوني , ولكن أيضاً لمساعدة هذا الكيان على تحقيق أهدافه العدوانية التوسعية . وفي هذا السياق قال عوزي أراد المسؤول السابق في الموساد الصهيوني إن هناك تعاوناً أمنياً بين إسرائيل ومملكة آل سعود من ضمن تعاون في مجالات أخرى , معتبراً أن النظام السعودي يشكل لاعباً هاماً حداً في ساحة الطاقة العالمية إضافة الى أنه يمثل « سدّاً مواجهاً لإيران» . لنلاحظ أولاً أنه حين يتحدث مسؤول إسرائيلي عن « تعاون أمني « فإن الذهن يجب ألا ينصرف فقط الى فكرة تبادل المعلومات الأمنية , رغم أن تبادل مثل هذه المعلومات مع العدو ليس بالأمر الذي يمكن الاستهانة به , إذ أن التعاون الأمني بالنسبة للصهاينة هو التعاون العسكري . ثم إن أراد تكلم عن تعاون في مجالات أخرى , ممّا يعني تنوّع أشكال التعاون . لنلاحظ ثانياً أن ما يهم إسرائيل من كون النظام السعودي لاعباً هاماً في ساحة الطاقة العالمية , ليس حجم الاحتياطي السعودي من النفط , أو فتح الباب أمام إسرائيل لاستيراد هذا النفط , وإنما يتمثل في أمور منها : قدرة السعودية على التلاعب بأسعار النفط صعوداً وهبوطاً وتسخير هذه القدرة لأغراض سياسية تخدم إسرائيل , واستثمار جزء من واردات النفط في تمويل الإرهاب والأنشطة التآمرية , وإيداع فائض البترودولار السعودي في بنوك يهودية ممّا يتيح لهذه البنوك فرصة استغلالها في تمويل الاستثمارات الاقتصادية اليهودية عبر العالم بما في ذلك الاقتصاد الاسرائيلي . في ضوء ما سبق يصير بوسعنا فهم ما يعنيه أراد من قوله إن النظام السعودي يشكل « سدّاً مواجهاً لإيران « . فما يعنيه أن النظام السعودي يمثل منصّة صدٍّ مهمتها حماية إسرائيل بالعمل على إبعاد إيران عن ساحة الصراع العربي الصهيوني أو مشاغلتها , أو لنقل إن النظام السعودي يقوم بدور خط الدفاع الأمامي لصالح إسرائيل في مواجهة إيران . هنا وأمام إقرار الصهيوني عوزي أراد بهذا الدور يصير بوسعنا أن نفهم الصيغ التي تجلى فيها هذا الدور السعودي , ومنها : دور النظام السعودي في توريط صدام حسين في الحرب على إيران بعد نجاح الثورة الإسلامية تحت ذريعة الدفاع عن البوابة الشرقية للوطن العربي واستغلال إسرائيل لهذه الحرب منذ لحظاتها الأولى لتدمير المفاعل النووي العراقي . فبالنسبة للنظام السعودي المحرّض على هذه الحرب كان يرى فيها حرباً لضرب إيران والعراق معاً لصالح الحسابات الاستراتيجية الصهيونية . دور النظام السعودي وشركائه بعد حرب عاصفة الصحراء في احتضان القواعد العسكرية الأمريكية والأوروبية , حتى تجاوز عدد هذه القواعد 64 قاعدة كلها تشكل جزءاً من السدّ الذي يبنى ضدّ إيران . دور النظام السعودي وشركائه في مساندة الغزو الأميركي لأفغانستان والعراق , وهو الغزو الذي استهدف ضمن ما استهدف محاصرة إيران من الشرق والغرب , وتفكيك الجيش العراقي , وحرمان سورية من عمقها الاستراتيجي المتمثل بالعراق . موقف “ المعتدلين “ العرب وعلى رأسهم النظام السعودي المساند للعدوان الصهيوني على المقاومة اللبنانية عام 2006 كجزء من مهمة محاربة المقاومة ومحورها لصالح إسرائيل . دور النظام السعودي في إثارة الفوضى في المنطقة , وفي تصنيع المنظمات الإرهابية التكفيرية المارقة وتسليطها على سورية والعراق ولبنان وأقطار أخرى مما يصبّ في خدمة المخططات العدوانية التوسعية الصهيونية . موقف النظام السعودي المتشنج من حق إيران في امتلاك تكنولوجيا تخصيب الطاقة النووية مقابل سكوت هذا النظام عن امتلاك إسرائيل لأسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة النووية . والى جانب هذه السلوكيات المعروفة التي تصب في خانة الدفاع عن إسرائيل ومحاولة التمكين لها , هناك شكلان خطيران من أشكال التعاون العسكري بين النظام السعودي والكيان الصهيوني : يتمثل أولهما في التعاون والتكامل بين سلاحي الجو السعودي والاسرائيلي ووضع قاعدة تبوك في خدمة الطيران الصهيوني . وثانيهما وضع قواعد الصواريخ أرض – أرض السعودية في حالة الجاهزية وقد وجهت نحو أهداف إيرانية بدل توجيهها نحو أهداف صهيونية . وهو الأمر الذي كشفت عنه النقاب مصادر صحفية غربية عاينت المشهد منذ أكثر من عامين . تحدثنا حتى الآن عن أشياء سبق رصدها , وعن منظومة تعاون عسكري خليجي إسرائيلي أميركي متوضع في المنطقة , وكلها تندرج تحت عنوان “ التعاون الأمني “ الذي اعترف به عوزي أراد . لكن الجديد الذي يأخذ طريقه الآن الى التنفيذ يتمثل في تشكيل جيش لدول مجلس التعاون الخليجي تنحصر مهمته في مواجهة إيران , وتسهم فيه السعودية بمائة ألف جندي . وهذا الجديد يجيء أيضاً في وقت أعلن فيه جون كيري عن إمكانية تشكيل حلف بين إسرائيل وبعض الدول العربية لمواجهة كل من داعش وحماس !! . إن قليلاً من التفكير بالنمط المحتمل لهذا الجيش الذي يراد به أن يكون سدّاً مواجهاً لإيران , يفترض اعتماده على قواعد صاروخية متفرقة تستغل المساحات الجغرافية الواسعة للجزيرة العربية . فبعد أن استثمرت مملكة الرمال البادية العربية في تصنيع ذئاب الإرهاب , وبعد أن أوجدت الحل لمشكلة إسرائيل الديموغرافية من خلال خداع وتضليل عشرات الآلاف من العرب والمسلمين لاستقطابهم في التشكيلات الإرهابية ليحاربوا عملياً لصالح إسرائيل , فإنها تريد الآن أن تحل مشكلة إسرائيل مع الجغرافيا بعد أن نجح محور المقاومة في جعل كل طرف من أطرافه يملك القدرة على استهداف كامل الجغرافيا الفلسطينية المحتلة بما يمتلك من المنظومات الصاروخية . إن مشكلة إسرائيل الكبرى الآن هي مشكلة الجغرافيا , حيث أن مساحة فلسطين الطبيعية هي 27 ألف كم2 , ولم يعد لجوؤها الى صحراء النقب يفيدها في حماية منشآتها العسكرية الهامة , كما أن المناطق الوسطى والشمالية تتصف بالكثافة السكانية وكثافة المنشآتالصناعية , وكلها باتت عرضة للقصف في حالة الحرب . ويبدو أنه بفضل الأخوة القائمة بين آل سعود واليهود الصهاينة , فإن آل سعود أعملوا مكرهم , وسخروا ما يمتلكون من دهاء , ليقرروا تشكيل سد دفاعي في مواجهة إيران يعتمد على منظومات صاروخية متحركة تستغل مساحة من الأرض تتجاوز 2 مليون كم2 وتنتشر على الرمال وفي الوديان والجبال على مسافات متباعدة . ولعل هذا بالضبط هو سدُّ مواجهة إيران الذي تحدث عنه عوزي أراد . إن هذا السدّ السعودي المشكل من وحدات صاروخية متحركة وسط الرمال والوديان والجبال في مساحات مترامية وفي إطار الحلف الذي أعلن عنه كيري والذي يضم إسرائيل من شأنه أن يعطي إسرائيل إمكانية أكبر للمناورة في الحرب بإجبار إيران على مواجهة مصادر إطلاق النار عليها في مساحات جغرافية واسعة بدلاً من حصر الرد ضمن مساحة الكيان الصهيوني الحالية في حالة تعرضها لإطلاق النار من داخل الجزيرة العربية . والفارق بين المساحتين كما هو واضح يبلغ مائة ضعف تقريباً . وهكذا سيكون جنود آل سعود وغيرهم من المساهمين في مشروع سدّ الصدّ الخليجي المخصص للدفاع عن إسرائيل في مواجهة إيران مساهمة إضافية في حل مشكلتي إسرائيل الديموغرافية والجغرافية الى جانب المساهمة المتمثلة بتجنيد العصابات الإرهابية والمرتزقة التي جرى تسليطها حتى الآن على سورية والعراق ولبنان . وهكذا فإن آل سعود يريدون تسخير الأرض والإنسان في جزيرة العرب ومن تنجح في خداعهم من العرب والمسلمين لتشكل سدّاً للصدّ أو أدوات للعدوان في خدمة اليهود الصهاينة وأهدافهم التوسعية . |
|