تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بين السيادة والمصلحة

معاً على الطريق
الأحد 21-12-2014
مصطفى المقداد

لعل من أكثر القضايا التي تثير السخرية طبيعة الحوار وإعطاء صفات كاذبة لحالة ما، فضلاً عن الإساءة إلى المصطلحات والمسلمات وصولاً إلى إلغاء مفاهيمها الأصلية، ولعل المطالبة بالحرية

ورفعها شعاراً كان أولى تلك الأكاذيب التي حاول الغرب الاستعماري تسويقها عبر محطات التلفزة والقنوات التي أوجدها مسبقاً لتكون قادرة على الإيغال في سفك دم السوريين.‏

ولم يقتصر الأمر على الشعارات الكاذبة المرفوعة لكن الأمر دخل في القوانين الدولية والمفاهيم السياسية وحرفها عن مسارها ومعناها الحقيقيين وذلك تطبيقاً لبنود وتفاصيل المؤامرة من جانب واستخفافاً بعقل وفهم المشاهدين عموماً من مواطنين سوريين أو عرب من جانب آخر، وهكذا بدأ يتم تداول تلك المصلحات بكثير من الوقاحة في الكثير من المنابر والهيئات الإقليمية والدولية وكان مما يساعد على ذلك الاعتداء اعتماد بعض المسؤولين الأمميين تقارير كاذبة حول الوضع في سورية تنطلق من خلفيات سياسية مرتبطة بالمؤامرة وصانعيها.‏

لقد كانت مسألة أطراف الحوار إحدى أهم العقبات التي تصطدم بمشروع الحوار ذاته فثمة طرف أكيد هو الحكومة بكل ما تمثله من شرعية دستورية وشعبية ولكن ليس هناك طرف ثان في المواجهة بمواصفات ثابتة يمكن أن يوصف بالمعارضة وهذا ما يشكل العقبة الأولى أمام أي مسعى للبحث عن حل سياسي يكون التفاوض أسلوباً في التوصل إلى وضع صيغة توافقية بين أبناء سورية كلهم لاختيار شكل وطبيعة نظامهم السياسي، فالشخصيات المصنعة في أقبية أجهزة الاستخبارات الغربية تقدم مفاهيم تتعارض مع أبسط المصطلحات والمفاهيم السياسية والاجتماعية وهي لاتتوانى عن ادعاء تمثيل من تقدمهم قرابين رخيصة لسياسات الأجهزة التي تعمل لمصلحتها وترفع تلك الشخصيات أصواتها مرددة مطالب الغرب الاستعماري والعدو الصهيوني دون أدنى حدّ من الخجل أو استذكار دماء الشهداء الذين قضوا في سبيل القضية الفلسطينية على مدى الصراع العربي الصهيوني وتبلغ بهم درجة الاستخفاف بأرواح الناس وعقولهم ادعاء امتلاك المستقبل المشرق في الوقت الذي لايهمهم فيه المجازر التي يرتكبونها هم أو التنظيمات الإرهابية المسلحة التي نشأت وتطورت نتيجة المواقف السياسية لتلك الشخصيات الإعلامية من خلال إعطائها المشروعية لحملة السلاح ودعمهم في ممارسة أعمال القتل والتخريب وغيرها من أشكال الدمار البنيوي الشامل.‏

إن الشعوب العظيمة تتمسك بوجودها وجوهر عقيدتها وانتمائها وسط أي مشكلات أو عقبات أو تحديات تتعرض لها، ومهما تكالبت قوى البغي عليها فإنها تبقى متمسكة بوجودها وسيادتها وكرامتها وقرارها الذاتي في اختيار نظام حكمها وخياراتها في تحديد شكل الحكم والحكام وهي لاترتضي لنفسها الرضوخ لرغبات وإملاءات الخارج في تلك الأمور السيادية، وهي تميز جيداً فيما بينها وبين المصالح السياسية والاقتصادية التي يمكن التباحث والتفاوض بشأنها ويمكن وضع خيارات متعددة حيالها، أما القضايا السيادية فهي خطوط حمراء دونها الذود عنها بالغالي والنفيس، ولا يمكن أن تكون موضع حوار أو نقاش أو تفاوض في أي مرحلة من المراحل فالشعب السوري الذي صمد لقرابة أربع سنوات . وهو على استعداد لمزيد من ذلك الصمود فإنه لايرتضي أن تناقش خياراته الوطنية ذلك أنه وحده صاحب الإرادة الحقيقية في تقرير مصيره واتخاذ خياراته بنفسه.‏

تلك هي الحقيقة الأكثر سطوعاً، ولكن ثمة غرب استعماري لايريد أن يفهمها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية