تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مأساة النازحين السوريين... من المسؤول عنها؟

أخبار
الأحد 21-12-2014
سليم عبود

يرزح النازحون السوريون تحت وطأة مأساة حقيقية نازفة بالوجع «المادي والمعنوي والنفسي والصحي والسياسي والأخلاقي..»

مأساة أكبر من التصور، وأكبر من حدود الاحتمال لشعب لم يتعود على هذا النوع من القهر طوال تاريخه والسؤال المهم: من قاد هؤلاء النازحين إلى جهنم النزوح..‏

ومن المسؤول عن مأساتهم قبل النزوح، وخلاله, أهو الإعلام المعادي، أم المرتبطون بالجهات المعادية الذين غرروا بهم.. أو الدول التي تدعم الإرهاب في سورية، وتموله، وأخذت من النازحين ورقة من أوراق الحرب على سورية والشعب السوري، أم الدولة السورية بحكم مسؤوليتها عن مواطنيها..؟ أم...أم..أم ؟‏

تاريخياً لم يعرف السوريون حياة النزوح، حتى في زمن سطوة الظلم العثماني، قد ظل السوريون متمسكين بالبقاء في الأرض، وبحياتهم التي تتسم بالعزة وبالكرامة وإباء النفس فالغربة في ثقافة السوري فقدان للكرامة...‏

الأمثال الشعبية «الغربة ضيعت الأصالة» لكن الحرب العدوانية على سورية بكل قسوتها، وصنوفها، وأهوالها، أنتجت ظاهرة النزوح نتيجة لمجموعة من العوامل، والجهات منها:‏

أولاً: وحشية القوى الدموية، فقد ارتكبت بحق الناس في المناطق التي دخلوها أسوأ أنواع الإجرام كالقتل والذبح والتهديد، والتخويف، واستباحة الأعراض والممتلكات، ما أشاع الفزع والرعب في نفوس الناس.‏

ثانياً: قذارة الإعلام الموجه إلى السوريين من مئات وسائل الإعلام المعادية، التي راحت تصور أن سورية مقبلة على اقتتال طائفي ومذهبي وعرقي وأن الخروج منها يحميهم من خطر ذلك.. ولجأت إلى تصوير أن كل مايجري من دم هو من فعل النظام، مع بث مشاهد دموية مركبة، أو منقولة من أماكن قتال في بلدان أخرى وأشاعت هذه الوسائل أن المناطق التي تضم سوريين من أطياف عديدة، تمارس فيها عمليات القتل والذبح على الهوية لتفجير الفتنة الطائفية.‏

ثالثاً: تحريض الجماعات التكفيرية «من وهابية وإخوان» على النزوح بالتخويف، والإغراء، لتقديم مشهد مأساوي للسوريين يدفع بالقوى الخارجية التي ترتبط بها تلك الجماعات للتدخل في سورية عسكرياً تحت عنوان «حماية الشعب السوري».‏

رابعاً: فتح دول الجوار لبنان، والأردن، وبخاصة تركيا حدودها للنزوح السوري، وتقديم إغراءات كبيرة للنازحين، وتصوير عمليات النزوح في الإعلام وعرض ما يجري في المحافل السياسية المعادية.. فحكومة أردوغان أقامت مخيمات للنازحين السوريين قبل اشتعال الأزمة بشهرين، وأشاعت من خلال مرتبطين بها ماحدث، لاحقاً.. وفتحت حدودها، ووعدت النازحين إليها بالمال، وببناء ما ستدمره الحرب التي ستكون بحسب رأي الحكومة التركية قصيرة، ومن الثابت قيام عناصر مرتبطة بالمخابرات التركية ومن الإخوان في سورية بسوق الناس قسراً إلى النزوح، لتصوير ذلك في الإعلام.‏

يقدر اليوم عدد النازحين السوريين بأكثر من أربعة ملايين سوري، يعيشون حياة مزرية، فيها انتهاك موجع لكرامتهم، وإنسانيتهم، وأعراضهم، والمأساة تكبر وتكبر مع مرور الوقت، فالجهات التي لعبت بهم وشجعتهم على النزوح تخلت عنهم، فهم لم يكونوا بالنسبة لها إلا ورقة، لعبوها، وثمة جهات كثيرة تحت اسم الدين أو تسميات أخرى، جمعت المال عليهم، وعندما كشف أمرها غابت عن المشهد، وهناك من حوّل عملية انتهاك أعراض السوريات إلى تجارة، وبالتحديد أكثر إلى دعارة مبطنة تحت عناوين خبيثة انتهت بإلقاء من تم تصيدهن إما في سوق الدعارة، وبعضهن أنجبن، فكبرت المأساة، وتضخمت.. وتدفق الخليجيون إلى معسكرات النزوح للتمتع بالسوريات تحت عنوان «الحسنة بالزواج من السوريات» وفي صحف خليجية وعربية نشرت عناوين عريضة تحت عنوان «اللحم السوري الأبيض».‏

إن كثيراً من النازحين السوريين «الشباب» دفعوا للانتظام في صفوف الإرهابيين نتيجة سوء أحوالهم المادية، وهذا أمر خطط له للوصول بهم إلى تجنيدهم مع المنظمات الإرهابية.‏

المشهد اليوم.. أن القوى الداعمة للإرهاب في سورية تخلت عنهم، ولم تتخل عن الإرهاب، والدولة اللبنانية التي رفعت فلسفة «النأي بالنفس، تجهد نفسها لحصرهم في مناطق إن لم يقتلهم فيها الجوع قتلهم فيها البرد والمرض.. والأردن الذي تسوّل عليهم من كل دول العالم يدير شبكات لتجنيدهم وشبكات للتجارة بأعراضهم، والسلطات التركية وضعتهم في معسكرات أشبه بمعسكرات غوانتنامو وقامت بتنظيم القادرين منهم في داعش ومنظمات أخرى إرهابية..وأن كل بلدان الخليج التي دعمت ورعت ومولت ومارست عهرها على سورية بدعم الإرهاب، وسياسياً في الجامعة العربية وفي المحافل الدولية.. لم تستقبل نازحاً سوريةاًواحداً.. رغم ادعائهم أنهم أصدقاء للشعب السوري.‏

إن سورية التي آلمها وضع السوريين النازحين..تدعوهم للعودة إلى بلدهم، فحضن الوطن وحده الدافئ بالحب والكرامة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية