تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بريكس.. تستعيــــد التــــوازن للقمــــة والعالـــــم مــعـــــاً

قاعدة الحدث
الخميس 14-6-2012
إعداد : سليمان قبلان

تضم مجموعة دول بريكس كلاً من روسيا والصين والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا، أي أنها تتشكل من دول قوية اقتصادياً وسياسياً في زوايا العالم الأربع من آسيا إلى إفريقيا وأميركا اللاتينية فضلاً عن روسيا التي تجمع بين القارتين الأوروبية والآسيوية, كيف أعادت هذه الدول التوازن الاقتصادي والسياسي للعالم؟, وهل سيكون لهذه الدول دور أساسي فعالاً في قمة العشرين القادمة؟

في هذه الدول, بلغت نسبة تشغيل السكان القادرين على العمل نحو 70٪ أما ناتجها المحلي الإجمالي فتجاوز 18٪ من الناتج العالمي في حين ارتفعت نسبة أراضيها الصالحة للزراعة الى 32٪ من النسبة العامة على المستوى العالمي, وتنتج دول بريكس نحو 40٪ من القمح العالمي، ويشكل حجم التجارة 15٪ من التجارة العالمية، ويبلغ احتياطي الذهب والعملات لديها نحو 1،3 تريليون دولار، وتتطور سوق الاستهلاك لديها بوتائر عالية وتزداد كل سنة بمقدار نصف تريليون دولار وقد استهلك سكان أميركا عام 2009 حوالي 10 تريليونات دولار فيما استهلكت دول بريكس حوالي 4 تريليونات دولار من السلع والخدمات.‏‏

إن هذه المجموعة تملك قاعدة سكانية وإنتاجية هائلة ترتبط بمعدلات نمو حافظت على مستواها بالرغم من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وهي تدشن لمرحلة جديدة لم تكن ممكنة قبل عشرة أعوام أو خمسة عشر عاماً، وهي استفادت من تجربة الأزمة المالية التي هزت العالم وباتت أكثر قدرة ودراية في إدارة أمورها الاقتصادية وهي تحسب خطواتها بدقة على الساحة الدولية، و تنسق مواقفها في جميع الساحات بما فيها الأمم المتحدة، حيث إن ضمان الأمن العالمي الشامل يشكل مسألة أساسية مطروحة بقوة على جدول أعمالها، ويتضح ، كما أعلن مساعد الرئيس الروسي أركادي دفوركوفيتش مسبقاً، أن قادة مجموعة دول بريكس سينسقون مواقفهم إزاء الشرق الأوسط برمته بشأن تنسيق المواقف بين دول المجموعة التي أصبحت قوة سياسية ملحوظة في الساحة الدولية واتخاذ مواقف مشتركة في تلك المواضيع المهمة وإحباط اتخاذ أي قرارات في المنظمات الدولية في غير صالح دول المجموعة وبقية الدول النامية أو الفقيرة.‏‏

وتلعب دول المجموعة دوراً سياسياً واقتصادياً كبيراً على المستوى العالمي قياساً إلى ما تعانيه أميركا وأوروبا من أزمات مالية خانقة، فضلاً عن الحروب التي تورطت فيها كأفغانستان والعراق وليبيا، كما تتمتع دول بريكس بقوة عسكرية فائقة تتركز بشكل رئيسي في روسيا ثم الصين فضلاً عن امتلاك دول في المجموعة للسلاح النووي الرادع، وقد ظهر دور المجموعة بشكل كبير في أزمة الديون التي ضربت القارة الأوروبية . وتسعى هذه الدول للقيام بدور أكبر ومتصاعد على صعيد الأمن العالمي والسياسات الدولية وخاصة من خلال منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية ولا سيما في مجالات حقوق الإنسان والحريات والتنمية والتقدم الحضاري وكبح الرغبة الغربية بالسيطرة على العالم ونهب خيرات الشعوب باسم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.‏‏

وتعتبر روسيا من أكبر الدول المصدرة للطاقة في العالم، أما الصين فتمتلك الاقتصاد القوي والموارد البشرية الهائلة وتشتهر جنوب إفريقيا بقطاع التعدين المتطور وتنتج حوالي ثلث الناتج الاجمالي للقارة الإفريقية والأمر ذاته بالنسبة للهندالتي تمتلك موارد بشرية كبيرة وثروات لا تقل في أهميتها عن البلدان الأربعة الأخرى.‏‏

محللون أكدوا أنه من المتوقع أن تظل بريكس المصدر الأكثر أهمية للنمو العالمي. فهذه المجموعة تمثل أكثر من ربع مساحة العالم، وأكثر من 43% من السكان، وتقترب من 25% من الدخل القومي العالمي، بالإضافة إلى قرابة نصف الاحتياطي العالمي من العملات الأجنبية والذهب. وفي تحول مذهل للثروة، فإن الدول النامية، بما لديها من احتياطي للعملات الأجنبية، هي التي تمول حاليا العجز المتصاعد للاقتصاديات الغنية، وعليه فإن بريكس، بثقل أعضائها، تستطيع أن تمارس نفوذا ماليا عالميا ملحوظا إذا تعاونت بشكل جماعي.‏

وفي المجال الاقتصادي ونظراً لما تمثله دول بريكس من ثقل عالمي في هذا الاطار حيث تشكل الصين قاطرة الاقتصاد العالمي ومثلها روسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، فإن هذه البلدان سجلت موقفاً قوياً داخل صندوق النقد الدولي حين حضرت لانقلاب بنكي، فللمرة الأولى في المسيرة البنكية العالمية اقترحت هذه البلدان مرشحاً آخر لرئاسة البنك الدولي وحاولت أن تصل إلى توزيع جديد للحصص في صندوق النقد الدولي كما أنها تبنت مبادرة الهند لإنشاء بنك (جنوب - جنوب)، كما اقترح ممثلو بريكس بعد لقائهم بالمكسيك إصلاح النظام النقدي العالمي.‏‏

وقد وضعت دول بريكس في أجندتها الجديدة أن تكون فاعلة في النظام الاقتصادي العالمي بما يتناسب مع مكانتها الاقتصادية والسياسية الجديدة في العالم، وخصوصاً فيما يتعلق بالضغط على النهج النقدي الذي فرضه الغرب على البنك الدولي ومحاولة تغييره لأن مجموعة بريكس على استعداد لدعم مقدرات البنك الدولي ولكن على أن يعاد النظر في توزيع الحصص داخله مع أن الولايات المتحدة استمرت في إعاقتها لهذه الخطوات التي تنذر بتحولات على الصعيد النقدي العالمي.‏‏

لهذا فإن بريكس بإمكانياتها هذه ستفرض نفسها بقوة في قمة العشرين المقبلة التي ستنعقد في المكسيك, /كما رأى الخبراء/, وان الثقل الاقتصادي والسياسي لهذه المجموعة أعاد التوازن إلى العالم, إضافة إلى أن هذا الثقل العالمي أصبح جزءاً من حل الأزمات الدولية, أي أنه من المؤكد أن يكون لهذه المجموعة دور مهم ومسوؤل في القمة القادمة على مختلف الأصعدة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية