|
الاندبندنت لتمجيد ذكرى هؤلاء الموتى من الجنود تكمن في متابعة المسير بهذا الاتجاه أي قتل المزيد من الشعب الأفغاني بتلك العبارة افتتح «روبرت فيسك» مقاله حول الخسائر البشرية في صفوف تلك القوات التي يزداد عددها يومياً،ليتابع المحلل السياسي البريطاني تعليقه على نصيحة «براون» قائلاً: لست أدري أي مسير يعنيه «غوردن» في كلامه هذا هل يشير إلى حماقة الديمقراطية هناك أم يعني تدريب الجيش الأفغاني أو إلحاق الهزيمة بطالبان؟ أم التحاور مع تلك الحركة أم الاكتفاء بمواجهة عناصرها في ساحة القتال كي لا تعود فلولهم إلى شواطىء بريطانيا ثانية فيسخط عندئذ «جورج بوش الابن» علينا مجدداً؟و يستطرد «فيسك» قائلاً: اذكر أن هذا«البوش» وجه إلينا نصيحة مرة تقول إننا نرتكب خيانة عظمى بحق روح الجنود الأمريكيين الذين قضوا في العراق فيما لو رمينا السلاح من أيدينا وتوقفت الحرب هناك. وحدد لنا واجباً يقضي بقتل المزيد من العراقيين وما يحدث للقوات البريطانية الموجودة في أفغانستان حالياً أنها تقتل المزيد من الأفغان رغم أن ذلك سيؤدي بنا إلى تدمير ذاتنا ودفع جنودنا هناك إلى الموت المحتوم وكان «فيسك» قد شبه في عنوان مقاله هذه المعارك الطاحنة الدائرة في أفغانستان اليوم بتلك التي عرفتها جبهة نهر السوم لعام 1916وسجلت آنذاك آلاف القتلى في صفوف قوات التحالف البريطاني الفرنسي ليبقى التساؤل أليس هناك نهاية لهذا الجنون؟ ويتابع «روبرت فيسك» فإذا عمدنا إلى ارسال المزيد من الجنود ليتم نحرهم على غرار أندادهم الذين قتلوا سابقاً في كل من العراق وأفغانستان لأصبحنا ملزمين بالخروج من أفغانستان الآن وفي الواقع أعتقد أن هذا ما يجب علينا فعله إذ لايحق لأي من قواتنا العسكرية أو أي جندي غربي احتلال متر مربع من بقاع العالم الاسلامي وهنا تكمن المعضلة. ويستطرد «فيسك» : إنني أستغرب إذا كان اهتمامنا بهذه الحرب الدائرة في أفغانستان نابعاً ليس فقط من قدر تلك الحملة العسكرية المشؤومة وإنما أيضاً من الجنائز المرافقة لها فإذا ما عدنا بذاكرتنا إلى فترة الحرب العالمية الأولى لأدركنا أننا لم نحي أمجاد الجنود الذين قتلوا آنذاك لأنهم لم يكونوا أصحاب ثروات ضخمة أو من المشاهير ليستحقوا الدفن في قبور ضخمة. فخلال تلك الحرب العالمية كان الجنود الأحياء يسجلون أسماء زملاء لهم قتلوا في معاركها فوق صلبان خشبية قبل أن تنقل جثامينهم إلى مقبرة العظماء الجماعية في «لوتنس» حيث يوارون الثرى، أما خلال الحرب العالمية الثانية فكانت جثامين جنودنا القتلى تدفن في باطن أراضي منطقة النورمندي الفرنسية وفي ألمانيا أو في مستعمراتنا الواقعة في الشرق الأقصى ولم يصل أي نعش يلفه علم الوطن إلى بريطانيا بل كان أهالي الجنود القتلى يتسلمون مجرد رسالة تلغراف تخبرهم عن وفاة لكن ذلك لم يحل دون التساؤل عن طبيعة أو ماهية الحروب التي يقتل خلالها جنودنا دون طائل؟ فخلال الحرب العالمية الثانية والتي استمرت لمدة ستة أعوام فقدنا /650/ جندياً بريطانياً في 6 حزيران عام 1944 وحده بينما فقد الكنديون 335 جندياً فقط على حين فقد الأمريكيون 1465 جندياً في يوم واحد فقط وإذا ما رجعنا إلى الحرب العالمية الأولى نجد أنه مطلع حزيران من عام 1916 فقدنا 19500 جندي ويشكل هذا العدد ضعف عدد الأفغان الذين نقوم بقتلهم كل 24 ساعة. ويختتم «فيسك» مقاله بالقول: لقد دأبنا على مشاهدة الأفلام السينمائية التي تصور نجاتنا و انتصارنا باستمرار في الحروب المفتعلة فنياً على الشاشة الفضية ليحيا جنودنا خلالها بينما يموت الآخرون أي الأعداد الذين نصفهم بالغرباء وبأصحاب ديانات مختلفة لهذا فإن عدداً قليلاً من البريطانيين يتعرضون للموت على الشاشات وداخل صالات العرض وهو ما يريد «غوردن براون» أن يقنعنا بإمكانية حدوثه وليس العكس. |
|