تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تأثير بيئة العمل على فيزيولوجيا النساء

مجتمع
الثلاثاء 8-9-2009م
غصون سليمان

تختلف بيئة العمل وتتنوع درجة خطورتها حسب اختصاص وممارسة كل مهنة ما يستدعي على الدوام ضرورة الالتزام بشروط الصحة والسلامة المهنية للتقليل من آثارها السلبية على صحة العاملين ذكورا وإناثا

حيث اهتمت أبحاث الصحة المهنية تاريخيا بدراسة أثر العوامل الضارة في بيئة العمل على الرجل كونه العنصر الأساسي بين عمال المنشآت الصناعة.‏

وبغض النظر عن أن بعض هذه الأبحاث قد تناول المرأة العاملة وخصوصيات تأثرها بهذه العوامل، إلا أن هذه الدراسات لم تكن كافية كما يجب لتضيء كافة جوانب هذه المسألة، خاصة وأن عمل المرأة لا يفسح المجال لتأثرها فقط بل يوفر الإمكانية الحقيقية لتأثر الأجيال المقبلة أيضا، أي أطفالها في مرحلة الحمل أو الإرضاع.‏

هذه الهواجس وضعت على سبيل المثال الكثير من جداول السماحية للمواد الكيميائية على أساس تجارب أجريت على الرجال ولا يعرف تأثيرها الحقيقي على النساء كما تؤكد الصيدلانية صبا حاتم من المعهد العربي للصحة والسلامة المهنية بدمشق التابع لمنظمة العمل العربية، وكذلك بالنسبة لمعالم البيئة الفيزيائية من حرارة ورطوبة وضجيج واهتزاز وإشعاع إضافة الى التصميم الأرغونومي «التلاؤمي» للآلات والمعدات وأمكنة العمل وأنظمته، وأوقات العمل والراحة التي تصمم حسب الدراسات بشكل يناسب الرجال دون أن تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات التشريحية الفيزيولوجية لعضوية المرأة وأوضاعها المتغيرة دوريا وما يعتريها من مراحل مختلفة بجوانب الحمل والإرضاع.‏

لا صدى لتطبيقها‏

ورغم تطرق العديد من التشريعات الوطنية في معظم دول العالم لأهمية الالتزام بتطبيق معايير بيئة العمل إلا أنه في كثير منها لا صدى له في التطبيق على أرض الواقع، مشيرة الصيدلانية حاتم الى وجود بعض الآراء والمواقف غير العلمية بدوافع تمييزية جنسية أو استقلالية حيث يمكن تلخيصها بنزعتين متطرفيتن الأولى تقلل الى حد بعيد من إمكانية عمل المرأة الى حد استهجان وتحريم هذا الأمر تحت مختلف الذرائع، وإن سمح بعضهم بعمل المرأة فلن يعطها الأجر المتساوي لنفس العمل الذي يقوم به الرجل، وهكذا تستغل أوضاعها الفيزيولوجية لحرمانها من العمل أو من بعض الميزات بحجج واهية.‏

فيما النزعة الثانية تستغل بأبشع الصور والأشكال الجسدية والنفسية عمل المرأة دون أن تكترث بالعواقب الصحية عليها ووظيفتها ككائن هي وكجسد ونفس وإنسان يقوم الى حد كبير في وظيفة الانجاب وضغط النوع، في حين نرى في ذات المشهد ممن يبالغ في الحديث عن ميزات أجساد النساء والبراعة الفائقة لأصابعهن وصبرهن الذي لا يعرف الحدود وذلك تبريرا لتكليفهن بأعمال مخزية أو رديئة لا تليق أحيانا بالكرامة البشرية، وفي أحيان أخرى يتم تشغيلهن بمهن مرهقة ورتيبة ما يدفعهن بغالب الأوقات الى حافة الجنون واليأس.‏

في سوق العمل‏

وتؤكد الصيدلانية حاتم أنه طالما تشكل النساء نصف المجتمع وتتزايد نسبتهن باطراد في سوق العمل نظرا للدافع الاقتصادي بالدرجة الأولى وأخرى اجتماعية وثقافية تتباين من بلد لآخر ألا تستحق هذه المرأة التي أثبتت كفاءتها وقدرتها وفاعليتها في كثير من مواقع العمل والانتاج وتفوقت في أماكن أخرى بشكل إيجابي وعلمي لعديد من الاختصاصات المهنية الحيوية من ضرورة التخلص من هذه النزعات عبر التركيز على دراسة فيزيولوجية عمل النساء وتصميم بيئة العمل والعمليات الانتاجية ووضع المعايير التصحيحية بناء على دراسات جدية وحقيقية تلحظ خصوصيات عمل المرأة.‏

كما سلطت الضوء أيضا على تأثير المخاطر الكيميائية على صحة المرأة العاملة وفق تصنيف هذه المواد وطرق دخول المواد السامة الى الجسم وأشكال تأثيراتها الحادة والمزمنة، الموضعية والجهازية لجملة الأعضاء والأجهزة المستهدفة إذ غالبا ما يكون الجهاز العصبي المركزي مستهدفا في التأثيرات الجهازية للمواد الكيميائية تليه أجهزة دوران الدم والكبد والكلى والرئة والجلد أما العضلات والعظام فهي الأعضاء و«الهدف» للقليل من المواد بينما تكون أجهزة التكاثر الذكرية والأنثوية حساسة للعديد من المواد.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية