تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وقف الاستيطـــان .. رمــــــاد في العيــــون

شؤون سياسية
الخميس 27-8-2009م
د.جهاد طاهر بكفلوني

تشعر الإدارة الأمريكية الحالية بأنها حققت انتصاراً في لعبة عض الأصابع التي اشتعل أوارها بين الإدارة وحكومة رئيس وزراء كيان الإرهاب

(بنيامين نتنياهو) لكنها لاتدري في حقيقة الأمر على من حققت هذا الانتصار على نفسها؟ أو على (نتنياهو)؟!‏

وهل تستطيع هذه الإدارة أن تنسب النصر إلى نفسها أو أن هناك أطرافاً أخرى يمكن أن تدعي أنها كانت طرفاً مباشراً أو غير مباشر فيه؟!‏

أما الانتصار فهو إقدام الحكومة الإسرائيلية على الإعلان أن (نتنياهو) مستعد لإعلان وقف مؤقت للاستيطان تلبية لطلب (واشنطن) مع الاستمرار في الوقت نفسه بتنفيذ مشاريع البناء القائمة حالياً في المستوطنات.‏

وقد تزامن هذا الإعلان مع أنباء عن تفكير بعض الوزراء الإسرائيليين باستعادة مستوطنات تم إخلاؤها من قبل، فكيف يمكن فهم الاتجاه الذي تسير فيه العربة الإسرائيلية في موضوع وقف الاستيطان؟!‏

الإعلان كما تراه (واشنطن) يشكل في نظرها حافزاً للادعاء أنها انتصرت بعد جولات طويلة من الإقناع أريق فيها ماء وجه الإدارة الأمريكية أمام العام مرات عدة، وبدا العالم مقتنعاً أن هذه الإدارة لاتملك من أوراق الضغط على الحكومة الإسرائيلية شيئاً.‏

وكلنا يعرف أن المحاولات الأمريكية لثني الكيان الصهيوني عن المضي في بث حلقات جديدة من مسلسل تجريف الأراضي الفلسطينية ومصادرة المزيد منها تمهيداً لبناء الكتل الاستيطانية المنتشرة سرطانياً في معظم أجزاء فلسطين المحتلة، جاءت في الوقت الذي تحركت فيه بعض الدول المؤثرة في العالم طالبة من الصهاينة وقف هذا المسلسل الإجرامي، من هنا شعرت (واشنطن) أن لها شركاء في النصر إذا سلم العالم بأنه نصر حقيقي، وهو في الواقع انتصار محدود صغير إلى حد تصبح فيه رؤيته غاية في الصعوبة!.‏

وهكذا يرى (نتنياهو) اليد الأمريكية ممدودة برجاء حار لعدم إعادتها مسربلة بالخجل فيجود عليها مناناً بموافقة مشروطة بزمن ترك بابه مفتوحاً ليمارس لعبة الوقت مع الإدارة الأمريكية كما يحلو له، ويمعن في استغلالها وابتزازها!‏

هناك طلبات استدراج عروض للبناء في المستوطنات حتى نهاية عام 2010، وهذه المسألة تعامل معها (نتنياهو) بخبثه المعهود عنه فلم ير مانعاً من وقف هذا الطلبات، لكن هذا الوقوف ليس فيه ضمانة الاستمرار وماهو إلا ذر للرماد في العيون، ولن يستغرب العالم إقدام (نتنياهو) على التراجع عن قراره، وإعطاء الموافقة من جديد على قبول هذه الطلبات فهو نسخة طبق الأصل عن تلك التي تنقض غزلها أنكاثاً.‏

وإذا عاد (نتنياهو) إلى طبيعته الإجرامية التي تنادي بتكريس الاستيطان، وسمح بانطلاق عربته مرة أخرى، وتقدمت الإدارة الأمريكية منعه معاتبة كان الجواب المحضر سلفاً إن هناك قوى سياسية أخرى تضغط باتجاه توسيع حركة بناء المستوطنات عرضاً وطولاً، وإيقاع الإدارة الأمريكية في مطب الخجل أهون عليه عشرات المرات من رفض مطالب تلك القوى السياسية!‏

الرئيس الأمريكي (باراك أوباما) رأى من جانبه أن هذا الإعلان خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكي لايشم الساسة الإسرائيليون في كلماته شيئاً من التحيز للحق العربي أوالتعاطف الضمني مع الشعب العربي الفلسطيني، تابع الرئيس الأمريكي كلامه خلال استقبال الرئيس المصري حسني مبارك قائلاً:«لدي أمل في رؤية خطوات، ليس من الإسرائيليين فقط وإنما أيضاً من الفلسطينيين للمضي قدماً وإحراز تقدم في مجال الأمن وفي أن تظهر الدول العربية حسن نية تجاه إسرائيل».‏

كلمات يستشف المراقبون منها حرص الإدارة الأمريكية على عدم الاقتراب من العلاقة المميزة التي تجمع بين (واشنطن) وطفلتها المدللة (إسرائيل) وإذا فتحنا القاموس السياسي فلن تجد تفسيراً ولا تأويلاً ولاشرحاً لمصطلح (حسن النية) الذي يجب أن تظهره الدول العربية لإسرائيل لأنه معنى خيالي ليس موجوداً إلا في ذهن كل من يدعم هذا الكيان الغاصب المعادي للإنسانية كلها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية