تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كرة النسيج بملعب الصناعيين الحلبيين.. مدير المعمل التركي يتحدث لغتين أجنبيتين.. والسوري يعمل بطريقة «الحجي»

اقتصاديات
الخميس 27-8-2009م
قاسم البريدي

نجحت ندوة (5000 عام من النسيج السوري) التي أقيمت مؤخرا بحلب في رسم صورة بانورامية لواقع ومستقبل أم الصناعات السورية ونقاط الضعف والقوة فيها .

وشكلت الندوة نموذجا ناجحا للحوار الحكومي المباشر مع القطاع الخاص لتثبت مجددا أن مقولة (قلمك أخضر ) الموجهة لكل صناعي سوري مازالت سارية المفعول فالاقتراحات المنطقية والصحيحة غير المبالغ بها ستتحول إلى قرارات تخدم الصناعة وتعزز مكانتها .‏

وقدم علي أحمد منصورة محافظ حلب استجابة فورية للصناعيين حيث أعلن أن تقنين الكهرباء للصناعة أصبح منذ إطلاق الندوة لمدة ساعة واحدة فقط ، مشيرا إلى إجراءات المحافظة لتهيئة المناخ الملائم لتطوير صناعة النسيج التي لها تاريخ عريق بحلب سواء في تسوية أوضاع المنشآت أو في تأمين الطاقة والعمل على استقرار المنشآت وتأمين كل أنواع الخدمات لها.‏

صورة متفائلة‏

وتبدو الصورة متفائلة تماما وفقا للأرقام التي كشفها خلال الندوة د. فؤاد عيسى الجوني وزير الصناعة فالمنشآت النسيجية المغلقة نتيجة الأزمة العالمية عددها لا يتجاوز 46 منِشأة فقط وما نشر من أرقام مبالغ بها غير صحيح فالصناعي الذي تغلق منشأته يعلم الوزارة كي لا يكلف بالضريبة .‏

و أوضح الجوني بأن صناعة النسيج تطورت بشكل لافت خلال ثمان سنوات بدءا بعام 2000 حيث يبلغ حاليا عدد المنشآت على القانونين( 21 و الاستثمار) نحو 10215 منشأة أمنت 58219 فرصة عمل ويستثمر فيها 45 مليار ليرة ،وحظيت حلب بأكبر حصة بلغت 51% من حجم الصناعات النسيجية متفوقة فيها على دمشق التي تحوي 19% و ريف دمشق التي تحوي 18% و حمص التي تحوي 7% ومادون ذلك لباقي المحافظات مع غيابها عن القنيطرة .‏

وأشار إلى نمو الصادرات اعتباراً من 2005 و هو العام الذي بدأ فيه تطبيق أحكام منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي أثرت إيجاباً على صناعة النسيج السورية و صدرت سورية عام 2007 ما قيمته ملياررا دولار (94.5مليار ليرة ) من الأقمشة و الألبسة وإن كانت الأولى تفوقت على الثانية خلافاً لما هو معتقد ، وهذا الرقم قابل للزيادة خلال هذا العام والأعوام المقبلة بتقديم بعض المساعدات و التسهيلات التي يطلبها الصناعيون.‏

الحكومة قدمت والصناعيون (طنشوا )‏

وفي رده على مداخلات الصناعيين أكد الوزير الجوني أن ما يقال عن الرسوم الجمركية لمستلزمات الإنتاج المرتفعة غير دقيق فهي فقط 1% ولا تشكل عبئا على الصناعيين والقول بالنتيجة أن الصناعة النسيجية السورية على مفترق طرق غير صحيح فالتطور مستمر و واضح جدا خلال السنوات الأخيرة سواء بعدد المنشآت والعمال أو بحجم إنتاجها وصادراتها ويلقي وزير الصناعة الكرة في ملعب الصناعيين أنفسهم فالحكومة قدمت الكثير لهم فيما لم يلمس المواطن منهم أي انخفاض في الأسعار، ولم يبادروا لتسجيل عمالهم في التأمينات الاجتماعية رغم أن قانون العمل الجديد وضع بمشاركة القطاع الخاص مع نقابات العمال .‏

وقال موجها كلامه للصناعيين : البقاء ضمن المنافسة لا يعني أن تحصل على دعم حكومي فقط بل أن تبدأ بإدارة جيدة تضبط تكاليف الإنتاج وتقلل الهدر وتحقق الجودة المطلوبة والسعر المنافس ، والحكومة عندما تدعم القطن السوري فهي تدعم الصناعة بشكل غير مباشر إضافة لأن الكهرباء والفيول مازالت أسعارها مدعومة وعلينا أن نكون واقعيين ونراجع أنفسنا وشركاتنا .‏

انتهى عصر (الحجي )‏

و إضافة للمعوقات الروتينية المعروفة في الجمارك والنقل والتصدير ، اعترف الصناعيون بمسؤوليتهم أيضا ولم ينس محمد صباغ شرباتي رئيس غرفة صناعة حلب عندما تحدث مفصلا عن حقوق الصناعيين أن يتحدث كذلك و بجرأة عن واجباتهم لأخذ زمام المبادرة فالصناعي التركي سر نجاحه أنه يعرف لغتين أجنبيتين غير لغته الأم ويستخدم الانترنت والتقنيات العالية في إدارة شركته ولهذا يجب تطوير إدارة معاملنا فنظام “ الحجي والمعلم “ القديم القائم على الخبرة المتوارثة انتهى من العالم ولابد من إيجاد بديل عصري فيه إدارة مالية وأقسام جودة وتطوير وإبداع وتسويق لا الاستمرار بأسلوب عمل قبل خمسين عاما .‏

وبالمقابل طالب شرباتي باستمرار دعم الحكومة عبر خفض تكاليف مكونات الإنتاج على قدم المساواة مع الدول المنافسة فالكهرباء مثلا في مصر والصين والهند أرخص من سورية ولابد من قرار جريء يقدم الفرق للصناعيين لأن نجاح التصدير يتوقف على ذلك .والملاحظة الأخرى التي أثارتها الندوة هي ازدياد تضارب مصالح الصناعيين أنفسهم ومع التجار أيضا دون وجود ترابط قوي أو مجرد حديث أو تعاون بين صناعي وآخر وصولا إلى مبدأ الصناعة العنقودية حيث يؤدي تكامل الصناعة إلى تخفيض أسعار المواد الأولية وتكاليف الإنتاج وزيادة المردودية والابتكار وصولا لقوة المنافسة والميزة النسبية لسورية في صناعة النسيج والأزياء .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية