تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«الجمعية الأدبية» .. الابتسامة لم تلغِ جدية المضمون

ثقافة
الخميس 27-8-2009م
آنا عزيز الخضر

مقاربات متنوعة ودقيقة، وجهات نظر متعمقة في البيئة الاجتماعية جنباً إلى جنب لما تفرزه من منظومات أخرى بمفاهيمها

وأفكارها وتقاليدها، تعمق بها العرض المسرحي (الجمعية الأدبية) وتمادى في السمات المحلية بجدارة رغم أن الإعداد المسرحي كان عن نص عالمي، حيث التقطت أحداث العرض تفاصيل حساسة جداً استندت إلى ظواهر كرست ملامح ثقافية تختص بها دون غيرها ورغم غوغائيتها تكاد تكون راسخة، كما أن استخدام العرض للابتسامة لم يخفف من جديته واقترابه من الواقع حيث كشف أبعاد الحالة وتبعاتها، فهناك علاقات في تلك الجمعية محكومة بالمصالح الضيقة رغم الادعاءات الرنانة ورغم تميز تلك الشريحة من الناس لذلك كانت تلك الشعارات الراقية ليست إلا استثماراً حمل الكثير من التقزيم لمعانيها، فالجمعية ضمت بما ضمته أناساً يفترض بهم صفوة المجتمع، أما الواقع فهو عكس ذلك، فكانوا نموذجاً سلبياً مصغراً عن بيئة هي أكثر شمولية من تلك التي اقتصرت على أفراد الجمعية في اتجاهات كثيرة عبر العلاقات فيما بينهم وعلاقة الحاكم بالمحكوم.. إلخ، حتى في المفاهيم والسلوكيات تجاه الآخرين، فأفراد الجمعية يتمسكون بقيم وأفكار هي متلازمة ثابتة مع أوضاعهم لكنهم يخرقونها بشدة بتصرفاتهم ويعلنون ذلك حتى فيما بينهم ويعتبرونها ميزة تفصلهم عن محيطهم بدلاً من أن يتحملوا المسؤولية الحقيقية المرجوة منهم، ركز العرض على شكل العلاقات ومداها وماهيتها ما بين الشخصيات بقصد التعمق في عوالمها التي تأسرها مصالح تقف عند أصحابها ليس إلا، فهي لم تستطع تجاوز حتى نفسها، فكيف يمكنها الاستيعاب للآخرين أو احتوائهم أو حتى الإنجاز لأي مسؤولية حقيقية عامة، فجسد العرض هنا إشارة هامة إلى خلل تحتمي تحت مظلته فئات تدعي الثقافة، تلك التي لن تكون إلا جوفاء بلا جدوى ومجرد شعارات ما لم تترجم بشكل حقيقي عبر العلاقة الإنسانية، فيوجهه العرض إلى تدني المستوى الثقافي مصوراً مشهده المخيف على الصعيد الثقافي كما هو على أصعدة حياتية أخرى، فالتناول لبيئة يفترض بها نوعية على غاية من الأهمية خصوصاً أنه على أرض الواقع تتواجد فئات ثقافية تعتبر نفسها المالكة الوحيدة للحقيقة وهذه مشكلة بحد ذاتها، أما أداء الممثلين من فرقة باب المسرحية، فكان فيه العفوية والتلقائية التي تسربت بسلاسة ونقلت مضموناً فكرياً بأسلوب فني يزاوج بين الفكرة الجادة والكوميدية وعبر سجال فني متسق وجميل أمتع الجمهور بما قدمه رغم الاستخدام لأدوات مسرحية في منتهى البساطة والتقشف (الجمعية الأدبية) تأليف هنري أوفري واخراج رأفت زاقوت وأداء فرقة باب المسرحية أما إعداد النص المسرحي ف«لعبد الله الكفري».‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية